تشير الأبحاث الجديدة إلى أن لدينا ست سنوات فقط للحد من الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية، وعشرين عامًا للحفاظ على درجات الحرارة دون عتبة 2 درجة مئوية المحددة في اتفاق باريس.
فمن المتوقع أن تتجاوز الانبعاثات العالمية للكربون الحدود الآمنة بحلول عام 2030 مؤديةً إلى أسوأ تأثيرات تغير المناخ، وهذا يعني أن لدينا مجرد ست سنوات لتغيير المسار وتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
يشير تقدير جديد لميزانية الكربون المتبقية لدينا -وهي كمية ثاني أكسيد الكربون التي يمكننا إنتاجها دون رفع درجات الحرارة العالمية إلى عتبة خطيرة- إلى أنه اعتبارًا من يناير، إذا زادت الانبعاثات عن 276 غيغا طن (250 غيغا طن مترية) من ثاني أكسيد الكربون، سنرفع درجات الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية. وقد وجد الباحثون أنه إذا استمرت الانبعاثات بالوتيرة الحالية، سنتجاوز هذه الحدود قبل نهاية العقد الحالي، وفقًا لدراسة نشرت في مجلة Nature Climate Change.
قال روبين لامبول، الباحث في مركز السياسات البيئية في كلية إمبريال لندن، وهو الكاتب الرئيسي للدراسة، في بيان: «تؤكد الدراسة ما نعرفه بالفعل، إننا لا نقوم بما يكفي للحفاظ على الارتفاع بدرجة حرارة أقل من 1.5 درجة مئوية. يمكننا أن نكون أكثر يقينًا الآن بأن النافذة المتاحة للحفاظ على ارتفاع درجات الحرارة عند مستويات آمنة تُغلق بسرعة».
في عام 2015، وقع 196 قائدًا دوليًا على اتفاقية باريس، وهي معاهدة قانونية تتعلق بتغير المناخ تهدف إلى الحفاظ على متوسط درجة حرارة العالم دون درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل ثورة الصناعة. شدد الاتفاق على أن تقييد ارتفاع حرارة العالم إلى 1.5 درجة مئوية سيساعد في منع أسوأ تأثيرات تغير المناخ.
في وقت سابق هذا العام، حذر تقرير للأمم المتحدة من أن درجات الحرارة قد تتجاوز دوريًا العتبة الخطرة 1.5 درجة مئوية، لكن تشير الدراسة الجديدة إلى ارتفاع طويل الأمد في درجات الحرارة.
حاليًا، يسبب البشر انبعاث نحو 40 غيغا طن من ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي كل عام وفقًا للبيان، وعدم تقليل في هذه الانبعاثات سيؤدي إلى تجاوز حد انبعاثات الكربون المتبقي لدينا للبقاء دون 1.5 درجة مئوية في غضون 6 سنوات القادمة.
كتب بنجامين ساندرسون، المدير البحثي في مركز البحوث الدولي لتغير المناخ والبيئة في النرويج والذي لم يكن مشاركًا في الدراسة في مقال نشر بجانب دراسة في Nature News & Views: «هذا لا يعني أن درجة حرارة 1.5 درجة مئوية ستتحقق في هذه الفترة الزمنية» .
وفقًا للمقال، يوجد تأخير زمني بين إطلاق الانبعاثات وبدء الآثار المؤثرة عند الاحتباس، ما يعني أن درجات الحرارة القياسية التي سُجلت في الشهور والسنوات الأخيرة تعود أساسًا إلى الانبعاثات القديمة.
تعتمد الدراسة الجديدة على البيانات المستخدمة في تقرير حديث قدمته لجنة الحكومات الدولية المعنية بتغير المناخ، ولكن عدَّل لامبول وزملاؤه الأساليب لمراعاة الانبعاثات الأخيرة ولانبعاثات الجسيمات الجوية القديمة، والجسيمات الجوية هي جسيمات صغيرة معلقة في الهواء يمكن أن تعكس الضوء الشمسي وتبرد المناخ، ما يعوض جزئيًا تأثيرات ارتفاع حرارة غازات الاحتباس الحراري.
يُقَلِّص التقدير المعدل إلى نصف ميزانية الكربون المتبقية للحفاظ على ارتفاع حرارة العالم دون 1.5 درجة مئوية من 550 غيغا طن (500 غيغا طن مترية) من ثاني أكسيد الكربون إلى 276 غيغا طن.
حسب الفريق أيضا أن لدينا 1323 غيغا طن (1200 غيغا طن مترية) من ثاني أكسيد الكربون المتبقية لنبعثها قبل تجاوز الحد المركزي المحدد في اتفاق باريس وهو درجتان مئويتان، وهي ميزانية ستنفد خلال العقدين القادمين إذا لم نتخذ أي إجراءات لتقليل الانبعاثات، وفقاً للبيان.
تأتي هذه التقديرات مع انعدام يقين مرتبط بتأثيرات غازات الاحتباس الحراري الأخرى مثل الميثان. وعدم وضوح كيف ستستجيب أجزاء مختلفة من نظام المناخ لارتفاع درجات الحرارة.
قد تؤدي زيادة نمو النباتات في بعض المناطق إلى امتصاص كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون وتعويض بعض الارتفاع في درجات الحرارة، بينما قد تسرع التغيرات في دورة المحيطات وذوبان ألواح الجليد الارتفاع في درجات الحرارة.
تبرز هذه الشكوك الحاجة إلى خفض الانبعاثات بسرعة، وقال لامبول: «الميزانية المتبقية الآن صغيرة للغاية حتى أن التغيرات الطفيفة في فهمنا للعالم قد تؤدي إلى تغييرات نسبية كبيرة في الميزانية. كل ارتفاع قليل في درجات الحرارة سيجعل الحياة أصعب على الناس والنظم البيئية».
اقرأ أيضًا:
هل تصمد الدببة القطبية أمام تغير المناخ وذوبان الجليد في القطبين؟
الثورة الصناعية الأولى أول من أطلق التغير المناخي
ترجمة: محمد فواز السيد
تدقيق: رغد أبو الراغب