كان مصرف غولدمان ساكس ومصرف مورغان ستانلي متنافسَين شديدين لأكثر من 80 عامًا. بعدما أثارت الأزمة المالية 2007-2008 الفوضى في قطاع المصارف الوطنية، كان هذان المصرفان من بين المساهمين في قيادة تعافي وول ستريت.
حتى اليوم، يُسلط الضوء على منافستهما المالية رفيعة المستوى، ويملك كل مصرف نموذج أعمال مختلف عن الآخر. اشتهر غولدمان بالمخاطرة وصب تركيزه على الإقراض وحقوق الملكية الخاصة وصناديق التحوط، أما مورغان فاشتهر بكونه أكثر حذرًا ومحافظةً. إن الفروق بين المصرفين واضحة للغاية.
نموذج أعمال مورغان ستانلي
غالبًا ما يُشار إلى مورغان ستانلي بأنه مصرف استثماري، لكن التعبير الأدق أنه شركة مالية قابضة، أو مصرف تجاري. يقدم خدماته للشركات والحكومات والمؤسسات المالية الخاصة الكبيرة وللأفراد أصحاب الغطاء المالي الكبير.
أجرى مورغان تغييرات كبيرة بين عامي 2011 و2012، وخفض عدد موظفيه في أنشطة الدخل الثابت وأضاف موظفين إلى وحدة تجارة حقوق الملكية، وركز المديرون على إدارة الثروة عوضًا عن المشتقات. يلائم هذا التغيير نموذج عوائد جديد أقل مخاطرة، التزامًا بقانون دود فرانك الصارم. صدر قانون دود فرانك لإصلاح وول ستريت وحماية المستهلك عام 2010، في عهد الرئيس أوباما، ليعيد صياغة التشريعات المالية، وصدر استجابةً للأزمة المالية 2008.
أما فيما يتعلق بالصرافة الاستثمارية، فقد ركز مورغان ستانلي على قطاع التكنولوجيا الذي يتصف بالمخاطرة والنمو المرتفع، كان مصرف مورغان ستانلي متعهد الاكتتاب الرئيسي لعروض غوغل وغروبون وسيلزفورس. وكان فعالًا أيضًا في الإصدار العام الأولي لشركات مثل سيسكو سيستمز وفيسبوك. وكان متعهد الإصدار العام الأولي لشركة سناب، الإصدار الذي جمع 3.4 مليار دولار.
إن مورغان ستانلي شركة خدمات مالية عالمية، تقدم خدمات الصرافة الاستثمارية والأوراق المالية وإدارة الثروة وإدارة الاستثمار. وأكبر أفرعه فرع الأوراق المالية للمؤسسات، ويحتل قسم إدارة الثروة -مورغان ستانلي لإدارة الثروة- المرتبة الثالثة عالميًّا من حيث الحجم.
نموذج أعمال غولدمان ساكس
يعتمد غولدمان ساكس على عوائد التجارة أكثر من أي مصرف آخر في وول ستريت، ولا شك أن أرباحه من التجارة تكون عادةً في أعلى مستوياتها مع ارتفاع الأسواق.
نتيجةً لذلك، تتسم أعمال غولدمان بطابع دوري، ويعد بعض الخبراء تدفقات عوائده غير مستقرة، وتكشف قوائمه المالية تركيزه على الدخل الثابت والعملات وتجارة السلع.
حافظ غولدمان ساكس على نموذج دورة أعماله الذي اتبعه قبل الأزمة المالية، بخلاف كل المصارف الاستثمارية الكبيرة، مثل جي بي مورغان وسيتيغروب وميريل لينش. يوظف غولدمان ساكس رأسمال المصرف في مشروعات تتصف بالمخاطرة، ويلاحق الاستثمارات مرتفعة العائد على الاستثمار، والعائد على حقوق الملكية، أو العائد على حقوق المساهمين.
منذ الأزمة المالية، يبدو أن غولدمان ساكس هو المصرف الأكثر استعدادًا للانخراط في أنشطة التجارة والإقراض، النموذج ذاته الذي حقق له أرباحًا عالية بين عامي 2010 و2013، وهو أيضًا النموذج ذاته -وإن كان أقل فعالية- الذي أضعف مصارف كثيرة أمام أزمة 2008.
استراتيجيات مختلفة في بيئة ما بعد الركود
لا شك أن عالم المصارف اختلف بعد 2008. أصبح المستثمرون متقلبين، لكن ليس بدرجة تقلب المقرضين، وزاد قانون دود فرانك -على نحوٍ ملحوظ- مستوى التدقيق التنظيمي لمصارف مثل غولدمان ساكس ومورغان ستانلي.
تفاعل مورغان مع البيئة المختلفة بإيقاف عملياته التجارية، ونتيجةً لذلك، ابتعد المصرف عن التجارة عالية المخاطرة والأرباح واتجه إلى إدارة مالية أكثر أمانًا. أما غولدمان ساكس، فزاد تركيزه على استثمار الشركات والتجارة والإقراض، ليتعافى وينطلق بقوة بعد الأزمة.
لا شك أن حدوث انكماش كبير في الأسواق، مثلما حدث سابقًا، سيضع نموذجي أعمال ما بعد الأزمة لهذين المصرفين أمام اختبار حقيقي.
اقرأ أيضًا:
ترجمة: كميت خطيب
تدقيق: مازن النفوري
مراجعة: أكرم محيي الدين