يتطلع علماء الفلك إلى الكون دائمًا، ويعتمدون على كوكب الأرض نقطةً مرجعية في دراستهم للفضاء، وبهذا استطاعوا الربط بين دراسة تغيرات المناخ وعلم والفلك، وتوجد 3 دراسات جديدة حول هذا الموضوع. على مر الزمان استطاع العلماء اكتشاف العديد من الكواكب غير الأرض، لكن حتى يومنا هذا لم نجد مثيلًا مطابقًا له، وعندما بدؤوا دراسة الكواكب الخارجية استطاعوا فهم كوكبنا فهمًا أكبر. لذا ليس من الغريب أن يشارك علماء الفلك في دراسة الأزمة المناخية التي تمر بها الأرض حاليًا. ففي الدراسات الثلاث الجديدة، يدرس الباحثون تأثير التغير المناخي في علم الفلك، وكيف يرتبط هذا العلم بتلك الأزمة المتصاعدة.
قال الباحث فوستين كنتلوب من معهد ماكس بلانك لعلم الفلك، المؤلف الرئيس لإحدى الدراسات الثلاث: «بوصفنا علماء فلك، نحن محظوظون جدًا بالعمل في مجال رائع كهذا، ومن خلال رؤيتنا المميزة للكون تقع على عاتقنا مسؤولية التواصل مع الجميع حول التغير المناخي وما سيجلبه من كوارث على كوكبنا».
اجتمع العديد من العلماء من أجل هذه الدراسة، إذ عملوا على دراسة تأثير تغير المناخ في قدرتنا على رصد المعلومات المختلفة من الفضاء الخارجي، وكيف قد يساعدنا علم الفلك على حل مشكلة المناخ.
في ورقتين من الأوراق البحثية الثلاث، درس العلماء تأثير علم الفلك والدراسات الفلكية في المناخ.
لتحديد البصمة الكربونية الصادرة من المؤسسات الفلكية، حدد العلماء في معهد ماكس بلانك كمية ثاني أكسيد الكربون الصادرة منهم خلال عام 2018، ووجدوا أن الشخص الواحد يصدر 18 طنًا من ثاني أكسيد الكربون، وهذا ضعف ما يصدره المواطن الألماني.
معظم هذه الانبعاثات مصدرها السفر جوًا إلى المؤتمرات أو المراصد المختلفة، ومن أجهزة الكومبيوتر العملاقة التي تُستخدم في بناء المحاكاة أو تحليل البيانات.
قال قائد مجموعة معهد ماكس بلانك المسؤولة عن إحدى هذه الدراسات: «بوصفنا علماء فلك، نحن مسؤولون عن انبعاثات الوقود الأحفوري، لكن خفض هذه الانبعاثات ليست قرارًا فرديًا. نحتاج إلى تحليل مصدر هذه الانبعاثات، ثم التعاون على مستوى المعهد أو حتى على مستوى المجتمع الفلكي بأكمله، لإيجاد حل لهذه الأزمة المتفشية».
قدم الباحثون في هذه الدراسات العديد من المقترحات لتقليل الغازات المنبعثة من المؤسسات الفلكية، مثل تقليل السفر جوًا، ونقل الحواسيب العملاقة إلى أماكن أخرى مثل أيسلندا، حيث تتوفر مصادر الطاقة المتجددة وتساعد درجات الحرارة المنخفضة على تقليل الحاجة إلى التبريد. واقترحوا أيضًا عقد المؤتمرات إلكترونيًا، وهو أمر مُعتاد في أثناء جائحة كورونا.
وجد الباحثون أن التغيرات المناخية لها تأثير كبير في دقة المراصد الفلكية المختلفة.
ركز العلماء في هذه الدراسات على المرصد الأوربي الجنوبي في تشيلي، موطن التليسكوب الكبير جدًا، حيث ارتفع متوسط درجات الحرارة 1.5 درجة سيليزية على مدى 4 عقود، وهذا أعلى من متوسط الزيادة المعتاد منذ عصر ما قبل الثورة الصناعية، وهو درجة سيليزية واحدة.
يرى الباحثون أن هذه مشكلة كبيرة للتليسكوبات، إذ تُبقي أنظمة التبريد الأجهزة الداخلية مستقرة، لكن عند ارتفاع درجات الحرارة لأكثر من 16 درجة سيليزية، لا تستطيع أنظمة التبريد مواكبة الزيادة الكبيرة في درجة الحرارة وتبريد الجهاز، ما يؤدي إلى تشوش البيانات.
الأنظمة والأجهزة الدقيقة في التليسكوب المذكور تتأثر كثيرًا بجميع خصائص ومكونات الغلاف الجوي، خصوصًا بخار الماء. ومع أن بارنال في تشيلي من أكثر الأماكن جفافًا حول العالم، يتوقع العلماء تغير هذه الظروف بسبب الأزمة المناخية، إذ توقعت بعض الدراسات زيادة أحداث إل نينو، ويُعد الأمر مصدر قلق كبير بسبب موقع التليسكوب، إذ يقع أسفل تيار نفاث مرتبط بهذه التغيرات المناخية الشديدة.
يأمل الباحثون أن تساعد هذه الدراسات علماء الفلك على فهم تأثير التغير المناخي في دراستهم، وكيف قد يغيرون طرق بحثهم للمساهمة في تقليل التغيرات المناخية.
اقرأ ايضًا:
حتى لو لم يحدث التغير المناخي لن نندم إذا تخلصنا من الفحم
تأكد الأمم المتحدة على ضرورة مكافحة التغير المناخي على اعتباره كارثة مثل جائحة كورونا
ترجمة: زينب سعد
تدقيق: أكرم محيي الدين