ولد السير كارل بوبر (Karl Popper) (1902-1994) في النمسا، وشغل لمدة طويلة من تاريخه المهني منصبًا في كلية لندن للاقتصاد، إذ كان فيلسوفًا في العلم، وساهم أيضًا في نظرية المعرفة، والفلسفات الذهنية والاجتماعية والسياسية، وناقش بأن النظريات العلمية متميزة عن غير العلمية والعلم الزائف بكونها ادعاءات قابلة للدحض.
واقترح بوبر حلًا لمعضلة الاستقراء، مجادلًا بعدم وجود حاجة له في المنهجية العلمية، إذ تتضمن هذه المنهجية اقتراح نظريات تخمينية تخضع بعد ذلك لاختبارات صارمة تحاول دحضها، فتُرفض النظريات التي تفشل في هذه الاختبارات، بينما تُقبل تلك التي تتجاوز محاولات التفنيد، ولكن بشكل مؤقت، أي أن صحتها لا تُعتبر مثبتةً، وإنما تُدعم بأفضل حالاتها.
وتمتلك الفلسفة الداحضة للعلم هذه تطبيقًا أكثر عموميةً من منهجية العلوم، وتُعتبر محاولة دحض نظرية ما سعيًا لنقدها، ويقع النقد بالنسبة لبوبر في صميم التفكير العقلاني، والذي اعتمده لتأليف منهجية النقاش والتفكير الناقدين، ونتج عن ذلك ما يُعرف بالعقلانية الانتقادية.
نشر بوبر أفكاره هذه ضمن المجالات الاجتماعية والسياسية أيضًا، فقدّم الفرق بين المجتمعات المنفتحة والمنغلقة، إذ ترحّب المجتمعات المنفتحة بالمناقشات الانتقادية والتغيرات وتتبناها، بينما تعتمد المجتمعات المنغلقة، القبائلية غالبًا، على عادات وتقاليد مجتمعية غير متغيرة.
أشهر أقواله:
- نحن نصبح صنّاع أقدارنا عندما نتوقف عن التظاهر بأننا أنبياء.
- طالما تشير فرضية علمية ما إلى الواقع، يجب أن تكون قابلة للدحض، وبالعكس إذا كانت غير قابلة للدحض، فإنها لا تعّبر عن الواقع بحق.
- لا يمكن لمعرفتنا إلا أن تكون محدودة، ولكن جهلنا يجب بالضرورة أن يكون غير محدود.
- حالما تبدو لك نظرية ما على أنها الوحيدة المُحتملة، خُذ بالحسبان أنها إشارة على أنك لم تفهم هذه النظرية ولا المشكلة التي عُنيَت بحلّها.
- من المستحيل أن يتحدث المرء بطريقة لا يمكن أن يُساء فهمها.
- تقضي الاختبارات الجيدة على النظريات المعيبة، ونبقى نحن لنخمّن من جديد.
- أولئك الذين وعدونا بالجنة على الأرض لم يُنتجوا إلّا الجحيم.
- لن تمتلك أيُّ حجّة عقلانية أيَّ تأثير عقلاني على فرد لا يريد تبنّي سلوك عقلاني.
- يمكن وصف العلم كفنّ التبسيط المنهجي المفرط.
- لا يوجد تاريخ للجنس البشري، وإنما تواريخ عدة لجميع أشكال جوانب الحياة البشرية، ومنها تاريخ السُلطة السياسية، الذي ارتفعت منزلته ليُعتبر تاريخًا للعالم.