سعى فريق من الباحثين لتقييم الأنماط المتنوعة للغزل التي يستخدمها الأفراد للتعبير عن اهتماماتهم العاطفية تجاه الشريك المحتمل. لذا راجعوا مؤلفات الطب النفسي ووضعوا استبيانًا خاصًا، سُمي مُجمّع أساليب الغزل، يهدف لقياس الأنماط الخمسة المختلفة للغزل. هذه الأنماط هي:
- النمط التقليدي: يتعلق بالأفعال المرتبطة بجنس الشريك، مثل أن تعبر الأنثى عن تقبلها للشريك عبر التواصل البصري، وأن يبدأ الذكر بالتواصل الكلامي.
- النمط الجسدي: يتضمن التعبير عن الإثارة الجسدية، والرغبة الجنسية، والانجذاب للسلوكيات غير الكلامية مثل اللمس ولغة الجسد الراغبة.
- النمط الصادق: يتضمن إنشاء علاقة عاطفية مع الشريك عبر الصدق، وإشعاره بالارتياح، وبناء علاقة عميقة.
- النمط المرح: يهدف الغزل في هذا النمط للتسلية والضحك والمزاح وقضاء وقت ممتع، وليس لإنشاء علاقة.
- النمط المهذب: يتضمن التصرف بأسلوب أخلاقي، وحذر، ومحافظ، بهدف تجنب الإحراج أو الرفض، أو بهدف الانتقائية.
بعد إجراء الاستبيان، قارن الباحثون نتائج أنماط التغزل الخاصة بالمشاركين في الدراسة بالقياسات الأخرى الخاصة بشخصياتهم. ليجدوا أن الأفراد المنفتحين يميلون أكثر نحو اعتماد النمط الجسدي، أو المرح، أو الصادق للغزل، على عكس الأفراد المنغلقين الذين يميلون أكثر نحو النمط التقليدي أو المهذب.
أيضًا كشف التحليل العميق لنتائج الاستبيان أن الأفراد الأكثر قبولًا يميلون إلى اعتماد النمط الصادق للغزل، في حين يميل الأفراد المقبولون بدرجة معتدلة وذوو الضمير -الاجتماعيون بشدة- نحو النمط الجسدي، أما النمط المرح فيستخدمه الأشخاص الأقل قبولًا أو ضميرًا.
ترتبط الأنماط المختلفة للغزل بنتائج العلاقات والتجارب العاطفية؛ إذ أشار الباحثون إلى أن العلاقات العاطفية الناجحة تترافق أكثر مع الأشخاص الصادقين أو المرحين أو الجسديين في غزلهم. أيضًا كشف الباحثون أن النمط الصادق والجسدي في الغزل يدفع بسرعة نحو بناء العلاقة بين الطرفين، مع تواصل عاطفي وجنسي قوي.
بالمقابل، نظرًا إلى طبيعتهم الأكثر حذرًا وانغلاقًا، يعاني الأفراد الذين يفضلون النمط التقليدي والمهذب للغزل صعوبةً أكثر في مواعدة الآخرين وإنشاء علاقات عاطفية. مع هذا، يجد المتغزلون التقليديون فائدةً في كون علاقاتهم العاطفية بطيئة التطور، إذ يرى المتغزلون المهذبون علاقاتهم العاطفية القليلة قوية وصادقة. أيضًا، يميل الأفراد المهذبون لأن يكونوا صادقين ما يساعدهم أكثر في علاقاتهم. عمومًا، في حين تركز بعض الأنماط الغزلية على إيجاد العلاقات وبنائها، تتوجه أنماط أخرى نحو البناء البطيء لعدد محدود من العلاقات.
كيف توظف نمط غزلك الخاص؟
مثلما أشار البحث السابق، كل نمط من أنماط الغزل فعال بطريقته الخاصة؛ إذ يركز على بعض السلوكيات الغزلية في حين يتجاهل سلوكيات أخرى، ولكل نمط إيجابياته وسلبياته. ولكي تحظى مساعيك الغزلية بنجاح باهر يجب عليك أن توفق بين أسلوب غزلك وصفاتك الجاذبة الأخرى، مثل شخصيتك، وأهداف حياتك التي تسعى لها.
يستطيع المتغزل الصادق النجاح أكثر في غزله بالتركيز على بناء صورة إيجابية عن شخصيته والسعي الدائم لتطوير صفاته ومهاراته الخاصة الجاذبة. من بعض التقنيات الأساسية المهمة لنجاح هذا النمط أن يبني المتغزل اهتمام الشريك به عبر التواصل البصري معه وإشعاره بالارتياح عند الجلوس معه، بتقليد سلوكياته الخاصة. أيضًا من المهم اختيار الوقت المناسب لكلماتك، بقراءة لغة الجسد الخاصة بالشريك. عمومًا، بتطبيق هذه النصائح ودمجها بصفاتك ومهاراتك الجاذبة، سيحقق غزلك الصادق هدفه في جذب الشريك وبناء علاقة عاطفية.
أما المتغزلون الجسديون فنجاحهم يكون عبر التركيز على إظهار جمالهم الجسدي والتعبير عن لغة جسد جاذبة. بهذا الأسلوب، يعتمد نجاح الغزل الجسدي على إظهار لغة جسد لافتة واستخدام اللمس والتواصل الجسدي في الوقت المناسب لبناء الانجذاب. إظهار الثقة بالشريك والفضول تجاهه، بدلًا من التوتر وعدم الارتياح، يساعد المتغزل الجسدي على بناء تواصل سلس ومفعم بالحيوية. تساعد هذه النصائح والسلوكيات المتغزل الجسدي على إيقاد شعلة الولع والرغبة الجنسية عند الشريك.
يميل المتغزلون المرحون إلى المخاطرة أكثر في علاقاتهم؛ إذ يعتمدون في غزلهم على التوجه «غير المهتم» أو «الكل أو لا شيء». لهذا السبب، ينبغي لهم بداية أن يتأقلموا مع الرفض الشخصي، الذي ينتج أساسًا من أسلوبهم المرِح والصارِخ. يتضمن هذا الأسلوب إما استخدام عبارات تحمل معنى جنسيًا صريحًا يستخدمها الرجال، أو عبارات صريحة تستخدمها النساء، هذا النمط قد يثير بعض الناس لكنه ينفر آخرين.
قد يتضمن الغزل المرح أيضًا مكافأة الشريك بالاهتمام بسبب سلوكه الجاذب، ثم سحب هذا الاهتمام بعيدًا لتشويقه. يتعلق هذا النمط من الغزل بمهارة التظاهر بعدم الاهتمام من أجل التشويق، والتوازن بين الاهتمام والإهمال، وبين التقرب والابتعاد، كأنك تثير قطًا بخيط صوفي. يتوافق هذا النمط الخالي من التعلق أكثر مع الأشخاص الهادفين إلى علاقات غير مستدامة وقصيرة.
يميل المتغزلون المهذبون والتقليديون لإعطاء تركيزهم أكثر تجاه العلاقات ذات الأهداف العملية وإيجاد شركاء مهتمين بالالتزام طويل الأمد بالعلاقة. يفيد هذا التوجه في قضاء وقت كافٍ لاستيعاب سلبيات وإيجابيات الطرفين، ولفهم لماذا وكيف تتغير أساليب المواعدة الحديثة، واختيار الصفات التي تصنع شريكًا رومانسيًا مناسبًا.
يتعلق الغزل المهذب والتقليدي أكثر بأساليب جذب الانتباه المتعلقة بجنس الشريك، خصوصًا السلوكيات التي تتبعها النساء لجذب الاهتمام. عادةً ما يكسر الغزل التقليدي والمهذب الجليد ويثير الانسجام بين الطرفين بطريقة لا تخاطر بالرفض، وتسمح للطرفين بالتعبير عما يسعون له في الشريك وما سيقدمون له في المقابل.
هذه الاتجاهات الغزلية صادقة وتحمل أهدافًا نبيلة. مع هذا، قد تكون جامدة أحيانًا أو غير مثيرة للاهتمام عند الشريك المحتمل، خاصةً إذا كانت تحمل طابعًا رسميًا جدًا في التعبير عنها. يستطيع المتغزلون التقليديون والمهذبون تبني بعض أساليب الغزل الجسدية والصادقة مع الاحتفاظ بمبادئهم وأهدافهم الخاصة. بهذا سيتمكنون بنجاح من التواصل مع الشركاء التقليديين والمنغلقين، وإن وجدوا أنفسهم في بيئة حديثة ومنفتحة.
اقرأ أيضًا:
إليك ما يجب أن تعرفه عن فن المغازلة
تحدث الكثير من سلوكيات المغازلة دون وعي.. متى تتحول المغازلة إلى تحرش جنسي؟
ترجمة: يونس الجنيدي
تدقيق: أكرم محيي الدين