هل نحن وحدنا في هذا الكون؟ ربما يكون هذا أحد أكبر ألغاز الحياة التي خاض فيها الخيال العلمي والعلماء على حد سواء، لكن إذا وُجدت حقًا حياة فضائية على الكواكب الأخرى، فكيف يبدو شكلها؟
بينما تبدو الصورة النمطية للفضائيين في الأفلام في هيئة رجال خضر صغار أو مفترسين شاهقي الطول، غير أنه من المرجح ألّا تشبه الكائنات الفضائية أيًا من تلك الشخصيات، وذلك وفقًا لما قاله الخبراء على موقع لايف ساينس Live Science.
بدلًا من ذلك، فإن البيئة الفريدة للأقمار أو الكواكب الخارجية التي يعيش عليها أولئك الفضائيون قد تُغير وظائفهم الفيزيولوجية على نحو مغاير تمامًا لأي شيء موجود على كوكب الأرض.
بحسب قول آدم فرانك Adam Frank، أستاذ الفيزياء الفلكية في جامعة روتشستر University of Rochester على موقع لايف ساينس، إن بعض الكائنات الفضائية قد تتطور لتطير في سماء كوكبها، وذلك نتيجة كثافة الغلاف الجوي الخاص بالكوكب، الأمر الذي لا يسمح لها بالهروب من الغلاف الجوي، أو في حالات الكواكب ذات الجاذبية العالية، فإن تلك المخلوقات الفضائية قد تتطور لتصبح لها بنية ثقيلة أكثر ثباتًا «أشبه بالفيلة».
أو وفقًا لقول فالنتينا إراستوڤا Valentina Erastova، استشارية الكيمياء بجامعة إدنبرة University of Edinburgh أيضًا على موقع لايف ساينس، قد تتطور تلك الحياة الفضائية لتكون تحت الأرض.
فإذا كان الكوكب يمتلك مستويات عالية من الإشعاع التي لا تمتصها طبقة الأوزون، فقد ينجم عن هذا حياة تحت أرضية تستخدم التربة درع حماية لها من الإشعاع.
اقترحت إراستوڤا في تلك الحالة أنه قد تكون تلك الحياة البسيطة متعددة الخلايا مشابهة للفطريات. بينما نرى عادةً الجزء المثمر للفطريات فوق سطح التربة، إلا أن الجزء الأكبر من حياتها يحدث تحت سطح التربة من خلال شبكة واسعة من الجذور تُسمى الميكوريزا mycorrhiza.
تضيف إراستوڤا: «حتى على كوكب الأرض، يوجد العديد من أشكال الحياة داخل الأرض أكثر من تلك التي تمشي على سطحها».
في حالات الأشعة فوق البنفسجية الشديدة، يشير البحث المنشور في مجلة الإشعارات الشهرية للجمعية الفلكية الملكية Royal Astronomical Society عام 2019، إلى أن الكائنات الفضائية يمكنها بالفعل أن تتوهج باللون الأحمر أو الأزرق أو الأخضر، ما يُشكل وسيلة دفاعية لحماية نفسها مثل بعض الشعاب المرجانية.
ربما تحتوي هذه المخلوقات الفضائية أيضًا على بروتينات أو أصباغ يمكنها امتصاص بعض طاقة الأشعة فوق البنفسجية، ما يجعلها تتوهج بطول موجي أكثر أمانًا على الطيف المرئي وفقًا للدراسة.
يقول فرانك إنه توجد احتمالية وجود طريقة تكيف أخرى، وهي أن تمتلك المخلوقات الفضائية عملية تمثيل غذائي (أيض) بطيئة للغاية نتيجة درجة الحرارة الباردة جدًا في موطنها الأصلي.
يضيف فرانك أن قمر تيتان (أكبر أقمار زحل) يُعد مثالًا جيدًا لعالم شديد البرودة، الذي يتوقع العلماء أنه ربما يكون موطنًا لحياة متطرفة تعيش في بحار الميثان على ذلك القمر. يُعد حيوان الكسلان على كوكب الأرض مثالًا للحيوانات ذات التمثيل الغذائي البطيء للغاية، إذ يبلغ معدل التمثيل الغذائي لديها نحو 40% إلى 45% فقط بالنسبة إلى الحيوانات الأخرى ذات الحجم نفسه، التي تتحرك بِبطء شديد نتيجةً لذلك.
هل ستكون المخلوقات الفضائية شبيهةً بالبشر؟
على الرغم من أن اكتشاف تلك المخلوقات الفضائية غريبة الشكل سيكون شيئًا رائعًا، لكن على الأرجح أن تلك الكائنات الفضائية الخارجية ستكون أبسط بكثير من كائنات متوهجة أو شبيهة بالفطريات أو تلك التي تستطيع الطيران أو ذات البنية الثقيلة.
وفقًا لقول سارة روهايمر Sarah Rugheimer، الأستاذة المساعدة في علم الفلك والفيزياء الفلكية بجامعة يورك في تورنتو York University in Toronto، في رسالة على البريد الإلكتروني على موقع لايف ساينس: «من المرجح جدًا أن تكون تلك الحياة الخارجية وحيدة الخلية، ففي معظم تاريخ كوكب الأرض، كانت الحياة الوحيدة الموجودة هي الحياة الميكروبية. حتى اليوم، فإن معظم كائنات المحيط الحيوي هي في الحقيقة ميكروبات».
بينما يبدو العثور على حياة وحيدة الخلية في الفضاء البعيد عن الأرض مهمة صعبة، إلا أن إحدى الطرق التي يقترحها العلماء لحل هذه المشكلة هي البحث عن دليل على الحياة التي ربما خلّفتها الميكروبات وراءها.
في دراسة أُجريت عام 2019 ونُشرت في مجلة أستروبيولوجي Astrobiology، أفاد العلماء أن تشكيلات كربونات الكالسيوم التي خلّفتها الميكروبات في الينابيع الحارة الجافة، ربما تكون قد تشكلت بواسطة الحصائر الساخنة الشبيهة بالمعكرونة من ميكروبات قادمة من خارج كوكب الأرض. اقترح العلماء أن العثور على مثل هذه التكوينات في كواكب أخرى قد يكون دلالةً على مصدر واعد من الميكروبات المتحجرة.
على الرغم من ذلك، إذا تطورت الحياة الفضائية إلى حياة متعددة الخلايا، فمن «غير المحتمل جدًا» أن تبدو تمامًا مثل البشر، وذلك بحسب ما قالته روهايمر.
يقول فرانك أيضًا إن فيزيولوجية الأعضاء الفريدة لدينا هي نتيجة التطور في بيئة أرضية فريدة من نوعها إضافةً إلى بعض الحظ.
مع ذلك، قد تكون لدى الحياة الفضائية بعض الصفات الشبيهة بالحيوانات نتيجة للتطور المتقارب convergent evolution، وفقًا لقول رُوهايمر، مثل عيون لترى بها البيئة المحيطة وأطراف أو أجنحة للتنقل فيها، وهذا قد يحدث حيث تنتهي أوجه التشابه.
كل هذه الأفكار طبعًا مبنية على افتراض أن الحياة الخارجية سيكون لديها احتياجات مماثلة لتلك اللازمة في الحياة الأرضية، مثل الماء وأشعة الشمس والأكسجين من أجل البقاء. من الممكن أيضًا أن تتطور الحياة على الكواكب الأخرى بطريقة مختلفة تمامًا أو حتى بعناصر بنيوية مختلفة تمامًا.
تتكون أجساد معظم الفضائيين في الخيال العلمي مثلًا من السيليكون بدلًا من الكربون الموجود في الحياة على كوكب الأرض. على الرغم من أن هذا المجال الدراسي به الكثير من الأمور المجهولة، فإن روهايمر واثقة على الأقل من أن هذه الفكرة تبدو غير محتملة تمامًا، إذ تقول: «الكربون أكثر وفرةً من السيليكون في الكون، ويشكّل كيمياءً أكثر تعقيدًا، لكن الشيء الوحيد الذي أعتقد أنه صحيح هو أنه ليس لدينا أية فكرة عما سيبدو عليه شكل المخلوقات الفضائية».
اقرأ أيضًا:
دراسة تفترض أن الإشارات الملتقطة من مركز مجرتنا ما هي إلا رسائل تحية من المخلوقات الفضائية
يكثر الحديث عن المخلوقات الفضائية لكن لماذا لم نكتشف أي شيء عنها حتى الآن؟
ترجمة: محمد اسماعيل
تدقيق: منال توفيق الضللي
مراجعة: هادية أحمد زكي