كيف يعالج الدماغ رؤية الوجوه ليتمكن من إدراكها؟
ملخص:
استخدم باحثون من جامعة كارنيغي ميلون أدوات على درجة عالية من التعقيد توظف في عمليات التصوير الدماغي إضافةً إلى وسائل حاسوبية في مسعى لقياس الزمن الذي تستغرقه العمليات الدماغية التي تعمل على تحويل مظهر الوجه إلى إدراكٍ يمكننا من التعرف على فرد معين، ويعتري الباحثين الأمل في أن تستخدم النتائج البحثية في المستقبل القريب في سبيل التعرف على الموقع المحدد الذي يضطرب فيه نظام الإدراك البصري منتجا اختلالات وإصابات يتراوح نطاقها بين اضطراب عسر القراءة التطوري (developmental dyslexia) إلى اضطراب عمى الوجوه (prosopagnosia).
يمكنك في لمحة واحدة لوجه صديق أن تعرف إن كان يشعر بالحزن أو السعادة، حتى وإن لم يسبق لك رؤيته منذ من عقدٍ كامل، فكيف يقوم الدماغ بتمييز الأوجه المألوفة لدينا بكفاءةٍ وسهولةٍ رغم التباين الكبير في ملامح الوجه؟
واليوم، اقترب الباحثون من الجامعة المذكورة أكثرَ من أي وقت مضى في فهم الأساس العصبي للتعرف على الأوجه، ويصف أحد الباحثين التطور في هذا المجال فيقول: تقدمنا بفضل نتائج أبحاثنا خطوةً إلى الأمام في فهم مراحل معالجة المعلومات في الدماغ والتي تبدأ من لحظة استقبال صورة الوجه لأول مرة عبر العين لتنتشر خلال بضع مئات من الأجزاء من الألف جزء من الثانية التالية لاستقبال الصورة، إلى أن يكون الشخص قادرًا على تمييز ماهية الوجه الذي يراه.
ولتحديد الآلية التي يميز بها الدماغ بشكلٍ متسارع الأوجه التي نراها، فقد أجرى الباحثون مسوحاتٍ لأدمغة أربع أشخاص مستخدمين تقنية تصوير الدماغ المغناطيسي (magnetoencephalography).
تتيح هذه التقنية للباحثين إمكانية قياس النشاط المستمر للدماغ عبر جميع أجزاءه على أساس زمني يقوم على الجزء من الألف جزء من الثانية، وتجري تلك العملية أثناء معاينة المشاركين في الدراسة صورًا لواحد وتسعين شخصًا مختلفًا يرتسم على وجوههم تعبيران: تعبير السعادة أو ملامح السعادة على الوجه، و التعبير المحايد للوجه -أي لا يظهر على الوجه ملامح حزن أو سعادة- وأشار المشاركون إلى أنهم تمكنوا من إدراك تكرار نفس الصورة لفرد معين بغض النظر عن التعبير أو الملمح الذي يرتسم على وجه ذلك الفرد.
أتاحت تقنية تصوير الدماغ المغناطيسي للباحثين أن يحددوا أي أجزاء الدماغ تقوم بتشفير المعلومات المستندة إلى مظهر الوجه وأيها مسؤولة عن تشفير المعلومات المستندة إلى ماهية التعابير. كذلك قام الفريق البحثي بمقارنة البيانات العصبية بالتقديرات السلوكية الصادرة من البشر لصور الأوجه، حيث استندت تقديراتهم بشكل أساسي إلى المعلمات المستندة إلى الماهية، ثم عمدوا إلى التأكيد على دقة النتائج بمقارنة البيانات العصبية بالمعلومات الموجودة في أجزاءٍ مختلفة في محاكاةٍ حاسوبية لشبكة اصطناعية عصبية خُصصت لتمييز الأفراد الصور التي بها نفس الوجه.
يقول أحد الباحثين: ومن شأن المزج بين المعلومات الزمنية المفصلة المستقاة من عملية تصوير الدماغ المغناطيسي المختلفة مع النماذج الحاسوبية التي تبين كيفية عمل النظام البصري، القدرة على فهم الزمن الذي تستغرقه العمليات الدماغية المسؤولة عن العديد من القدرات التي تتجاوز مجرد تمييز الوجوه.
ترجمة: علي حميد
تدقيق: محمد نور
المصدر الأول
المصدر الثاني
الدراسة