قد يبدو الأمر وكأنه حبكة فيلم خيالي، إذ ينتشر مرض غامض آكل للحوم، لا أحد يعلم كيفية إيقافه، ويواجه مسؤولو الصحة في أستراليا هذا الوضع من خلال محاولتهم علاج وباء مترقّي عن حالة تدعى قرحة بورولي.
شهدت أستراليا في السنوات الأخيرة ارتفاعًا سريعًا في حالات قرحة بورولي، وهي عدوى تسبب تقرحات على الجلد قد تؤدي إلى تدمير الجلد والأنسجة الرخوة، وبلغ عدد الإصابات المبلّغ عنها في أستراليا عام 2017 حوالي 186 حالة، مقارنة بـ 74 حالة لعام 2013، أي ما يكافئ زيادة قدرها 150%.
وفقًا لمنظمة الصحة العالمية (WHO)، كما شهدت الحالات ازديادًا أكبر في عام 2017 وفقًا لتقرير جديد من باحثي فيكتوريا في أستراليا مع 286 حالة مستقصاه لتلك السنة، وما يزيد الأمر سوءًا أنّض العلماء حتّى الآن غافلين عن كيفية انتشار قرحة بورولي، أو كيفية الوقاية من العدوى.
كتب الباحثون في تقرير نُشر لهم يوم 16 أبريل في الدورية الطبية بأستراليا: «إننا جميعًا نواجه وباءً يتفاقم بسرعة لمرض عسير دون معرفة كيفية الوقاية منه»، وأضافوا: «لذا نحتاج لاستجابة عاجلة للتصدي للمرض».
لا تعد قرحة بورولي فريدة من نوعها في أستراليا.
إذ تم الإبلاغ عن هذه الحالة في 33 دولة في أفريقيا وأمريكا الجنوبية وغرب المحيط الهادئ، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، وسجلت عام 2016 حوالي 2206 حالة في جميع أنحاء العالم، مع احتواء أستراليا ونيجيريا على معظم الحالات، وشهدت أستراليا ارتفاعًا حادًا في عدد الحالات منذ عام 2013.
على الرغم من بدء الإبلاغ عن حالات مماثلة في أستراليا منذ عام 1948، ووضّح التقرير أنّ الوضع مثير للقلق بشكل خاص في فيكتوريا حيث يبدو أنّ الحالات زادت حدتها وبدأت تحدث على رقع جغرافية جديدة.
تنجم قرحة بورولي عن أحياء دقيقة تسمى المتفطّرات المقرّحة، تنتمي إلى نفس عائلة الأحياء الدقيقة التي تسبب مرض السل والجذام، وتنتج هذه الأحياء سمًّا يدمر الأنسجة ما يؤدي إلى قرحات كبيرة غالبًا ما تتكون على الأذرع أو الساقين، وقد يعاني المرضى مع غياب العلاج المبكر من إعاقات طويلة الأمد، مثل حركة مفصلية المحدودة أو قد يتطلب جراحة تجميلية.
على الرغم من أنه غير واضح بالضبط كيفية انتشار المرض، إلا أن الباحثين كوّنوا بعض النظريات إذ قد ينتقل المرض على سبيل المثال إلى البشر من الحشرات الموجودة في الماء، وفقًا للمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها. اقتُرح البعوض خصوصًا كحامل للمرض، إذ تم العثور على حشرات ايجابية اختبار احتواء المتفطرة المقرِّحة، وأشار التقرير الجديد إلى ربط استخدام المبيدات الحشرية مع انخفاض خطر العدوى.
تم اكتشاف أن الحيوانات في استراليا كالأبوسوم والكلاب والقطط والكوالا تطوّر قرحة بورولي، لكن لا يزال من غير المؤكد ما إذا كانت تلعب دورًا في انتشار المرض وفقًا للتقرير، وتشير الأدلة الأخيرة إلى أنّ العدوى لا تنتقل من شخص لآخر، ودعا الباحثون إلى إجراء دراسة شاملة ومفصلة للبيئة والحيوانات المحلية والسلوك البشري وخصائصه، والتآثرات بينها جميعًا لفهم المرض وعوامل خطورته بشكل أفضل،
وانتهى الباحثون إلى القول: «فقط عندما نكون مسلّحين بهذه المعرفة الضرورية يمكننا أن نأمل بوقف تأثير هذا المرض المدمر من خلال تصميم وتنفيذ تدخلات الصحة العامة الفعالة».
- ترجمة: مريم عيسى.
- ندقيق: لؤي حاج يوسف.
- تحرير: رؤى درخباني.