يبدو أن الدراسات الجديدة حول قمر زحل الشبيه بالأرض تشير إلى أن احتمال استضافته لحياة فضائية ضعيف، والسبب في ذلك هو ميكانيكا الكم، والقواعد الغريبة التي تحكم الجسيمات دون الذرية.
وصف الصورة: صورة التقطها المسبار كاسيني التابع لناسا سنة 2006، تبين بحيرتين من الهيدروكربون على القمر تيتان
يمتلك تيتان Titan، وهو أحد أقمار زحل وثاني أكبر قمر في نظامنا الشمسي، عددًا من الخصائص الفريدة، جعلت علماء الفلك يفترضون إمكانية استضافته للحياة (القمر الأكبر هو قمر المشترى جانيميد Ganymede). إذ يُعَد القمر الوحيد في نظامنا الشمسي مع غلاف جوي سميك، وهو الجرم الوحيد في الفضاء، إلى جانب الأرض بالطبع، الذي يحتوي على مسطحات سائلة على سطحه. في حالة تيتان، فإن هذه المسطحات بحيرات شديدة البرودة من الهيدروكربون hydrocarbon، وهي أقرب إلى البنزين في البنية الكيميائية.
يقترح بعض الباحثين أن هذه البُنى المعقدة قد تحرر فقاعات ذات خصائص فريدة يمكنها محاكاة المكونات الضرورية للحياة على كوكبنا.
على الأرض، تترتب جزيئات الأحماض الدهنية (الليبيدات) تلقائيًّا في أغشية على شكل فقاعات، تشكل حواجز حول خلايا جميع الكائنات الحية المعروفة. يعتقد بعض الباحثين أنها أحد المكونات الرئيسية الأولى لتشكل الحياة على الأرض.
توقع الباحثون سابقًا وجود مجموعة مكافئة من هذه الفقاعات على تيتان، تتكون من جزيئات نيتروجينية تسمى أزوتوسوم azotosomes .
لكن كي تنشأ هذه البُنى تلقائيًّا، دون ماء سائل أو أكسجين بالغلاف الجوي، يجب توفر مجموعة من العوامل الفيزيائية على تيتان، منها أن تبلغ درجة الحرارة سالب 185 درجة مئوية.
اقرأ أيضًا: حل أحجية «خطوط النمر» الجليدية على «إنسيلادوس» قمر زحل
أشارت الدراسة السابقة، باستخدام محاكاة الديناميكا الجزيئية molecular dynamics، وهي تقنية تُستخدم غالبًا لفحص كيمياء الحياة، إلى أن هذه البنى الفقاعية يمكنها أن تظهر وتصبح شائعةً في بيئة مثل تيتان. لكن ورقة جديدة، نُشرت في 24 يناير الماضي في مجلة Advances Sciences ، تشير إلى أن المحاكاة السابقة كانت خاطئة.
درس الباحثون في الورقة البحثية الجديدة إمكانية بقاء هذه البُنى الفقاعية حيويًّا باستعمال الديناميكا الحرارية thermodynamic viability، اعتمادًا على عمليات محاكاة معقدة تتضمن ميكانيكا الكم quantum mechanics.
إليك ما يعنيه ذلك: ضع كرة في أعلى التل (موضع طاقة وضع أعلى) وستميل غالبًا للتدحرج الى أسفل (موضع طاقة وضع أقل). وبالمثل، تميل المواد الكيميائية إلى أن تترتب في أنماط أبسط وأقل طاقة. درس الباحثون كون الأزوتوسومات ستكون الأبسط والأكثر كفاءةً بالنسبة للجزيئات المحتوية على النيتروجين.
كتب الباحثون في ورقتهم أن تيتان يمثل حالة اختبار قاسية للحياة، إذ أظهرت المحاكاة أن الأزوتوسومات لا يمكن أن توجد من ناحية الديناميكية الحرارية على تيتان، ما يعني أن تيتان لا يمكنه استضافة حياة فضائية.
يرى الباحثون أن هذا الاكتشاف قد يساعد ناسا على تحديد أدق لتجارب المهمة الاستطلاعية Dragonfly إلى تيتان المخطط لها في الثلاثينيات من هذا القرن، وأنه لا يزال من الممكن نظريًّا ظهور الحياة على تيتان، لكنها قد لا تتضمن أغشيةً خلوية كالتي نعرفها.
اقرأ أيضًا:
ما الذي يخفيه قمر زحل تايتان ؟
الخريطة الأولى لقمر كوكب زحل تيتان تكشف عن ميزات مدهشة
علماء الفلك قد وجدوا للتو دليلًا على ظاهرة طقس غريب على القمر تيتان
ترجمة: ياسمين نصر الله
تدقيق: رزوق النجار
مراجعة: أكرم محيي الدين
