يقلل عدم تكافؤ الفرص من دوافع الناس بمن فيهم الذين يستفيدون من المزايا غير العادلة. وجد الباحثون في دراسة جديدة أجرتها كلية لندن الجامعية أن الاختلاف الكبير في المكافآت المقدمة على العمل نفسه تقلل من سعادة العاملين بجعلهم أقل حماسًا لمتابعة العمل.
يقول دكتور فيليب جيسيارز، عالم النفس واللغة في جامعة لندن: «لقد وضحنا الآثار النفسية لعدم المساواة في الفرص، وضررها على إنتاجية الشخص ورفاهيته، إذ تبين النتائج كيف تساهم الآليات النفسية في ارتفاع معدلات البطالة وانخفاض معدلات التحصيل الجامعي، فمن الصعب تحفيز نفسك للعمل إذا علمت أن الآخرين الذين يبذلون جهدك نفسه سيحصلون على مكافأة سخية».
طُلِب من المشاركين في الدراسة أداء عمل بسيط مقابل بعض المال، وقد علموا أن بعضهم سيأخذ أجرًا مرتفعًا مقابل العمل نفسه، مع إتاحة الفرصة لرفض العمل في مهام معينة، ثم سئلوا عن شعورهم.
لاحظ الباحثون انخفاضًا في الاستعداد للعمل لدى المشاركين عندما علموا باختلاف الأجور وقد شمل ذلك أصحاب الأجور المرتفعة منهم.
أظهرت النتائج أنه لا يقتصر انخفاض حماس الناس تجاه العمل عندما يحصلون على أجر منخفض فقط، بل عندما يرون أن النظام بأكمله غير عادل.
يقول دكتور جيسيارز: «قد يواجه المحرومون اقتصاديًا انخفاضًا في حماسهم ورفاهيتهم بسبب وضعهم الأدنى نسبيًا وتوزيع الفرص غير العادل».
أظهرت النتائج أن التفاوت الكبير في المكافآت أدى إلى مزيد من التعاسة التي ارتبطت بانخفاض الرغبة في العمل. كان الناس أكثر عرضةً لرفض العمل في نظام غير عادل، حتى لو كانوا مستفيدين، مع أن رفضهم يعد قرارًا خاصًا لن يؤثر في مكافآت الآخرين.
يظن الباحثون أن المشاعر السلبية التي تسببها الفوارق التعسفية قد تفسر جزئيًا سبب تعرض الأشخاص المحرومين للقلق والاكتئاب. يقول دكتور جان إيمانويل دي نيفي المشارك في الدراسة من جامعة أكسفورد: «توثق هذه الدراسة مثالًا آخر على حالة فخ الفقر، وهي حالة يسوء فيها وضع الشخص بسبب ظروف عشوائية تقلل من دوافعه للعمل ما يزيد من تدهور وضعه».
يقول البروفيسور تالي شاروت: «أتساءل هل سيؤثر عدم المساواة سلبًا في أولئك الذين يقفون على القمة في العالم الخارجي؟ هذا ما يتعين علينا دراسته. أحد الأشياء التي تجب مراعاتها هو أننا في تجربتنا أعلمنا الناس باختيارنا مناصبهم عشوائيًا، أما في العالم الحقيقي فيفترض الناس أن حظهم الجيد نتيجة مواهبهم وجهدهم، عندها قد لا يؤثر عدم المساواة سلبيًا في دوافع الأشخاص المتميزين ورفاهيتهم».
وفقًا لبحث جديد من كلية فوكوا للأعمال بجامعة ديوك، تمكن معالجة عدم المساواة الاجتماعية في فرص العمل والدخل والتعليم بواسطة طريقة عرض هذا التفاوت، إذ وجدت الدكتورة آشلي روزيت أنه إذا كنت تستفيد من عدم المساواة، فإن طريقة تعاملك مع الموقف قد تعتمد على كيفية وصفه لك، تقول روزيت: «إن الطريقة التي يعرض بها الامتياز أو عدم المساواة تؤثر في الرغبة في تصحيحه».
وجدت الأبحاث السابقة أن عرض عدم تكافؤ الفرص بوصفه ميزةً جماعيةً تحقق نفعًا للمجموعة يجعل أفراد المجموعة أكثر تقبلًا له والعكس صحيح للفرد.
في دراسة نشرتها مجلة علم النفس التجريبي، طُلب من 199 مشاركًا أبيض أن يتخيلوا أنفسهم مندوبي مبيعات سيُكافؤون على أدائهم، وقد علموا أن سياسة الشركة تقتضي تفضيلهم على أساس العرق بحصولهم على فرص بيع أكثر، ولكن بإمكانهم تبادل المكافآت المقدمة لهم مع الآخرين.
كان المشاركون الذين علموا أن أصدقاءهم السود سيعانون الحرمان بسبب سياسة الشركة مستعدين للتنازل عن مزيد من المكافأة أكثر من الذين علموا أنهم سيحصلون على مكافأة بسبب عرقهم الأبيض، وقد دعمت دراسة أخرى النتائج نفسها.
إن فهم طريقة تفكير الناس في مساوئ الآخرين قد يكون بأهمية فهم تفكيرهم في مزاياهم الخاصة عندما نهدف إلى تشجيع السلوكيات لمعالجة مشكلة ما.
اقرأ أيضًا:
نحن في مواجهة الاخر ، كيف يمكن للفلسفة العصبية ان تفسر سياسات التفرقة بين البشر ؟
ترجمة: محمد طوسون
تدقيق: راما الهريسي
المصادر: eurekalert, phys