قد تؤدي السياسة المالية التوسعية، وفقًا لنماذج التوازن العامة في الاقتصاد الكلي المعاصر، إلى تزاحم نشاط القطاع الخاص في سوق الائتمان. يمكن استخدام هذه الحجة أيضًا في الاتجاه المعاكس، إذ قد تسمح السياسة الانكماشية بزيادة النشاط الخاص في سوق الائتمان. في الأدبيات، يشار إلى هذه الظاهرة أحيانًا باسم «الازدحام».
فهم السياسة المالية الانكماشية
تشير السياسة المالية إلى عادات الإنفاق وفرض الضرائب الحكومية. ولتوجهات السياسة المالية نوعان: انكماشية وتوسعية.
تتمثل السياسة الانكماشية في خفض العجز الحكومي مباشرةً أو زيادة الفائض. أما السياسة التوسعية فتزيد العجز مباشرةً أو تخفض الفائض.
تظهر الميزانية العمومية للحكومة المزيد من الإيرادات بزيادة الضرائب، أما خفض الإنفاق فهو عملية انكماشية إذ يقلل من النفقات. وفقًا لمقاييس الناتج المحلي الإجمالي القياسية، تقلل السياسة المالية الانكماشية الناتج الإجمالي بوضوح. وتميل الضرائب إلى خفض الاستهلاك الخاص، بالطريقة ذاتها التي يؤدي بها خفض الإنفاق إلى خفض الاستهلاك الحكومي.
فهم المُزاحمة والازدحام
لنفترض أن الحكومة الفيدرالية تزيد الإنفاق المالي بمقدار 100 مليار دولار في عام معين. عندما لا تحظى الضرائب بشعبية سياسية، فإن الحكومة تمول الإنفاق الإضافي عادةً بواسطة الاقتراض. تقترض الحكومة الفيدرالية المال بإصدار سندات الخزانة الأمريكية. في هذه الحالة، تصدر الحكومة سندات خزانة بقيمة 100 مليار دولار. وبهذا تكتسب 100 مليار دولار مباشرةً من سوق الائتمان، وهي أموال كان من الممكن إنفاقها على استثمارات وسلع استهلاكية أخرى. تحدث القضايا العامة بواسطة استبعاد القضايا الخاصة المحتملة.
يؤثر تدفق سندات الدين العام في أسعار الفائدة والأصول. يميل سعر الفائدة الحقيقي إلى الارتفاع عندما يُشجع الأفراد على زيادة مدخراتهم لشراء الديون الحكومية، وحينها يجد الأفراد والشركات الصغيرة صعوبة أكبر في الحصول على قروض.
وبالمثل، يؤدي خفض الاقتراض الحكومي إلى إتاحة المزيد من الأموال للاستثمار الخاص. ضغط أقل على أسعار الفائدة يعني مجالًا أكبر لصغار المقترضين. على المدى الطويل، يعني الإنفاق الحكومي الأقل ضرائب أقل غالبًا، ما يزيد حجم الأموال المتاحة للأسواق الخاصة.
إذا كانت السياسة المالية الانكماشية التي تنتهجها الحكومة تؤدي إلى الفائض، فإن الحكومة تستطيع العمل دائنًا لا مدينًا. التأثيرات المترتبة على هذا الأمر ليست أكثر تأكيدًا من التأثيرات الناجمة عن الإنفاق بالعجز، مع هذا يتفق الخبراء على أن الأمر سيكون مؤثرًا بعض الشيء.
نوعان من الازدحام
جادل بعض خبراء الاقتصاد بأن السياسات التوسعية إذا انتهجتها الحكومة قد تسبب الازدحام، لا المزاحمة. إذا كان الطلب الكلي المتزايد، وفقًا لخبراء الاقتصاد الكينزيون، يؤدي إلى التوسع الاقتصادي، ستجد الشركات أنه من المربح زيادة السعة. قد يكون هذا التعزيز للأسواق، الذي يُسمى الاستثمار المُحفز، أقوى من تأثير المزاحمة.
هذه حجة مختلفة تمامًا عن تأثير الازدحام التقليدي، الذي ينشأ عن سياسة مالية انكماشية. لكل حجة مؤيدوها ومنتقدوها. ولزيادة تعقيد الأمور، فإن بعض خبراء الاقتصاد يسمحون بتأثير الازدحام، لكنهم يختلفون حول حجمه وآثاره طويلة الأجل.
اقرأ أيضًا:
دروس نتعلمها عن الأسواق في أثناء الجائحة
دوج كوين: كل ما عليك معرفته عن هذه العملة الرقمية
ترجمة: منىٰ جسام
تدقيق: أكرم محيي الدين