وجد فريق من الباحثين أنّ البشر سيدفعون الكثير من أنواع الثّديات للانقراض في الخمسين سنة المقبلة، ولن يتعافى التنوّع التطوريّ للكوكب لمدّة 3 – 5 ملايين سنة.
وقد يدخل كوكب الأرض في الانقراض السادس الكبير: وهي مرحلة تتغيّر فيها بيئات الكوكب بشكل كبير ما يؤدّي لهلاك معظم أنواع الحيوانات والنباتات.
يتوقّع الاتّحاد العالميّ للحفاظ على الطبيعة أنّ 99.9 بالمئة من الأنواع المُهددّة بالانقراض بشدّة و67 بالمئة من الأنواع المُعرّضة للخطر، ستختفي في المئة سنة القادمة.
لقد حدثت الانقراضات الخمسة الأخرى الكبيرة على مدار 450 مليون سنة، وكانت الكوارث الطبيعيّة هي المُلامة على ذلك، أمّا الآن فإنّ النشاط البشريّ هو الّذي يقتل أنواع الثديّات.
في دراسة نُشِرَت يوم الأحد في مجلة وقائع الأكاديميّة الوطنيّة للعلوم في الولايات المتحدة الأمريكيّة (PNAS) حسب علماء من (جامعة آرهوس – Aarhus University) في الدنمارك مدى سرعة الانقراضات الحاصلة وكم هي المدّة التي سوف يستغرقها التطّور ليُعيد الكرة الأرضيّة لمستوى التنّوع الحيويّ الذي تملكه اليوم.
وِفقًا للعلماء فإنّه في أفضل سيناريو ستحتاج الطبيعة 3 – 5 ملايين سنة لاسترجاع مستوى التنوّع الحيويّ الذي نملكه على الأرض اليوم.
كما أنّه قد تستغرق العودة لحالة المملكة الحيوانيّة للأرض التي كانت قبل تطوّر الإنسان الحديث مدّة 5 – 7 ملايين سنة.
لن يستطيع التطوّر المواكبة
يُعتَبَر التطور آليّة الدفاع التّي يستخدمها الكوكب ضدّ خسارة التنوع الحيويّ.
إذ أنّ تغيُّر المَواطِن والمناخات سيؤدي لهلاك الأنواع التي لن تستطيع النجاة، وعندها ستظهر أنواع جديدة ببطء.
ولكنّ هذا يستغرق الأنواع الجديدة وقتًا طويلًا لملء الفراغات، وتلك العمليّة هي أبطأ بكثير من المعدّل الذي يدفع فيه البشر الحيوانات للانقراض.
في حساباتهم، استخدم باحثو جامعة آرهوس قاعدة بيانات تحوي أنواعَ الثّديات التي تُعتَبَر في طور الانقراض، بالإضافة للثدييات التّي قد انقرضت بالفعل وذلك بسبب انتشار البشر عبر الكوكب.
وقاموا بدمج هذه البيانات بمعلوماتٍ حول الانقراضات المُتوقّع حدوثها في الخمسين سنة المُقبلة، واستخدموا مُحاكاةً مُتقدّمةً للتطوّر، وذلك من أجل توقّع كم من الوقت سيستغرقه التعافي.
اعتمدت بياناتهم على افتراضٍ تفاؤليّ وهو أنّ البشر سيتوقّفون بالنهاية عن تخريب المواطن الطبيعيّة والتّسبّب بهلاك الأنواع، وسيعود معدّل الانقراض للانخفاض.
ولكنّ حتّى في أفضل الأحوال فإنّ الخط الزمنيّ يعتمد على مدى السرعة التي تبدأ فيها الثدييات بالتعافي.
فإذا لم يبدأ معدّل الانقراض بالانخفاض في السنوات 20 – 100 المقبلة، فمن المحتمل أن تختفي المزيد من الأنواع مُسبّبةً خسارة أكبر للتنوّع، هذا كما أشارت الدراسة.
كما أشار الباحثون إلى أنّ أنواعًا مُعيّنة في نموذجهم قد أُعطيت أهميّةً أكثر من غيرها.
استشهد (مات ديفيس – Matt Davis) عالم الحفريات في جامعة آرهوس والذي قاد الدراسة بمثال حيوان الزبابة.
يوجد مئات الأنواع من الزبابة -أحد الحيوانات آكلة الحشرات ويشبه الفأر- لذلك إن انقرض واحد أو اثنين منها فإنّ ذلك لن يُفني جميع كائنات الزبابة على الأرض.
ولكن كان هناك أربعة أنواع فقط من السِّمِيلُودُون – الاسم العلمي: “Smilodon” وهو جنسٌ مُنقرضٌ من السِّنوريَّات سيفيَّة الأسنان – على الكوكب.
لذا عندما انقرضت جميعها فإنّ الكثير من سنوات التاريخ التطوريّ اندثرت معها.
(الثديات العملاقة – megafauna)، كحيوانات الكسلان العملاقة والنمور سيفيّة الأسنان والتي انقرضت قبل حوالي 10,000 عام اختلفت بشكلٍ كبيرٍ من الناحية التطوريّة كما قال ديفيس في بيانٍ صحفيّ.
«نتيجةً لكون هذه الحيوانات تمتلك القليل من الأقرباء المُشابهين، فإنّ انقراضها يعني أنّ فروعًا كاملةً من الشجرة التطوريّة للأرض قد قُطعت».
بإمكان البحث مساعدة ناشطي البيئة
تواجه اليوم الحيوانات الضخمة الأخرى مثل وحيد القرن الأسود الانقراض. تُشير الدراسة أنّ احتمالات الفيلة الأسيويّة للبقاء في القرن 22 هي أقلّ من 33 بالمئة.
إذ تُعتَبر هذه الفيلة أحد نوعين ناجيين فقط من مجموعة الثديّات التي ضمّت المستودون – حيوانات ضخمة منقرضة من طائفة الثدييات – والماموث.
وصرّح (جينس-كريستيان سفيننغ – Jens-Christian Svenning) أستاذ في جامعة آرهوس والذي يقوم بالبحث عن الحيوانات الضخمة في البيان الصحفي: «نعيش الآن في عالمٍ أصبح فقيرًا بشكلٍ كبير من أنواع الثدييات البريّة الضخمة».
«أمّا الحيوانات العملاقة القليلة الباقية – مثل وحيد القرن والفيلة – فهي مُعرّضة لخطر القضاء عليها بسرعةٍ كبيرةٍ».
كما أشار إلى أنّ هذا الكوكب لم يعُد يضُمّ القنادس العملاقة، أو الغزلان العملاقة، أو حيوانات المُدرّع العملاقة.
وعلى الرغم من أنّ نتائج الباحثين مؤلمة، فقد صرّح العلماء بأنّه من الممكن استخدام عملهم لاكتشاف أيّ الأنواع المُعرّضة للخطر تُعتبَرُ فريدة من الناحية التطوريّة، وأيٌّ منها يمكنه أن يساعد ناشطي البيئة على تحديد أماكن تركيز جهودهم لمنع الانقراضات الأكثر تدميرًا.
نُشرت المقالة الأصليّة بواسطة: “Business Insider”
- ترجمة: عدي بكسراوي.
- تدقيق: آية فحماوي.
- تحرير: عيسى هزيم.
- المصدر