اندلع جدلٌ بعد أن كشفت تقارير أن شركات صناعة السيارات الألمانية قد شاركت في تجارب تعرّض فيها القرود والبشر عمدًا لأدخنة الديزل السامة.
كانت التجارب السرية التي جرت في كل من الولايات المتحدة وألمانيا جزءًا من مبادرةٍ بحثيةٍ عن الوقود النظيف موّلتها فولكس فاجن (أكبر شركة لصناعة السيارات في العالم) مع BMW ودايملر.
الاحتجاج العام بعد الكشف عنها كان سريعًا.
قال ستيفن سيبرت، المتحدث باسم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل: «هذه الاختبارات على القرود أو حتى على البشر ليست مبررةً أخلاقيًا بأي حالٍ من الأحوال، وإن الغضب الذي يشعر به كثيرٌ من الناس أمرٌ مفهومٌ تمامًا».
بدأت القصة بعد أن نشر تقريرٌ في صحيفة نيويورك تايمز تفصيلًا عن تجربةٍ غير معلنةٍ في عام 2014 بتكليفٍ من المجموعة الأوروبية للبحوث البيئية والصحية في قطاع النقل، وهي مؤسسة أبحاثٍ حُلَّت الآن، كانت تمولها شركات صناعة السيارات الثلاث.
ومن بين الدراسات الأخرى التي أشرفت عليها، اختارت المجموعة الأوروبية للبحوث معهد لوفليس لأبحاث التنفس في البوكيرك في نيو مكسيكو لإجراء تجربة قد تُظهر ضرر أدخنة الديزل، وذلك عن طريق إجبار مجموعةٍ من القردة على استنشاق الدخان المنبعث من عادم المحرك لمدة أربع ساعات.
احتُجزت الحيوانات وهي عشرة قرودٍ مقيدةٍ تربَّت حصرًا لإجراء التجارب الطبية عليها، ثم نُفث دخان العادم من سيارة فولكس فاجن الخنفساء بشكلٍ مباشرٍ في غرفة.
وللحفاظ على هدوء الحيوانات وإلهائها أثناء التجربة، وضع عمال المختبر شاشة تلفازٍ يمكن للحيوانات مشاهدتها من غرفة الغاز الخاصة بهم.
قال جيك ماكدونالد، أحد الباحثين في لوفليس: «إنهم يحبون مشاهدة الرسوم المتحركة»، وقد قال ذلك في شهادة محلّفة العام الماضي لدعوى قضائية رُفعت ضد فولكس فاجن في الولايات المتحدة من قبل مالكي سيارات فولكس فاجن.
لكن ما لم يكن ماكدونالد والباحثون الآخرون يعرفونه في ذلك الوقت، أن التجربة كانت بأكملها في الواقع خدعة.
كانت السيارة التي زُودوا بها جزءًا من فضيحة الغش التي كُشفت في عام 2015، إذ زُودت 11 مليون سيارة فولكس فاجن حول العالم بأجهزةٍ غير قانونيةٍ قادرةٍ على إخفاء مستويات التلوث السام لغاز ثاني أكسيد النتروجين المنبعث من عادم السيارة.
وحينما اكتُشف أمر السيارات كان يجري فحص انبعاثاتها لأهداف تجريبية، إذ خفّضت أجهزة ضبط التلوث ثاني أكسيد النتروجين المنبعث، بينما في الاستخدام الواقعيّ على الطرق، ستخرج المحركات أدخنة ديزل بمستوياتٍ تخرق معايير الانبعاثات.
وهذا يعني أنه خلال التجربة عام 2014 -ولحسن الحظ- لم تتأذَّ القرود بشكلٍ كبير، لكن هذا لا يعني أنها لم تتأذَّ أبدًا.
وفي اختبارٍ منفصلٍ أُجري بهدف المقارنة، أُجبرت القرود أيضًا على استنشاق الأدخنة التي تنتجها سيارة فورد ديزل موديل 1999 القديمة، ثم خُدِّرت وأُدخل أنبوبٌ بمجرى تنفسها لغسل رئتيها حتى يتمكنوا من فحص القصبات.
وفي بيانٍ صدر يوم السبت، قالت فولكس فاجن إنها تنأى بنفسها عن جميع أشكال إساءة معاملة الحيوانات، لكن ذلك كان قبل أن تنشر وسائل الإعلام الألمانية تقارير جديدةً عن تجارب مماثلة تتضمن مشاركة البشر.
هذه الاختبارات التي أجرتها جامعة آخن في ألمانيا في عامي 2013 و2014 بتكليفٍ من المجموعة الأوروبية للبحوث، شملت استنشاق 25 شابًا بالغًا سليمًا تراكيز متفاوتةً من ثاني أكسيد النتروجين لعدة ساعات.
في حين يبدو أن الجامعة حصلت على موافقةٍ أخلاقيةٍ لإجراء الأبحاث بالإضافة إلى موافقةٍ خطية من جميع المشاركين، إلا أنَّها نقطةٌ سوداء ضد شركات صناعة السيارات المتورطة في فضيحة انبعاثات الديزل، خاصةً مع ما نعرفه عن مدى الأثر السيء لغاز النتروجين على البشر.
ووصفت وزيرة البيئة الألمانية باربرا هندريكس التجارب التي كُشف عنها أنها تجارب منحطّة.
وأضافت: «يبدو أن هذا الفرع من الصناعة قد حاول التخلص من الحقائق العلمية بهذه الأساليب الوقحة والمريبة، ما يجعل الأمر برمّته أكثر فظاعة».
- ترجمة: حبيب بدران
- تدقيق: تسنيم المنجّد
- تحرير: زيد أبو الرب
