استطاع الباحثون تشتيت البرق باستخدام تسديدة ليزرية قوية إلى السماء، في سابقة علمية لم تحدث من قبل، ونُشرت النتائج في مجلة نيتشر فوتونيكس في 16 يناير عام 2023.
استطاع شعاع الليزر القوي تحويل مسار صاعقة البرق مسافة 60 مترًا تقريبًا لجعله يصطدم بمانع الصواعق، ما أدى إلى تحسين وظيفة المانع تحسينًا كبيرًا.
تظهر نتائج البحث أنه يمكن استخدام الليزر مستقبلًا للحماية ضد العواصف الرعدية الخطيرة التي تقتل نحو 43 شخصًا في الولايات المتحدة كل عام، وكلفت ملاك المنازل هناك ما يقرب من مليار دولار أمريكي في مطالبات التأمين عام 2022.
استخدام الليزر مانعًا للصواعق:
نوه عالم الأبحاث في مختبر البصريات التطبيقية في الجامعة السويسرية EPFL ومنسق المشروع أوريليان هوارد في منشور له على الموقع الفرنسي بوليتكنيك إنسايتس: «تعود فكرة استخدام مانع الصواعق بالليزر إلى أوائل السبعينيات».
ترتكز تلك الطريقة على مبدأ بسيط، إذا كانت أشعة الليزر قوية بما يكفي، فإنها تسخن الهواء بدرجة كبيرة للدرجة التي تحفز جزيئاته على تحرير إلكتروناتها، ويؤدي ذلك إلى إنشاء قناة مليئة بالإلكترونات المشحونة على طول مسار شعاع الليزر، ومن ثم تجذب هذه الإلكترونات صواعق البرق التي تبحث عن أقل المسارات المقاومة للكهرباء بين السحب والأرض.
واجهت التجربة مشكلة وهي أن هذه القناة عمرها قصير للغاية، كذلك أشعة الليزر كانت تومض بتقطع.
تمكن العلماء من تحويل مسار البرق في المختبر، لكن لم يتمكنوا من ذلك في ظروف البيئة الطبيعية، لهذا طور العلماء ليزرًا قويًا قادرًا على إطلاق نبضات عالية الطاقة تقدر بألف نبضة في الثانية للتأكد من بقاء القناة مفتوحةً فترة كافية لانحراف البرق في أثناء العاصفة.
كان المشروع تعاونًا مشتركًا بين جامعة جنيف UNIGE، ومختبر البصريات التطبيقية في الجامعة السويسرية EPFL، وجامعة العلوم التطبيقية في فرنسا، وشركة ترومبف للعلوم الليزرية في ألمانيا.
صرح هوارد لصحيفة وول ستريت أن نبضات الليزر كانت أسرع بمئة مرة من الليزر السابق، ويعني ذلك أن فرصة الليزر لاصطياد البرق زادت مئة مرة.
تجربة الليزر على قمة جبل سويسري:
أحضر العلماء جهاز الليزر الذي يبلغ وزنه 3 أطنان إلى قمة جبل سانتيس في سويسرا البالغ ارتفاعه 2400 مترًا، لتجربة الأجهزة الجديدة، على أن يُشغل في أي وقت تتنبأ فيه توقعات الطقس بعواصف رعدية. يتميز هذا المكان بوجود برج اتصالات يبلغ ارتفاعه 120مترًا، ويصيبه البرق بمعدل مئة مرة على الأقل سنويًا. تمكن العلماء أخيرًا ولأول مرة من تسجيل صاعقة طبيعية تلاحق شعاع الليزر قبل أن تضرب البرج.
يضيف جان بيير وولف، أستاذ الفيزياء التطبيقية في جامعة جنيف، في مقطع فيديو مصاحب للنتائج قائلًا: «كنا نحتاج بالتأكيد إلى تحليل المزيد من البيانات بعد التجربة، لكن تلك الصورة تغني عن ألف كلمة، لم يكن هناك مجال للشك، وعندما رأيت هذه الصورة علمت أننا نجحنا».
معدات الحماية من الصواعق تحتاج إلى تطوير:
يُعطي هذا الاكتشاف الأمل في أنه يومًا ما قد يوفر الليزر طريقةً جديدة نحن في حاجة إليها للحماية من البرق. ووفقًا لبيان صحفي مصاحب للنتائج ذُكر فيه:
«تظل قضبان الحماية من الصواعق الحالية التي اخترعها بنجامين فرانكلين هي أفضل شكل من أشكال الحماية لدينا ضدها، لكن مشكلتها أن مدى حماية قضبان الصواعق هو بقدر طول القضيب فقط، وتلك مشكلة لأنه يعني أن قضيبًا يبلغ طوله ثلاثة أمتار سيحمي أي شخص على بعد ثلاثة أمتار منه، ولكن ليس أبعد من ذلك، في حين أن شعاع الليزر بإمكانه الوصول عاليًا إلى السحاب».
صرح وولف لشبكة سي إن إن قائلًا: «وجدنا أن الصاعقة قد تتبع شعاع الليزر مسافة 60 مترًا تقريبًا قبل وصولها إلى البرج، وهذا يعني أن الليزر زاد نصف قطر مساحة الحماية من 120 مترًا إلى 180 مترًا».
الخطوة التالية هي محاولة تطوير ليزر يمكنه الوصول عاليًا إلى السماء، وهذا ممكن من الناحية النظرية. تحفظ هوارد في تصريح له في صحيفة وول ستريت من أن هذه التكنولوجيا على الأرجح تحتاج على الأقل إلى عشر سنوات من التحسينات كي تتوافر في السوق.
اقرأ أيضًا:
ترجمة: عمرو أحمد
تدقيق: باسل حميدي