لقد حَلم العلماء المجانين عبر العصور بأخذ الأرض كرهينة، من خلال التهديد بتدمير وأخذ كل شيء. تدمير الثروات والقوة والشُّهرة والاحترام من قِبل نُظَرائهم. لكن إن أردت أن تلعب هذه اللعبة بنفسك فلا بد أن تلعبها بالشكل الصحيح، واللّعب بالشكل الصحيح يعني نهوضك لتؤدي واجباتك الدراسية!.
إنّ تدمير كوكبنا ليس بالأمر السهل. بالطبع تستطيع أن تقذفنا نحو العصور الحجرية من خلال تقديم وباء الطاعون مثلًا الذي سيمسح كامل الحياة المعقّدة أو سيمسح بعض أنواع أجهزة النانو للقضاء على كامل المحيط الحيوي بشكل تام. ولكن في كل تلك الحالات ستبقى الصخرة التي نقف عليها موجودة، تدور وهي ميتة حول الشمس لبلايين قادمة من السنين.
لذا دعونا نتحدّث بجدّيَّة الآن، إذا أردت أن تدمّر الأرض فعليك أن تفكر بتدمير الأرض الفعليّة.
الخطوة الأولى: أتقن الرياضيات جيّدًا:
إن كوكبنا يبقى متماسكًا مع بعضه البعض بفعل جاذبيّته الخاصة. تستطيع أن تفكّر بالأمر وكأنه ثمرة بصل ضخمة وصخريّة. تُمسِك الجاذبيّة الخاصة بالنواة الأعمق للأرض بالطبقة التالية المحيطة بها. عندها فإن الانجذاب الناتج عن جاذبيتهما معًا سيُبقي بدوره الطبقة التالية ملتصقة. وبالتالي الوزن الإجمالي لِما سبق سيُحكِم قبضَته على الطبقة التالية. أعتقد أنك أدركت الفكرة، ولكنّ هذه العملية ستتكرر حتى تتماسك الأرض بأكملها – بكيلوغراماتها التي تبلغ 5.972 x 10 للأس 24 – لكي تُبقيك ملتصقًا في مكان جلوسك ولكي تجذب طبقة رقيقة من الغلاف الجوي حولَها.
لذا إن أردتَ أن تُفجّر الأرض، لا بد أن تقوم بتقشير هذه البصلة طبقة تلوَ الأخرى. عليك أن تُرسل كل طبقة وكل كتلة ضخمة من الصخر وكل بقعة من الطين وكل مجرفة من الرواسب الذائبة نحو الفضاء. ولكن ليس الأمر برمي كل ذلك بشكل مؤقت نحو الفضاء، بل بالتأكُّد من جعل كل شيء يهرب بعيدًا إلى الأبد عن جاذبية الشّد التي يحتفظ بها ما تبقّى من الأرض.
بمعنى آخر، يجب عليك أن تُسرِّع عملية هروب هذه المكونات المختلفة. إنه ليس بالإنجاز السهل، فنحن عادةً نحتاج إلى صواريخ ضخمة لقذف أطنان قليلة نحو المدار وأبعد.
على الرغم من أنّك حين تبدأ، ستجد أن التّتمة أسهل. فمع كل كيلوغرام يتم إرساله نحو الفراغ فإنه تمّ التّخلُّص من كيلوغرام يتمسّك بالكيلوغرام الذي يليه. عندما تقوم بتقشير الأرض طبقة تلو الأخرى فإن جاذبية الشد ستصبح أضعف والتخلّص من كل طبقة سيكون أسهل من التخلّص من سابقتها. وعندما توشِك على الانتهاء وتحزم النواة الصلبة لكوكبنا في صناديق متحركة في الفضاء بين النجوم، سيكون الأمر مشابهًا لقيامك بذلك لقمر صغير.
يمكن تلخيص كامل العملية بمعادلة بارعة وفي متناول اليد تتعلق بالعلاقة بين الطاقة المطلوبة لتدمير كوكب (أو بصيغة أكثر تهذيبًا، تفكيكه) وكتلة ونصف قطر ذلك الكوكب. (تفترض المعادلة كثافة منتظمة أو متماثلة للكوكب وبالتالي تسمح بحسابات تقريبية). بالنسبة للأرض ستحتاج إلى حوالي 10 للأس 32 جول من الطاقة.
الخطوة الثانية: إيجاد مصدر للطاقة:
ستحتاج لطاقة هائلة، ولإعطائك فكرة عن مدى ضخامة الرقم، في عام 2013 استهلكت البشرية جمعاء طاقة قدرها 10 للأس 20 جول لتشغيل كل ما يحتاجه البشر، الحرائق الناتجة عن حرق الخشب والمُحرّكات وساعات المنبّه وأجهزة التلفاز وأجهزة قراءة المقالات المكتوبة وغيرها. فإذا استطعت بطريقة ما أن تحصل على كامل إنتاج الطاقة النووية والطاقة الكهرومائية من السدود ومناجم الفحم وصفائح الطاقة الشمسية وحقول استثمار طاقة الرياح – دون ترك أي شيء لأحد- فإن عليك أن تنتظر لمدة تريليون عام حتى تبلُغ الكمّيّة التي نتحدّث عنها.
تريليون عام للحصول على الطاقة الكافية لتمزيق مكونات الأرض، فإذا أردتَ أن تُؤخذ بعين الاعتبار كعالِم تهدّد الأرض فإنّ عليك التفكير بخطّة أخرى. على أي حال، ستتوقّف الشمس بعد 5 بلايين سنة فقط ولذلك فلن يكون هنالك جدوى من تدمير الأرض حينها، ألَيس كذلك؟
ماذا بشأن الشمس؟ الشمس كبيرة وبرّاقة وتبعث الكثير من الطاقة. كل ثانية من كل يوم تمضغ الشمس حوالي 4 ملايين طن من الهيدروجين وتدمجه مع الهيليوم لتُحرّر الطاقة على شكل إشعاع. لحسن الحظ، يهرب هذا الإشعاع ويُفجّر مساره خلال الفضاء.
معظم هذا الإشعاع يُفقد ببساطة، دون أن يؤدي أي عمل مفيد على الإطلاق، لكن القليل منه يضرب الأرض حيث يتم تسخيره أو استثماره. إن الطحالب والنباتات تعلّمت هذا الدرس منذ ملايين السنين وتعلّمت كيفية تسخير هذه الطاقة لأهدافها الخاصة. لحسن الحظ فإن هذه الطاقة تتدخّل في السلسلة الغذائية وصولًا إلى حبوب الإفطار التي تتناولها صباح يوم السبت، يبدو أن هناك طاقة ضخمة تأتي من الشمس ولكن هل هي كافية؟
ثالثًا: انتظر!
إذا أردت أن تغطي كامل سطح الأرض بصفائح الطاقة الشمسية، مستحوذًا على نسبة مئة بالمئة من الإشعاع المثمر القادم من الشمس فإنك سوف تحتاج إلى 18 مليون سنة لتُفكك كوكبنا. إن الأمر يبدو خطوة مهمة نحو الأمام بدلًا من الاعتماد على مصادر الطاقة المصنوعة من قبل البشر، لكن الأمر لا يزال غنيمة ضخمة. فلنأمل ألّا يجد أي بطل خارق مخبأك السري في ذلك الحين.
ولكنّ جزءًا صغيرًا جدًا من طاقة الشمس يضرب الأرض، فماذا لو كان بإمكانك بطريقة ما أن تحتفظ بكل الطاقة الشمسية؟ في هذه الحالة ستحتاج لأسبوع واحد فقط لتعقد الصفقة،
أسبوع واحد! ليس سيئًا.
الآن جميع الناس على كوكب الأرض سيأخذون تهديداتك على محمل الجد.
إلّا إذا كنتَ ماهرًا بما يكفي لتصنع جهاز يجمع كامل طاقة الشمس، ولكن لماذا ما تزال حتى الآن على سطح كوكب الأرض إذًا؟!
- ترجمة: كارينا معوض
- تدقيق: محمد سعد السيد
- تحرير: زيد أبو الرب