فور سماع ماستر كارد، تتبادر إلى أذهان الناس بطاقات الائتمان. ومع أن ماستر كارد واحدة من أفضل العلامات التجارية العالمية التي يَسِم شعارها التجاري بطاقات الائتمان وبطاقات الخصم الفوري والبطاقات المدفوعة مسبقًا، إلا أنها ووفقًا لما ذكرته ماستركارد في تقريرها السنوي عام 2020 لا تُعَد شركة بطاقات ائتمانية؛ بل شركة تقنية تمارس عملها ضمن قطاع أنظمة الدفع العالمية، إذ إنها تربط عدة أطراف مثل المستهلكين والتجار والمؤسسات المالية والحكومات وغيرهم عبر العمليات المالية المتنوعة.
تعد الرسوم التي يدفعها العملاء غير المباشرين (عملاء المؤسسات التي تتعامل مع ماستركارد) مصدرًا لمعظم إيرادات الشركة؛ إذ إن عملاء الشركة المباشرين هم المؤسسات المالية مثل البنوك، التي تدفع رسومًا مقابل إصدار بطاقات دائنة ومدينة تحمل شعار ماستر كارد، وتتنوع أشكال هذه الرسوم كما سنذكر لاحقًا.
وكما هو حال منافستها الدائمة شركة فيزا كارد، تمتعت ماستر كارد بعقود من النجاح قبل طرح أسهمها للاكتتاب العام في أوائل الألفية الثانية.
في الواقع، كانت بداية ماستر كارد استجابةً لما أصبح لاحقًا يسمى فيزا كارد، إذ إن إطلاق «بنك أوف أميركا» بطاقته المصرفية أواخر خمسينيات الألفية الأولى دَفَع بعدد من مُزَوّدي بطاقات الائتمان الإقليميين إلى التحالف وإنشاء شركة ماستر كارد عام 1966، وكانت حينها تُعرف باسم «انتربنك» تعبيرًا عن ربط البطاقة لمؤسسات مالية مختلفة معًا.
توسعت الشركة وعدلت علامتها التجارية عدة مرات، ومع ذلك استمرت في اكتساب شعبية عالمية متزايدة مع مرور الوقت.
عمومًا، يفضل المستثمرون ماستركارد، إذ سجلت هذه الشركة المشغلة للبطاقات الائتمانية إيرادات صافية بلغت 15.3 مليار دولار عام 2020، بانخفاض قدره 9% عن العام السابق نتيجة جائحة كورونا، في حين بلغت القيمة السوقية لماستر كارد حوالي 351.03 مليار دولار حتى تاريخ 28 أغسطس 2021، ورغم الضجة التي يثيرها المستثمرون أحيانًا، نجد أن رضا المستخدمين النهائيين عن المنتج لم يتغير.
تقف وراء سلاسة عمليات ماستركارد شبكة شاملة من التجار والمؤسسات المالية والبنوك التي يعالج كل طرف منها جزءًا من العملية في مدة لا تتجاوز أجزاء من الثانية.
نموذج أعمال ماستر كارد
تتيح ماستر كارد التعامل بأكثر من 150 عملة عبر أكثر من 210 دولة وإقليم، ورغم أن الشركة لا تحتكر عالم المدفوعات -وهذا ليس بسبب وجود شركات مشابهة مثل فيزا كارد فقط، بل بسبب النمو المتزايد لأعداد مقدمي خدمات الدفع أيضًا- فإنها حققت نجاحًا عالميًا هائلًا بسبب علامتها التجارية العريقة وسُمعتها الجيدة.
تتضمن معاملة (عملية الدفع) ماستر كارد التقليدية خمسة أطراف:
- العميل أو صاحب الحساب
- البنك المُصدر للبطاقات
- التاجر
- البنك المشتري
- معالج المدفوعات نفسه (ماستركارد)
تسلسل العمليات
عادة ما يستخدم صاحب الحساب بطاقةً تحمل شعار ماستر كارد للشراء من التاجر، وعند تفويض هذه الحركة يدفع البنك المُصدر للبطاقة مبلغ تلك العملية للبنك المشتري مطروحًا منها رسوم التبادل (رسوم التمرير)، ثم يتحمل صاحب الحساب تكاليف العملية مطروحًا منها حسم التاجر.
وتعد رسوم التبادل عنصرًا رئيسًا في تحقيق قيمة مضافة للتجار الذين يقبلون الدفع بواسطة منتجات ماستر كارد، ولا تحقق ماستركارد أي عوائد من هذه الرسوم، بينما ومن جهة أخرى تساعد رسوم حسم التاجر على تغطية التكاليف التي يفرضها البنك المشتري.
كيف تجني ماستر كارد الأموال؟
السؤال الآن، أين هي عوائد ماستركارد من العملية السابقة؟
تفرض ماستر كارد رسومًا على المؤسسات المالية التي تُصدر البطاقات بناءً على إجمالي المبالغ الناتجة عن نشاط صاحب الحساب بالدولار، كذلك تحقق الشركة إيرادات من رسوم تحويل العمليات التي تشمل التفويض، التقاص بين أطراف المعاملة، تسوية الحسابات، وبعض المعاملات المحلية والخارجية المحددة.
رسوم معاملات ماستر كارد المحلية والعالمية
عندما تدفع بواسطة بطاقة ماستر كارد، فإنك فعليًّا تقترض الأموال أو تسحبها من البنك المُصدِر للبطاقة والذي طُبع اسمه عليها (تقترض إذا كانت بطاقتك ائتمانية، وتسحب عندما تكون بطاقتك بطاقة خصم فوري من رصيدك في البنك-. توجد الآلاف من تلك البنوك التي تدفع الرسوم لماستر كارد مقابل استخدام خدماتها متعددة الاتصال وشبكة الدفع الخاصة بها التي تعمل بسرعة الضوء.
إن أكبر تباين في قوائم ماستر كارد المالية يظهر عند المقارنة بين حجم العوائد المحلية (الرسوم المفروضة على المؤسسات المالية التي يتعامل معها التجار وحاملي البطاقات والتي تُعالَج في نفس البلد الذي أُجريت عملية الدفع فيه) والعوائد الدولية المتحققة من رسوم معالجة العمليات بين أكثر من دولة؛ إذ بلغت (العوائد المحلية) التي تُعرف رسميًا باسم التقييمات المحلية 6.7 مليارات دولار من إجمالي إيرادات ماستر كارد البالغة 23.6 مليار دولار للسنة المالية 2020، بينما بلغت العوائد الدولية لنفس السنة 3.5 مليارات دولار.
رسوم معالجة معاملات ماستر كارد
تحتل رسوم معالجة المعاملات المرتبة الثالثة في قائمة إيرادات ماستر كارد الرئيسية، بصافي إيرادات بلغ 8.7 مليار دولار عام 2020. تُفرض هذه الرسوم على المؤسسات المالية التي يتعامل معها التجار وتنقسم إلى فئتين:
- رسوم التوصيل: وتُفرَض مقابل استخدام شبكة ماستر كارد، ومقابل توفير الاتصال بين جميع الأطراف لإتمام خطوات المعاملة.
- رسوم تحويل المعاملات وتمريرها: تُفرض مقابل كل مرة يتم فيها تبادل بيانات المعاملات المالية بين البنك المُصدِر والبنك المشتري وكذلك مقابل كل تسوية مالية تتم لأرصدة الحسابات بينهم.
هذه الرسوم صغيرة جدًا لكنها تراكمية؛ إذ إن رسوم معالجة عمليات ماستر كارد تتزايد سريعًا من عام لآخر، حتى أنها تتزايد أسرع من رسوم التقييمات المحلية المذكورة سابقًا التي تعد من أضخم بنود إيرادات الشركة.
الخطط المستقبلية
تؤمن ماستر كارد بأن إحدى أهم ميزاتها التنافسية في أنظمة الدفع هي قدرتها على أن تكون شبكة متعددة القنوات تغطي معاملات الدفع المحلية والدولية ومعاملات الدفع بواسطة البطاقات والتحويل المالي بين الحسابات، لذلك ستواصل الشركة مستقبلًا تطوير جميع تلك القنوات وتقويتها؛ وفيما يخص بطاقات الائتمان وبطاقات الخصم الفوري والبطاقات المدفوعة مسبقًا التقليدية ومنتجات الأعمال؛ فإن الشركة مستمرة بتزويد المستهلكين والمؤسسات المالية بمجموعة أوسع من الخيارات على مستوى المنتجات نفسها وكذلك على مستوى خُطَط الدفع والأنظمة الخاصة بذلك.
ماستر كارد والعالمية
سر نمو ماستر كارد هو التنويع بين الأسواق الجديدة
كان مقدمو الخدمة في المملكة المتحدة يروّجون في عام 2020 لخدمة الدفع باستخدام منتجات ماستر كارد ضمن حملة ترويجية أُطلقت عام 2016 من قبل مؤسسات مالية تعالج نصف إجمالي معاملات بطاقات الدفع في المملكة المتحدة وهي:
- Barclays
- HSBC
- Yoyo Wallet
- Global Payments
- Wirecard
- Worldpay
- Barclaycard
يوفر الدفع بواسطة البنك للمستهلكين في المملكة المتحدة شراء السلع والخدمات باستخدام الأموال المودعة في الحسابات البنكية عبر تطبيقات الخدمات البنكية في الهاتف المحمول، لكن الهدف في النهاية هو تجاوز حدود المملكة المتحدة وجعل التطبيق عالميًا.
التحديات الرئيسية
تُعد ماستر كارد لاعبًا مهيمنًا في قطاع خدمات الدفع العالمية، إلا أنها تواجه تحديات كثيرة من أبرزها القوانين الحكومية.
إذ واجهت الشركة عدة دعاوٍ تتعلق بمكافحة الاحتكار منذ تأسيسها، إضافةً إلى التغير المستمر في قوانين العديد من المناطق التي تمارس ماستر كارد أعمالها فيها؛ لذا يتعين عليها أن تبقى مرنة ويقظة كي تضمن ازدهار أعمالها، خصوصًا أن أعمال الشركة على المستوى العالمي هي أهم العناصر الحاسمة في نجاحها المستمر.
الحفاظ على ماستر كارد
على ماستر كارد الاستمرار في تقديم مجموعة منتجات جذابة ومثيرة لاهتمام جميع أطراف نظام معاملاتها ومراعاة ما يلي:
- يجب أن تستمر ثقة المؤسسات المالية في أن مصلحتها الأفضل تكمن في إصدار بطاقات تحمل شعار ماستر كارد
- الحيلولة دون فرض التجار رسوم إضافية على المنتجات لتعويض الرسوم التي يدفعونها وبالتالي تظوجه أصحاب الحسابات إلى استخدام بطاقات مشغل شبكة دفع آخر
- يجب أن يشعر حامل البطاقات ببساطة وفعالية إجراء معاملات الدفع عبر بطاقات ماستر كارد وتفوقها على أنظمة الدفع الأخرى.
أخيرًا، ونظرًا إلى المنافسة الشديدة من المنافسين التقليديين والتقنيات والشركات الحديثة، يجب على ماستر كارد التأكد من أن عروضها تضاهي عروض المنافسين على الأقل، إن لم تتفوق عليها.
اقرأ أيضًا:
شركة ماستر كارد تعلن عن دعمها المستقبلي للعملات الرقمية.. لكن ليس ذاتها التي تفكر بها
ما الفرق بين بطاقة الائتمان وبطاقة الخصم المباشر؟
ترجمة: ذوالفقار مقديد
تدقيق: علي الطريفي
مراجعة: نغم رابي