عندما تواجه صفوفًا مكتظّةً من أضواء المكابح في نهاية يومٍ طويل، قد تغريك فكرة أنك إذا اخترت «المسار الصحيح» فستتجاوز هذا الازدحام بشكلٍ أسرع مما لو لم تفعل.
لكن للأسف، غالبًا لا تُجدي هذه الطريقة، وستصل في نفس الوقت المُعتاد بغضِّ النظر عن المسار الذي تختار.
الازدحام المروريّ بطبيعته غير متساوٍ، فصفوف حركة السير تتجمّع من ثم تتفرّق، مثل رِيَش آلة (الأكورديون)؛ وهي آلةٌ شبيهة بالبيانو، وهذا قد يؤدي إلى حوادث مرورية وتشويشٍ وحركةٍ غير منضبطة، ولذلك أيضًا قد تبدو بعض المسارات تتحرّك بشكلٍ أسرع من غيرها.
ولكن في الحقيقة، معظم هذه المسارات تتحرّك في نفس الوقت وبنفس متوسط السرعة، ولهذا السبب فإن محاولتك للتبديل بين المسارات لتوفير الوقت، لا تتعدّى كونها عبثًا.
وهي ليست فقط طريقة غير مجدية، فهناك دراسةٌ وجدت أن الذين يبدّلون بين المسارات يوفّرون فقط 4 دقائق أكثر من إجماليّ رحلةٍ تستمر لمدة 80 دقيقة، ومع ذلك، فهذه الطريقة خطرة جدًا.
التبديل بين المسارات يُخلي أمامك اثنين من المسارات غير المستقرة في آنٍ واحد، وهذا ما يزيد من مخاطر وقوع الحوادث، فهي ترهق عقلك عن طريق إجبارك على اتخاذ قراراتٍ سريعة، وتتركك غير محصّنٍ من خطر «المناطق العمياء» من حولك، وهي التي لا يمكن للسائق رؤيتها.
والأسوأ من ذلك هو أنَّ تغيير المسارات في الحقيقة قد يجعل حركة المرور أكثر سوءًا؛ لأنه يدفع كل سائقٍ آخر حولك إلى إدراك تحرّكك.
لا شكَّ أنك ما زلت تتساءل، هل بإمكانك التلاعب بالنظام؟
حسنًا، حتى لو اعتقدت أنَّ اختصار بعض الدقائق من رحلتك؛ يستحقُّ كل هذا الخطر والعناء، لكن في الحقيقة لا يمكن بدقةٍ تحديد ما إذا كان أحد المسارين يتحرك بشكلٍ أسرع من الآخر.
في دراساتٍ لمحاكاة حركة المرور حيث تتحرك كل المسارات بنفس متوسط السرعة، قال الباحثون إنَّ الطريقة التي تحركت بها السيارات، أنشأت وهمًا لدى السائقين أقنعهم أنَّ أحد المسارين كان أسرع من الآخر.
نظرًا لأنَّ السيارات تنتشر عندما تتقدّم للأمام، من ثم تبدأ بالتكدّس من جديدٍ عندما تتباطأ سرعتها، فستقضي كثيرًا من وقتك على الطريق تلاحق السيارات بدل أن تتجاوزها، وهذه حقيقةٌ حتى عندما تكون السرعة في كل المسارات هي ذاتها.
وعندما تلاحظ مجموعةً من السيارات تتقدّم عليك في المسارات الأخرى، قد تقنع نفسك أنك تسير في المسار البطيء، لكن في الواقع، ستصل جميع السيارات إلى وجهتها في نفس الوقت بالضبط، بغضِّ النظر عن الوقت الذي بقيت فيه عالقًا في مسارك.
حتى بالنسبة للناس الموجودين خارج السيارات، يمكن أن ينخدعوا بهذه الظاهرة.
أرفق الباحثون كاميرا على جانب إحدى السيارات لتصوير حركة المرور في المسارات المجاورة، ثم ظهر مقطع فيديو لمجموعةٍ من طلاب القيادة.
اتَّضح فيه أن المسار الذي كانت فيه سيارة الاختبار كان أسرع من غيره من المسارات المجاورة، وعلى الرغم من ذلك اتَّفق 70% من الذين شاهدوا المقطع على أن المسار المجاور كان أسرع وقال 65% إنهم سيتحَّولون للمسار «الأسرع».
- ترجمة: محمد رشود
- تدقيق: تسنيم المنجّد
- تحرير: صهيب الأغبري
- المصدر