مشروع جديد يبحث إمكانية الاستخدام المتكرر لرمال السيليكا بهدف تخزين الطاقة الحرارية وإطلاقها عند الحاجة إليها.
التزامًا برؤية إدارة «بايدن- هاريس» الهادفة إلى انبعاثات كربون صفرية بحلول عام 2050؛ تبذل الولايات المتحدة الأمريكية جهدها لتنقية مصادر طاقتها من الانبعاثات الكربونية، إذ وضعت الإدارات المحلية الرئيسية في أنحاء الولايات المتحدة مثل بلدية مدينة نيويورك ومدينة نيو أورلينز جداول زمنية لتحقيق هذه الرؤية بحلول عام 2050.
إن تطبيق الرؤية يستوجب وجود مخازن طاقة تضمن استمرار عمل شبكة الكهرباء عند غياب مصادر الطاقة المتجددة، وبالتالي ضرورة رفع قدرة بطاريات الليثيوم على تخزين الطاقة المتولدة من مصادر متجددة مثل طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية. من حسن الحظ أن هذه التقنية أصبحت متاحة بصورة كبيرة، إذ سجلت الولايات المتحدة الأمريكية قدرة تخزين وصلت إلى 1.2 جيجا وات من الطاقة في بطاريات الليثيوم عام 2020 وفقًا لتقرير صادر عن مجلة Yale Environment 360؛ وسط توقعات ارتفاع هذا الرقم في السنوات القليلة القادمة إلى ما يزيد عن 7 جيجا وات بحلول عام 2025.
لكن هناك تحديات تواجه النجاح في تنقية طاقة قطاعات اقتصادية مختلفة من الانبعاث الكربوني، خصوصًا أن كلًا من المباني السكنية والتجارية تحتاج إلى تخزين الطاقة لأطول مدة ممكنة وبأقل التكاليف؛ كي لا تضطر للعودة إلى استخدام الوقود الأحفوري لتشغيل منشآتها.
قام باحثون من المختبر الوطني للطاقة المتجددة NREL بتجربة تقنية جديدة لتخزين الطاقة الحرارية بواسطة رمال السيليكا الرخيصة.
تقوم فكرة تخزين الكهرباء الاقتصادي طويل الأمد باستخدام مخزون الطاقة الحرارية منخفض التكلفة وتدوير الطاقة عالي الكفاءة -المعروف أيضًا باسم مشروع «استدامة الطاقة»- على استخدام الكهرباء الفائضة المتولدة من مصادر الطاقة المتجددة مثل طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية لتسخين رمال السيليكا إلى درجات حرارة عالية، إذ يرى «زيوين ما»، أحد الباحثين العاملين في مشروع «استدامة الطاقة»، أن الحلول التجريبية هي الوسيلة لإيقاف الانبعاثات الكربونية في المستقبل القريب.
في بيان صحفي نشرته مجلة المختبر الوطني للطاقة المتجددة نهاية شهر آب من العام 2021 قال الباحث زيوين: «بينما تتخذ عملية تنقية مصادر الطاقة الكهربائية من الانبعاثات الكربونية مسارًا واضحًا، نجد أن التنقية الشاملة لمصادر طاقة جميع المنشآت الاقتصادية والمتضمنة أمورًا مثل تدفئة المباني والعمليات الصناعية تمثل التحدي الأكبر بسبب التكلفة المنخفضة جدًا للغاز الطبيعي الذي تستخدمه المنشآت مصدرًا لطاقتها وبالتالي صعوبة استبداله بمصادر طاقة أخرى».
يستخدم نظام استدامة الطاقة سخانًا كهربائيًا مقاومًا للحرارة العالية لتسخين رمال السيليكا إلى درجة حرارة قد تصل إلى 1200° سيلزيوس، إذ إن قدرة هذه الرمال على الاحتفاظ بالطاقة الحرارية وتوصيلها عالية.
تُخزَّن الرمال بعد تسخينها في صوامع خرسانية معزولة عدة أيام، وعند الحاجة إلى الطاقة تُمرَّر الرمال عبر مبادل حراري يقوم بضغط غازي لتشغيل توربينات ومولدات تنتج الكهرباء.
هذه الصوامع مبنيّة بأحجام مختلفة حسب كمية الطاقة التي نحتاجها، إذ تظهر بارتفاع عدة طوابق عند النظر إلى الرسوم البيانية المنشورة بواسطة المختبر الوطني للطاقة المتجددة.
يمكن ربط النظام بأكمله بشبكات الكهرباء الحالية أو إحلاله مكان المصانع التي تنتج الكهرباء من الغاز والفحم.
وفقًا للباحثين، يمكن استخدام الطاقة الحرارية المخزنة وتفريغها في الشبكة خلال فترة ذروة الاستهلاك الكهربائي عندما يكون توافر طاقة الرياح والطاقة الشمسية محدودًا، مثل فترة الصباح الباكر أو المساء وهي غالبًا فترات وجود الناس في منازلهم، ما يعني تشغيل أجهزة متعددة واستهلاك مرتفع للطاقة في نفس الوقت.
يذكر البيان أيضًا قدرة النظام الواحد من تقنية رمال السيليكا على تخزين حوالي 26000 ميجاوات/ساعة من الطاقة الحرارية.
ولتوضيح حجم هذه القدرة، نذكر ملخص تقرير صادر عن هيئة التنظيم النووي الأمريكية يقول: «في محطات توليد الكهرباء التقليدية مثل مصانع الفحم بإمكان قدرة 1 ميجا وات من الطاقة أن تنتج كمية كهرباء تساوي تقريبًا استهلاك 400 إلى 900 منزل في السنة، أما محطات الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية فإنها توفر الكهرباء لعدد أقل من ذلك».
يعتقد باحثون مثل «زوين ما» بأن استخدام رمال السيليكا بصورة أكبر مما هو عليه الآن لتخزين الطاقة الحرارية يساعد في استبدال الوقود التقليدي المستخدم للتدفئة مثل الفحم والغاز الطبيعي، خصوصًا أن تكلفة طن الرمل تساوي نحو 50 دولارًا فقط وهو أرخص بكثير من تكلفة بطاريات الليثيوم حتى لو انخفضت أسعارها.
يتفق باتريك دافنبورت وهو باحث يعمل في نفس المشروع مع أن نظام التخزين باستخدام السيليكا قد يساعد في التخلص التدريجي من مصادر الطاقة الأقل استدامة وقال: « تُعد الصوامع الخرسانية المعزولة حراريًا والرمال مواد رخيصة الثمن يمكنها تخفيض تكاليف تخزين الطاقة، إضافة إلى أن التقنيات التقليدية لتخزين الطاقة مدة 4 ساعات بواسطة بطاريات الليثيوم لا تغطي احتياجات شبكة الكهرباء أو المدينة. نحتاج الآن إلى تخزين الطاقة بصورة جمة لذا فإن تقنية التخزين الحراري بواسطة السيليكا عملية ومنطقية للغاية».
اقرأ أيضًا:
هل يمكن للطاقة المتجددة تغطية حاجة بلدان بأكملها؟
كم نقترب الآن من مستقبل خال من الكربون؟
ترجمة: أحمد محروس
تدقيق: علي الطريفي
مراجعة: نغم رابي