منذ 80 مليون عام، دخلت العديد من أنواع النمل الاستوائي المسلح (tropical army ants) تحت سطح التربة. وكالعديد من الأنواع التي تقضي معظم حياتها تحت سطح التربة؛ فقدت أنواع النمل تلك قدرتها على الرؤية. وكذلك فقدت أجزاء الدماغ المرتبطة بالرؤية.
لكن منذ 18 مليون عامًا عاد القليل من أنواع النمل المسلح إلى السطح. وجد باحثون من جامعة دريكسل (Drexel University) أدلة على استعادة هذه الأنواع للرؤية وكذلك إعادة إنمائها لأجزاء من الدماغ مسؤولة عن هذه الحاسة.
قد يكون الباحثون غير قادرين حاليًا على قياس مدى جودة المشاهد المتكونة بالرؤية المطورة حديثًا لدى هذه الأنواع، لكن توجد أدلة على أن قدرة هذا النمل على الرؤية ليست مجرد استعادة بسيطة لنظام الرؤية القديم الخاص به، بل يتضمن تغيرات على مستوى العين والدماغ:
قال شون اودونيل (Sean O’Donnell) وهو بروفيسور في جامعة دريكسل وأحد محرري الورقة البحثية: «وجدنا ملامح تشريحية تفيد أن بنية العين لديهم متميزة عن أغلب الحشرات التي تعيش فوق سطح الأرض، قد يكون النمل قد قام بكل من استرجاع الأسس المفقودة وإعادة اختراع الآليات المطلوبة للرؤية».
المثير في الأمر أن التغير في الدماغ بدا جليًا أكثر مما هو عليه في العين، فالأنواع مستعيدة الرؤية لديها فصوص بصرية أكبر بشكل ملموس مما لدى أقاربها تحت الأرضية. كذلك فإن النمل فوق الأرضي وسع مناطق الدماغ التي تعاملت مع الرائحة، وامتلك كؤوسًا فطرية أكبر، وهي بنى ترتبط بالذاكرة.
وكمحصلة نقول: حدثني عن قدراتك أحدثك عن بيئتك. العيش فوق الأرض والتعرض لليل والنهار، والتنوع الأكبر في الفرائس والمفترسات، يتطلب بوضوح قدرات دماغية أعلى مما يتطلبه العيش تحت الأرض. والقدرة على استعادة قدرات الدماغ مسألة مشوقة جدًا.
وكما يقول اودونيل: «تشير البيانات المتوفرة لدينا حول استثمار البصر إلى أنه على الأقل هناك حيز لاستعادة أو زيادة الوظيفة الإدراكية والحسية».