بقيت الزراعة وآلياتها دون تغيير يذكر في أوروبا ومستعمراتها أكثر من ألف سنة، وذلك حتى بداية الثورة الزراعية في نهاية القرن الثامن عشر. استمرت الآلات الزراعية الحديثة بالتطور، إذ تطورت آلات الدرس إلى آلات الحصاد، غالبًا بوحدة أوتوماتيكية ذاتية تجمع الحبوب المتراكمة أو تقطِّعها وتدرسها في خطوة واحدة.
وحلت الحصّادة محل رباط الحبوب، تلك التي تقطع الحبوب وتنشرها على الأرض في صفوف، حتى تجف قبل حصادها بالحصادة. ولم تعد المحاريث تُستخدم مطولًا مثل السابق، ويعود سبب ذلك بمعظمه إلى انتشار مفهوم الحد الأدنى للحرث، وذلك تقليل انجراف التربة والحفاظ على الرطوبة.
في هذه الأيام تُستخدم الكاسحة ذات الأسطوانة أكثر بعد الحصاد لتقسيم السطح الخشن للحبوب المتروكة في الحقل. وأصبحت البذارة الهوائية أكثر شعبية بالنسبة للفلاحين، مع إنهم استمروا باستخدام محاريث البذور في الزراعة حتى الآن.
وتسمح الآلات الزراعية اليوم للفلاح باستزراع عدد أكبر من فدانات الأرض مقارنةً بالآلات السابقة.
مزارعون مشهورون:
- لوثر بوربانك (بطاطس ولاية إيداهو): سجل الكثير من المحاصيل في البستنة.
- جورج واشنطن كارفر: كيميائي زراعي عمل على تنويع الزراعة وترقية تداول المحاصيل.
- جيثرو تول: مخترع آلة زرع البذور.
معالم في آليات الزراعة:
يعود الفضل في الثورة الزراعية في أمريكا -في أول قرنين لها بوصفها دولة- إلى الآلات التالية:
- جامع الحبوب: اخترعه إدموند كوينسي في 1850.
- محلاج القطن: آلة تفصل البذور والقشور وكل المواد غير الضرورية، عن القطن بعد جمعه. وسجل براءة اختراعه إيلي ويتني في 14 مارس 1794.
- حصادة القطن: أُنتجت أول حصادة للقطن في أميركا عام 1850، ولكن لم يتسع استخدامها حتى عام 1940. وتتكون حصادة القطن الميكانيكية من شكلين: النازعات والقاطفات. فالحصادات النازعة تنزع الجزء الداخلي للنبات من ناحيتي لوزة القطن (المفتوحة والمغلقة)، مع الكثير من الأوراق والجذوع، ويُستخدم محلاج القطن بعد ذلك لإزالة الأجزاء غير الضرورية. أما القاطفات (التي تسمى عادةً بحصادات نموذج المغزل) فتزيل القطن من اللوزات المفتوحة وتترك السنبلة فوق النبات، إذ تدور محاور المغازل بسرعات مرتفعة، فترتبط ببكرة تدور أيضًا، فتجعل المغازل تخترق النباتات، فتلتف ألياف القطن حول المغازل الرطبة ثم تُزال بوساطة أداة خاصة تسمى الشفرة؛ بعد ذلك يُسلم القطن لسلة كبيرة محمولة فوق الآلة.
- تدوير المحصول: إن زراعة المحصول نفسه بانتظام على الأرض نفسها يستنفذ التربة في النهاية من العناصر المغذية المختلفة. فيتجنب المزارعون النقص في خصوبة التربة بوساطة تدوير المحصول. ويعني ذلك زراعة محاصيل نباتية مختلفة خلال سلسلة منتظمة، فنبدأ بمحصول من نوع واحد حتى تُستهلك العناصر المغذية من التربة، ثم يتبع ذلك محصول نباتي يعيد العناصر الغذائية للتربة. وقد استُخدم تدوير المحاصيل في الحضارات الرومانية القديمة والأفريقية والآسيوية. وخلال العصور الوسطى في أوروبا، مارس المزارعون تدوير المحاصيل لثلاث سنوات، إذ بدأوا بالشعير أو القمح الشتوي في العام الأول، ثم أتبعوه بشوفان الربيع أو الشعير في العام الثاني، ثم لا يزرعون أي محصول في العام الثالث. وفي القرن الثامن عشر ساعد الخبير الزراعي البريطاني تشارلز تاونشيند الثورة الزراعية الأوروبية، بإدراج تدوير زراعي رباعي الأعوام من طريق تدوير القمح والشعير واللفت والبرسيم. وفي الولايات المتحدة، جلب جورج واشنطن كارفر علمه بتدوير المحاصيل للمزارعين وأنقذ المصادر الزراعية في الجنوب.
- رافعة الحبوب: بنى جوزيف دارت أول رافعة حبوب سنة 1842.
- استنبات (استصلاح) التبن: حتى منتصف القرن التاسع عشر، كان التبن يُقطّع بالأيادي والمحاصد والمناجل. وفي بدايات 1860، طُوِّرَت بعض أدوات الزراعة، مثل: أدوات القطع المشابهة للحصادات والملفات، ونتج منها النظام الجديد للمحشات والمطاحن وصافات الحشيش ومروحيات الحقل وصانعات الرُزم الميكانيكية بالكامل، وماكينات التحبيب أو الترقيق في الحقل. وقد اختُرِعت آلة التحزيم الثابتة أو ضغط التبن في 1850 ولم تصبح شائعة حتى 1870، وقد حلت آلة التحزيم الدائرية محل آلة التحزيم الجامعة أو التقليدية نحو عام 1940. وفي عام 1936، اخترع إنيس من ديفنبورت – لوا آلة تحزيم أوتوماتيكية للتبن، فكانت تربط الحِزم والأربطة مجدولة مستخدمة أسلوب (نوترز – knotters)، المأخوذ من حزام تحبيب جون ديير. أمّا إيد نولت الألماني البنسلفاني فقد بنى آلة تحزيمه الخاصة، مخلّصًا جدائل نوترز من التحزيم الداخلي. ولكّن كلتي آلتي التحزيم لم تعملا بكفاءة، ووفقًا لتاريخ التجديل فإن براءة اختراع نولت أشارت إلى الطريقة قبل 1939 للإنتاج الإجمالي لآلة تحزيم لرجل واحد. وقد سببت آلات تحزيمه -وتلك المشابهة لها- ثورة في حصاد القش والتبن، وخلقت طلبًا على الجدائل أكثر بكثير من أحلام أي مُصنّع للجدائل.
- آلة الحَلْب: في 1879، سجلت آنا بالدوين آلة حلب حلت محل الحَلْب اليدوي، وكانت الآلة جهاز شفط متصل بمضخة يدوية. وكانت إحدى أقدم براءات الاختراع الأميركية، مع أنها لم تكن اختراعًا ناجحًا. أمّا ماكينات الحلب الناجحة فقد ظهرت نحو عام 1870، فأجهزة الحلب الميكانيكية الأولى كانت أنابيب مثبتة بالحلمات، لتجبرها على فتح عضلة العاصرة؛ ما يسمح للحليب بالتدفق. واستُخدمت الأنابيب الخشبية لهذا الهدف، تمامًا مثل أشواك الريش. وبمهارة صناعية فائقة، ظهرت أنابيب من الفضة النقية والمطاط المُقطّر والعاج والعظام، وشاع تسويقها في منتصف القرن التاسع عشر. وفي النصف الأخير من القرن التاسع عشر، سُجل أكثر من مئة جهاز حلب في الولايات المتحدة.
- المحراث: اخترع جون ديير المحراث الفولاذي الصلب ذاتي التنظيف، ليكون تحسينًا للمحراث الحديدي. فكان مصنوعًا من الحديد المصفح، مع إضافة الصلب، الذي يستطيع التقطيع خلال التربة السميكة دون عرقلة. وقبل 1855 كان مصنع جون ديير يبيع أكثر من 10000 محراث صلب في العام.
- القاطف: سنة 1831 طوّر كيريوس ماكورميك أول قاطف تجاري ناجح، وهي آلة تحصد القمح يسحبها حصان.
- الجرّارات: لقد أحدثت الجرارات ثورة في الصناعة الزراعية، وحررت الزراعة من استخدام الثيران والأحصنة والقوة اليدوية.
اقرأ أيضًا:
ترجمة: أحمد ثروت
تدقيق: محمد حسان عجك
مراجعة: حسين جرود