في عام 1952 غادر جورج جورغنسن البالغ من العمر 27 عامًا الولايات المتحدة متجهًا إلى الدنمارك، وعندما عاد كان قد تحول إلى كرستين جورغنسن.
جورغنسن، التي وصفت نفسها على أنها امرأةٌ محبوسةٌ في جسد رجل، كانت من أوائل من قاموا بعملية تحويل الجنس من ذكرٍ إلى أنثى عن طريق عملية تضمنت العلاج الهرموني والعمليات الجراحية.
ومنذ ذلك الوقت، أصبحت رائدةً في البحث عن إجراءات إعادة تحديد الجنس.
لم تبدأ هذه العملية في الولايات المتحدة حتى عام 1966.
(تسمى هذه العمليات الآن بعمليات إعادة تنظيم الجنس- gender realignment)
تبدأ معاناة الهوية الجنسية في وقتٍ مبكرٍ من الطفولة، ولكن يتم وصف الشعور مثل شعور الرجل المحبوس في جسم المرأة، أو العكس، من قبل أشخاص في جميع الأعمار.
الشخص الذي يعاني من الصراعات الداخلية هذه من الممكن أن يعاني من قلق وكآبة، ومن الممكن أن يتم تشخيصه باضطراب الهوية الجنسية.
اضطراب الهوية الجنسية هي حالة مرتبطة بالصحة العقلية قد تنشأ عندما يشعر الشخص بأن الجنس الذي ولد به غير مناسب – والتداخل الطبي من الممكن أن يكون ذو فائدة.
يعتبر العلماء أن المعروفين باسم المتحولين جنسيًا، مصابون بمرضٍ بيولوجيٍ وليس عقلي.
كونك متحولٌ جنسيٌ أمرٌ غير متعلقٍ بالتشريح أو التوجه الجنسي، الأمر متعلقٌ بالتعرف على الحالة الجنسية من الداخل – والتي ممكن أن تكون الذكورة، الأنوثة، من دون جنس، أو مزيج من الذكر والأنثى – والتي تختلف عن الجنس المحدد لك على أساس الصفات الجسدية.
في حين أن البعض لن يعترفوا بحالتهم الجنسية، هنالك آخرين يقررون العيش على أساس الجنس الذي يرغبون به.
التحول عملية متكونة من خطوتين: تحول اجتماعي، مثل شراء ملابس جديدة واسم جديد، وتحول طبي، باستخدام العلاج الهرموني والعمليات الجراحية.
بالاعتماد على رغبات واحتياجات كل شخص، التحول من الممكن أن يتضمن تحولًا اجتماعيًا وطبيًا، أو واحدًا من الإثنين، أو قد لا يتم أي تحولٍ لهؤلاء الذين يتجنبون الأمر.
تشخيص اضطراب الهوية الجنسية
عملية التحول الجنسي هي عمليةٌ فريدةٌ لكل شخص، وسيتضمن طريق هؤلاء الذين يختارون القيام بتحويلٍ طبيٍ الاستشارة الطبية، تشخيص إصابتهم باضطراب الهوية الجنسية، العلاج الهرموني وتجربة حياة الجنس الآخر، قبل القيام بالعمليات الجراحية التناسلية.
لا يحتاج أو يريد كل المتحولين جنسيًا هذه العلاجات، ولا يجري كل المتحولين عمليات جراحية.
هؤلاء الذين يختارون التحول طبيًا قد يختارون عددًا من العمليات، أو يركزون على الجزء العلوي أو السفلي أو العمليات التجميلية.
تسمى مجموعة الإجراءات هذه بالتحول الجنسي.
تبدأ العملية بالعلاج النفسي، بالإضافة إلى توفير المشورة، يُقَيم المختصون بالصحة العقلية استعداد الشخص للعلاج الهرموني والتداخل الجراحي.
من أجل أن يصبح الشخص مرشحًا لجراحة التحول الجنسي، يجب أن يتم تشخيصه باضطراب الهوية الجنسية، حسب البروتوكول المتبع في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية التابع للجمعية الامريكية لعلم النفس (DSM-5)، وهو دليلٌ يستخدم لتصنيف الأمراض العقلانية.
تم تقسيم اضطراب الهوية الجنسية إلى تصنيفاتٍ عديدة (مثل نوع الطفولة والمراهقة) في الدليل الرابع (DSM-4).
تم القيام بهذا التصنيف ليس فقط لضمان الحصول على الرعاية وتقليل وصمة العار المرتبطة بالهوية الجنسية، لكنه أيضًا لإزالة الارتباط بين المتحولين جنسيًا والأمراض العقلية.
امتلاك الشخص لشعور أن الجنس الذي ولد به غير مشابهٍ لهويته الجنسية – لما لا يقل عن ستة أشهر – لا يعتبر مشكلةً صحية سلوكية.
ليتم تشخيصه باضطراب الهوية الجنسية، يجب عليه أن يعاني من حالتين أُخريين على الأقل مثل:
1-التعبير الخارجي لجنسٍ يختلف عن الجنس الذي يتوقعه المجتمع.
2-الرغبة في أن يكون جنسه مختلفًا.
3-الرغبة في أن تتم معاملته كالجنس الآخر.
4-الرغبة في التخلص من الصفات الجنسية الرئيسية والثانوية للجنس الغير مرغوب.
5-الرغبة في امتلاك الصفات الجنسية للجنس المرغوب.
6-الاعتقاد بأن أفعالهم التي يقومون بها تابعةٌ للجنس الآخر.
الرغبة في تغيير الجنس ليست علامةً تدل على مرضٍ آخر أو شذوذٍ كروموسومي.
بالإضافة إلى هذا، مشاكل الهوية الجنسية هذه من الممكن أن تشكل محنةً على الصعيد الشخصي، الاجتماعي، أو المهني.
بعد الحصول على الاستشارة والتشخيص، لن يحصل المريض على عملية استئصال مهبل او استئصال قضيب مباشرةً.
هؤلاء الذين يختارون القيام بعمليةٍ جراحيةٍ سيحتاجون رسائل توصيةٍ من المستشارين، الأطباء النفسيين، أخصائيي علم النفس، أخصائيي علم الجنس، قبل أن يخضعوا لأية عمليةٍ جراحية.
يوصي الأطباء عادةً بالعلاج الهرموني لتغيير الصفات الجنسية الثانوية للجنس المرغوب قبل الخضوع لعمليةٍ جراحية.
بالإضافة إلى العمليات الجراحية لإعادة بناء الأجزاء الداخلية والخارجية للأعضاء التناسلية، فان أغلب الصفات الجسدية يتم السيطرة عليها بالعلاج الهرموني والذي يتم وصفه من قبل أخصائي في الغدد الصماء لكبح صفاتٍ معينة (مثل توزيع الشعر في الجسم) أو لزيادة صفاتٍ اخرى (مثل نمو الثدي).
من الممكن أن يستمر العلاج الهرموني لعدة سنواتٍ (يتطلب الأمر ما لا يقل عن سنتين للحصول على أفضل النتائج)، ومن الممكن أن يكون متزامنًا مع ما يسمى بتجربة الحياة الحقيقية للجنس الآخر، وهي سنةٌ تكون مخصصةً للعيش على طريقة الجنس الآخر للمساعدة على التكيف – اجتماعيًا، جسديًا وعاطفيًا – لأجل الوصول لتلك لتغييرات الكبيرة المتعلقة بالتعبير الجنسي.
عملية تحويل الجنس
من الصعب معرفة ما هو العدد الحقيقي، ولكن معهد ويليامز يقدر بأن 0.3% من مجموع سكان الولايات المتحدة يتم التعرف عليهم كمتحولين جنسيين، ولكن ليس كل هؤلاء يرغبون القيام بعمليةٍ جراحيةٍ لتحويل الجنس.
في كل عام، يقوم ما يقارب 100 إلى 500 شخص في الولايات المتحدة بعملية إعادة بناء جنسي لعلاج اضطراب الهوية الجنسية.
الولايات المتحدة ليست مكانًا رئيسيًا لعلاج اضطراب الهوية الجنسية، تتم ما يقارب ال2500 عملية تحويل جنسٍ على مستوى العالم كل عام – تعتبر تايلند الوجهة الرائدة للجراحات المتعلقة بالجنس.
تتم عمليات التحول الجنسي طبقًا لقواعد الجمعية التخصصية العالمية لصحة المتحولين جنسيًا (WPATH) ومعايير الرعاية لاضطراب الهوية الجنسية.
يتم تحديد نوع العمليات الجراحية المراد إجراؤها وفقًا لحاجات المريض وحالته المادية.
لا يحتاج أو يريد كل مريض نفس العمليات، ويتم اختيار العمليات بصورةٍ خاصة لكل مريض.
بعض العمليات تعتبر ضرورية طبيًا لمعالجة اضطراب الهوية الجنسية، في حين أن العمليات الجنسية الاخرى الشائعة مثل عملية تجميل الأنف، ورفع الحاجب قد تعتبر تجميلية، إلا أن البعض يعتبرون المظهر الخارجي هذا أكثر أهميةً من إعادة بناء الأعضاء التناسلية.
تتضمن العمليات للرجال المتحولين (أو هؤلاء الذين اعتُبروا إناثًا عند الولادة) :
1-إستئصال الثدي من الجهتين.
2-إستئصال الرحم.
3-اعادة بناء العضو التناسلي عن طريق عملية تسمى metoidioplasty (وهي عملية تسمح للجراح بإعادة بناء القضيب من البظر).
4-رأب كيس الخصيتين (بناء كيس الصفن).
5-استئصال المهبل.
6-رأب القضيب (بناء القضيب).
من الممكن أن يتم إضافة طعمٍ قضيبيٍ (وهو طعمٌ صناعيٌ يستخدم لعلاج حالات ضعف الانتصاب) أو طعمٌ خاصٌ بالخصيتين للأعضاء التناسلية الجديدة.
على الرغم من ان أقصى طولٍ للقضيب الجديد هو 2 إنش (5 سنتمتر)، إلا أن هنالك دراسةً أظهرت أن 80 بالمئة من الرجال المتحولين قد تمكنوا من الحصول على جماعٍ جنسيٍ، وأغلبهم تمكنوا من الوصول إلى هزة الجماع.
عدد النساء المتحولات، أو هؤلاء الذين اعتبروا رجالًا عند الولادة، أكثر بكثيرٍ من الرجال المتحولين، ومن الممكن أن يبدأ التحول الجسدي بزرع الثدي،
إضافةً إلى العمليات التجميلية لتأنيث الجسم والوجه، مثل عملية تأنيث الوجه (FFS)، وزراعة الفخذ والورك قبل القيام بإعادة بناء الأعضاء التناسلية.
وتتضممن العمليات التي تؤدي إلى تكوين العضو التناسلي الأنثوي:
•رأب البظر ( بناء البظر).
• رأب الأشفار.
•استئصال البروستات.
• رأب الاحليل (إعادة بناء الإحليل).
•رأب المهبل (تكوين القناة المهبلية، من نسيج القضيب أو بترقيع من القولون).
•استئصال القضيب، وهي عمليةٌ تتم بالمزامنة مع رأب المهبل، ويتم تكوين غطاء البظر من حشفة القضيب.
في الولايات المتحدة، تكلف العمليات الجراحية هذه من 25,000 دولار (بالنسبة لعمليات التحويل من الذكر إلى الأنثى) إلى 100,000 دولار أو أكثر (للتحول من أنثى إلى ذكر)، على الرغم من أن السعر النموذجي يتراوح من 7,000 إلى 50,000 دولار.
يدفع المتحولون الجنسيون في بريطانيا ما يقارب 10,000 باوندًا (15,000دولار). يستطيع المرضى المتحولون من أنثى إلى ذكر في تايلند أن يدفعوا 8,000 دولارًا إضافيةً ليزيدوا، على سبيل المثال، طول القضيب ذو الإنش الواحد إنشات إضافية.
يكون الأشخاص المتحولون جنسيًا الذين قاموا بعملية تغيير جنس، سعداء بما قاموا به، في أغلب الأحيان.
في المملكة المتحدة، على سبيل المثال، فقط 2 بالمئة من الأشخاص الذين قاموا بعمليات تحويل جنس هم من أظهروا ندمهم لقيامهم بالتحول الجسدي هذا، مقارنةً ب 65 بالمئة الذين ندموا من غير المتحولين الذين قاموا بعمليات تجميلية.
وفي الولايات المتحدة، أقل من 1 بالمئة من النساء المتحولات جنسيًا قد ندمن على عملية إعادة بناء أعضاءهن التناسلية، وهي نسبةٌ مشابهةٌ لنسبة حدوث المضاعفات على المدى البعيد.
أظهر أكثر من 80 بالمئة من الأشخاص رضاهم بالمضاعفات (القابلة للعلاج) على المدى البعيد مثل نمو الشعر المهبلي (والمنتشر بنسبة 29 بالمئة عند النساء المتحولات جنسيًا) والمشاكل البولية (بنسبة مشابهة تقريبًا، مقاربة لل27 بالمئة).
نسب الندم عند الرجال المتحولين جنسيًا يصعب قياسيها، لأنهم أقل عددًا من النساء المتحولات جنسيًا.
بالطبع، هنالك حالة تشارلس كين الشهيرة، الذي تحول من ذكرٍ إلى أنثى عام 1997، ومن ثم رجع من جديد.
بعد ان أصبح سيمانثا كين لمدة سبع سنوات، وجد تشارليس أنه لن يتم تقبله «كامرأةٍ حقيقية» بالنسبة لنفسه وللمجتمع، وشعر أن العلاج الهرموني قام بتغيير عقله للقيام بالقرار الأول، ولكن، حالة كين هي حالةٌ شاذة.
- ترجمة: سنان حربة
- تدقيق: م. قيس شعبية
- تحرير: ندى ياغي
- المصدر