تداول الناس مقولة منذ القدم وعبر الأزمنة أن العيون بوابة الروح، والآن يأخذها العلم بعين الاعتبار فلربما أطلقوها بناءً على شيء ما.
بحثت دراسة جديدة نُشرت في مجلة علم النفس حول كيفية تواصل البشر بواسطة أعينهم مع الآخرين وتخمين حالاتهم الانفعالية بتلك البساطة. وبالطبع، إنه أمر نقوم به جميعنا كل يوم وبإدراك منا أحيانًا. لكن هذه الدراسة تخبرنا عن الأمر ببالغ الدقة والعمق أكثر مما كنا نعتقده سابقًا.
يفسر المؤلف دانييل من جامعة كولورادو بولدر في تقرير بحثه: «إذا كنت تتساءل وأنت تشاهد فيلم “اكتم حماسك” ما السبب وراء تغميض لاري ديفيد لعينيه نصف إغماض وهو ينقل التدقيق، فإن عملنا يقترح نظرية تشرح ذلك. إن تضييق العينين بغاية التفحص البصري مرتبط أيضًا بالتدقيق».
طبّق الباحثون 600 تجربة على 28 مشاركًا عرضوا عليهم صورًا لعيون مفصولة عن وجوه الأشخاص وتحمل تعابير متنوعة، مثل الحزن والاشمئزاز والبهجة والخوف والذهول، ثم كان عليهم اختيار كلمة تصف نوع الحالة النفسية والروحية لذلك الشخص.
بعد النظر والبحث في النتائج، حلل الباحثون كيفية ربط هذه الملاحظات المُدرَكة حسيًا بحركات العين المميزة، مثل تفتيح العينين والمسافة بين الحاجب والعين وانحدار الحاجبين وانحنائهما بالإضافة إلى التجاعيد حولهما والأنف والصدغ وتحت العين.
قد لا نستغرب إن أظهرت النتائج أن ردود فعل المشاركين على تعابير الوجوه التي شاهدوها كانت متشابهة وبوضوح. فمن المعروف على نطاق واسع أن تضيق العين قد ارتبط بالحالات النفسية المتعلقة بالتمييز الاجتماعي أو النبذ مثل الكراهية والارتياح والعدوان. وبالمقابل كان العكس، فقد ارتبط اتساع العينين بشكل كبير بالحساسية والتوقع والجبن والاهتمام.
قد تبين أن هذه الحركات كانت متقنة مذهل وغير متوقع، ربما هذا ما يفسر لماذا لا يتعاطف البشر مع بعضهم ولا ينسجمون دائمًا إذا صح التعبير.
يوضح دانييل: «إن أساليب البشر بالتعبير معقدة للغاية، فإذا أردنا أن نحسب عند تعداد عضلات الوجه لدينا فإن هناك ما لا يقل عن 3.7×10¹⁶ مجموعة تعابير مختلفة، أي ما يقارب نفس مجال احتمال الفوز بالجائزة الكبرى في لعبة بوربول. لقد فحصنا منطقة العين فقط وهي مجموعة فرعية من هذه المساحة ووجدنا أن بعدًا ماديًا بسيطًا (التوسع مقابل التضييق) يشرح لنا غالبية هذا المجال المعقد من التواصل الاجتماعي».
يوضح مؤلفو الدراسة أنه على الرغم من أن هذه التعبيرات قد تولدت لغايات عملية إلا أنها ربما قد اختيرت كذلك لغايات اجتماعية. فمثلًا، قد يكون بدأ تضيق العين من أجل زيادة حدة البصر أكثر، وربما في أوقات التركيز العالي مثل وقت الصيد والمجابهة الجسدية، ومن هنا جاءت فكرة ارتباطه بالغضب والعدوان.
أضاف دانييل: «لقد عدنا إلى داروين، ونظرياته حول كيفية تطور مظهر التعبير من وظيفته الحسية عند المرسل لتبدو كذلك وظيفة اتصال أيضًا عند المتلقي».
اقرأ أيضًا:
أدمغة حديثي الولادة تفتقر إلى النضج الكافي لمعالجة المشاعر مثل أدمغة البالغين
ما هو الأذى الذي يسببه تزييف المشاعر في العمل
ترجمة: رغد شاهين
تدقيق: بشير حمّادة