حديث الناس وعرض شائع لعدوى كوفيد-19 هو فقدان حاسة الشم. هذا العرض غير مهدد للحياة، لكنه يترك أثرًا في حياة الفرد خصوصًا إذا كان مستمرًا، فقد يدوم فقدان حاسة الشم لأسابيع أو أشهر عديدة.
بما أن الأطباء يعانون من ضغوط هائلة خلال فترة الجائحة، طُوّر برنامج مجاني لتدريب الشم على الإنترنت يسمى نوزويل NoseWell يمكن استخدامه لمحاولة استعادة حاسة الشم.
نوزويل نتاج تعاون بين الجمعية البريطانية لأطباء الأنف (BRS) والجمعية الملكية لجراحي الأذن والأنف والحنجرة وجمعية أبسينت الخيرية.
تحدثت ميدسكيب بريطانيا مع البروفيسور كلير هوبكنز رئيسة الجمعية البريطانية لأطباء الأنف (BRS) عن فقدان الشم وآلية تدريب الشم.
متى تبين أن فقدان حاسة الشم هو أحد أعراض كوفيد-19؟
بدأت ملاحظة ازدياد ملحوظ في أعداد المرضى الذين يشكون من فقدان مفاجئ لحاسة الشم في منتصف شهر آذار تقريبًا. لم يعاني المرضى أي أعراض أخرى، لا سعالًا ولا حمى، لكن بعضهم شكا من أعراض خفيفة تشبه الإنفلونزا أو سبق له السفر لكن ليس إلى الصين أو إيطاليا.
لوحظ ذلك بالأخص ضمن الأطباء العاملين في الخطوط الأمامية خلال الجائحة في إيطاليا الذين فقدوا حاسة الشم دون أي أعراض أخرى للعدوى بكوفيد-19.
يحدث فقدان حاسة الشم عند 1٪ فقط من المرضى بفيروسات أخرى، وعادةً ما يترافق مع احتقان الأنف والسيلان، فكانت الظاهرة غير اعتيادية، أنه قد يكون علامة هامة للعدوى بكوفيد-19.
بدأ جمع المعلومات في منتصف آذار، وقد شملت إحدى أولى الأوراق التي نُشرت في جاما 200 مريض مشخص بكوفيد-19، بلّغ 60% منهم أنه فقد حاسة الشم فجأةً. وجدت مجموعات أخرى حول العالم معلومات مشابهة جدًا. تبيّن بسرعة أن فقدان حاسة الشم هو أحد أشيع أعراض العدوى بكوفيد 19 والأهم من ذلك أنه أفضل مؤشر للإصابة.
توجد أمراض عديدة تسبب الحرارة أو السعال، لكن باستثناء إصابات الرأس فالقليل من الأمراض تسبب الخسارة المفاجئة للإحساس بالروائح.
نعرف الآن أن في حالة الخسارة المفاجئة لحاسة الشم في هذه الأيام فذلك يعود إلى العدوى بكوفيد-19 بنسبة 95% على الأقل، لذلك يُعتبر علامة مهمة للعدوى ويمكن الاعتماد عليها في التشخيص أكثر من اختبار كشف الفيروس الذي قد يعطي نتيجةً سلبية كاذبة.
وفقًا لموقع يو إس نيوز أند وورد، شكا 86% من مرضى الحالات الخفيفة إلى المتوسطة -أكثر من 6 ملايين شخص- من مشاكل في حاسة الشم، وشكت نسبة مشابهة من تغيرات في التذوق، إذ يعمل الشم والتذوق معًا لإدراك النكهات.
رغم أنه ليس عرضًا خطيرًا، هل يمكن لخسارة حاسة الشم أن تترك أثرًا عميقًا؟
نعم بالطبع! فهو شيء يُستهان به وأحد الصعوبات التي يواجهها المرضى. فخسارة الشم لها أثر على الصحة النفسية والذاكرة وتترافق مع مستويات عالية من القلق والاكتئاب. من الصعب على العائلة والأصدقاء، ويصعب أحيانًا على العاملين الصحيين فهم هذه المعاناة وتقديم المساعدة لهم. يشعر المرضى بتجاهل الأطباء لهم، يخبرهم البعض: «على الاقل أنت لم تمت من العدوى» أو «من الممكن أن يكون وضعك أسوأ، كان بالإمكان أن تفقد بصرك».
لا يفهم العديد أثر ذلك، خصوصًا إذا استمرت الحالة ستة أو تسعة أشهر دون تحسن. يخسر البعض جزءًا من إحساسهم بالذات، ويقلقون من رائحة جسدهم ومن الحرائق، وقد يخسر الجوانب الاجتماعية الممتعة مثل السعادة الناتجة عن تناول الطعام مع الأصدقاء والعائلة.
استعادة الشم:
الخبر الجيد أن الأعصاب الشمية قادرة على التجدد، أما الخبر السيئ أنه لا يعود كل مصاب إلى حالته ما قبل العدوى. وللأسف فالبعض قد لا يستعيد حاسة الشم أو التذوق أبدًا.
وفقًا لبعض الخبراء، فاحتمال استعادة المرضى جزءًا من حاسة الشم بعد العدوى الفيروسية هو 60-80٪ خلال عام. لأن حاسة الشم تتراجع عادةً مع تقدم العمر فقد يستغرق الأمر وقتًا أطول وسيكون أقل اكتمالًا عند البالغين الكبار.
هل يجب على الأطباء توجيه مرضاهم إلى القيام ببرنامج نوزويل لتدريب الشم؟
أدركنا باكرًا أن عددًا كبيرًا من المرضى يعانون من فقدان الشم ويجدون صعوبة في الحصول على المساعدة الطبية بسبب الضغط على النظام الصحي. لم تكن مشكلة فقدان الشم مألوفة لدى الأطباء ولم يستطيعوا تدبيرها. توجد أدلة جيدة تدعم تدريب الشم. طوّر هذه التقنية توماس هامل في ألمانيا في 2009.
سرّع تدريب الشم الشفاء وحسّن القدرة على تمييز الروائح والتفريق بينها. نعتقد أنه يجب على الأعصاب الشمية في أثناء عملية التجديد أن تصنع الاتصالات الصحيحة في الأنف والدماغ. وتحفيز هذه الاتصالات يساعد في القدرة على تمييز الروائح.
يمكنك استخدام أي شيء له رائحة قويّة في المنزل لتجربة تدريب الشم، لكن الزيوت الأساسية هي الأكثر استخدامًا. أنت فعلًا تفكّر في الرائحة. مثلًا عندما تستنشق قطعة الليمون فأنت تتذكر كيف كانت رائحة الليمون بالنسبة لك.
يؤدي مبدأ التفكّر هنا دورًا هامًا، إذا لم تكن قادرًا على الإحساس بالرائحة أبدًا، حاول تذكّر الرائحة. بكلمات أخرى: أشرك عقلك في تحريض الإحساس.
إذا لم تستطع تذوق كل الطعوم في أثناء الأكل، ركّز على الأساسيات -الحلو أو المر أو الحامض أو المالح- إضافةً إلى طبيعة الطعام والإحساس به على طبقك. يساعدك هذا على التركيز على ما لا تزال تستطيع الإحساس به بدلًا مما ينقصك. على سبيل المثال، عندما تأكل الشوكولاتة الداكنة حاول تذوق الحلو والمر، واعتمد على ذاكرتك لتذكر طعم حبوب الكاكاو.
التدريب عبارة عن تركيز على رائحة الليمون والمعالجة الداخلية التي تحدث. لم يكن هذا مألوفًا عند معظم ممارسي الطب العام وجراحي الأذن والأنف والحنجرة، ولجأ المرضى إلى الإنترنت للبحث عن معلومات. يمكنك إجراء تدريب الشم في المنزل دون مساعدة عامل صحّي.
هل تهم ماهية الروائح؟ وكم تستغرق حتى يبدأ التحسن؟
يُنصح بالورد والليمون والكينا والقرنفل التي تشمل الأنواع المختلفة من الروائح وتحفّز الأنماط المختلفة من المستقبلات الشمية. نشجع الناس على البدء بهذه الروائح والاستمرار 12 أسبوعًا. توجد تعليمات على موقع نوزويل عن كيفية صنع الناس لمجموعتهم خاصة بهم، وتبيع أبسينت مجموعات جاهزة وإيراداتها تعود إلى الجمعية الخيرية. تتوافر معلومات مشابهة من فيفث سينس.
بينت دراسات عشوائية أن المرضى الذين خضعوا لتدريب الشم وجدوا نتائج أفضل من الذين لم يقوموا بذلك. التدريب بسيط وسريع ولا يستغرق وقتًا طويلًا، لا يعطي نتائج فورية والتحسن تدريجي.
نصائح واستراتيجيات للتعامل مع فقدان حاسة الشم:
- تفهّم وسلّم بمشاعرك نحو خسارتك.
- استشر اختصاصي أمراض أذن وأنف وحنجرة حول الإرشادات.
- فكّر بتغيير غذائك نحو أطعمة حارّة.
- لا تفقد الأمل من الشفاء.
- استحضر الشعور بالشكر فقد تجاوزت مرضًا قاتلًا.
- استشر طبيبًا نفسيًا أو انضم لمجموعة دعم لطلب المساعدة.
اقرأ أيضًا:
الفقدان المفاجئ لحاسة الشم قد يكون مؤشرا على كوفيد-19
لماذا يفقد مريض كوفيد-19 حاستي الشم والتذوق؟
ترجمة: حيان شامية
تدقيق: مازن النفوري