أظهرت تجارب لقاح التصلب المتعدد نتائج جيدة على فئران التجارب، إذ أخّر اللقاح بداية المرض، وخفف شدة الأعراض، وتلافى سلبيات العلاج الحالي بمثبطات المناعة. نشر هذه النتائج في صحيفة (science) فريق بيونتك (BioNTech)، بعد النجاح الذي حققه في طرح لقاح كوفيد-19، متبعًا نهجًا مشابهًا لتحضير لقاح التصلب المتعدد.
التصلب المتعدد -أو التصلب اللويحي- مرض مناعي ذاتي مزمن، فيه يهاجم الجهاز المناعي الخلايا العصبية في أنحاء الجسم مؤديًا إلى تخريبها، مسببًا أعراضًا متفاوتة الشدة، إذ قد يعاني بعض المصابين العمى الجزئي أو الضعف العضلي أو صعوبة التنسيق الحركي والحاجة إلى كرسي متحرك، إضافةً إلى اختلاف الاستجابة للعلاج، ولُوحظ أيضًا تنوع بداية الأعراض وتكرارها.
ما تزال الأسباب الكامنة وراء الإصابة بهذا المرض غير معروفة تمامًا، لكن تشير أصابع الاتهام إلى عوامل وراثية، إذ اكتُشف وجود استعداد وراثي يُفعل بعوامل محيطية معينة لدى بعض الأشخاص. يمكن حدوث التصلب المتعدد في جميع الأعمار، وإن كان أكثر شيوعًا بين المرضى الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و40 عامًا، وتُعد إصابة الإناث أكثر شيوعًا بضعفين إلى 3 أضعاف مقارنةً بإصابة الذكور.
من الأنماط السريرية للمرض:
- النمط الناكس الهاجر، الأكثر شيوعًا.
- النمط المعزول (بداية ظهور الأعراض).
- النمط المترقي البدئي.
- النمط المترقي الثانوي.
تتضمن العلاجات الحالية تخفيف الأعراض بالعلاج الدوائي المثبط للمناعة، أو بتكثيف الخلايا الجذعية المكونة للدم، تثبط هذه الطريقة الجهاز المناعي قبل إعادة تكاثر الخلايا المسببة لتضرر الأعصاب. هذه العلاجات وقائية فقط، إذ لا تفيد في استعادة الوظيفة العضلية لدى المرضى، إضافةً إلى اقتصار نجاحها على بعض حالات التصلب المتعدد، لذا فهي صعبة التنفيذ وغير مضمونة النتائج.
طوّر فريق «بيونتك» لقاحًا يستخدم الحمض النووي الريبوزي الرسول (mRNA) الذي يجعل الخلايا العصبية مألوفةً للخلايا التائية فلا تهاجمها. تنظم الخلايا التائية الاستجابة المناعية وتُطلق سايتوكينات مسببة للالتهاب. يحدث تضرر الأعصاب بعد أن تتعرف الخلايا التائية على المايلين، البروتين المحيط بالأعصاب، بوصفه جسمًا غريبًا.
يحتوي اللقاح على مستضدات لنوع من الخلايا التائية «المنظمة»، التي تثبط الاستجابة المناعية. يجعل اللقاح الخلايا التائية المنظمة تتحمل البروتينات المرتبطة بالمايلين، فيمنع الخلايا المناعية التائية من مهاجمة الأعصاب.
جرب الباحثون اللقاح على فئران التجارب المصابة بالتصلب المتعدد باستخدام جسيمات نانوية صغيرة تستهدف الخلايا التغصنية، خلايا مناعية تفعل الخلايا المناعية الأخرى، وذلك لمعرفة تأثيراته في سير المرض. لُوحظ تحسن الأعراض وتثبيط استجابة الخلايا التائية المسؤولة عن بداية التصلب المتعدد. كان التأثير مقتصرًا على الأنسجة، أي أن اللقاح لا يثبط سائر الجهاز المناعي، ومن ثم يتلافى التأثيرات الجانبية للعلاجات الأخرى المتبعة.
توحي النتائج بنجاح كبير، يدفعنا إلى المزيد من أبحاث لقاحات الحمض النووي الريبوزي الرسول وعلاجاته، التي تحمل أملًا واعدًا في العلاجات الشاملة، لأنها قابلة للإنتاج بكميات كبيرة وذات تكلفة مقبولة إضافةً إلى فعاليتها في علاج بعض حالات السرطان المستعصية. يواجه المتخصصون في تحضير تلك العلاجات نقصًا في جزيئات النقل الهادفة والآمنة ومشكلات متعلقة بالجرعات، لكن يبدو أن علاجات الحمض النووي الريبوزي الرسول الواعدة ستصبح أساسيةً في مستقبل الطب.
اقرأ أيضًا:
الحمية الملائمة لمرضى التصلب المتعدد
علاج جديد لمرضى التصلب المتعدد بالخلايا الجذعية
ترجمة: نغم سمعان
تدقيق: يمام بالوش
مراجعة: أكرم محيي الدين