تُعرف عملية القلب المفتوح بأنها كل عمل جراحي يُجرى داخل الصدر سواء على عضلات، أو صمامات أو شرايين القلب. وتعد عملية طُعم مجازة الشريان التاجي (جراحة فتح مجرى جانبي للشريان التاجي) (CABG) أشيع نمط من عمليات القلب التي تجرى على البالغين، وفقًا للمعهد الوطني للقلب والرئة والدم «NHLB».
في هذه العملية يُعاد توجيه تدفق الدم حول الشريان المسدود وتأمين وصول الدم النقي للقلب باستخدام طعم شرياني أو وريدي سليم يوصل بالشريان التاجي المسدود.
تسمى عملية القلب المفتوح أحيانًا بجراحة القلب التقليدية. وتعد من العمليات ذات الخطورة المنخفضة رغم كونها جراحة قاسية، إذ أظهرت دراسة أجريت عام 2013 أن معدل الوفيات الناجمة عنها في المشافي هو 2.94%.
حاليًا، يمكن تنفيذ عدة إجراءات جراحية عبر إحداث شقوق صغيرة ومحدودة وعندها فإن تسمية جراحة القلب المفتوح قد تصبح غير صحيحة إلى حد ما.
متى نحتاج جراحة القلب المفتوح؟
تنفذ جراحة القلب المفتوح عند الحاجة لإجراء عملية طعم مجازة الشريان التاجي آنفة الذكر الضرورية للمصابين بمرض القلب التاجي.
ويحدث مرض القلب التاجي عندما تتصلب وتتضيق الأوعية الدموية التي تمد عضلة القلب بالدم والأكسجين ويسمى عادةً «تصلب الشرايين».
يحدث تصلب الشرايين عندما تتراكم الدهون مشكلةً لويحاتٍ على جدران الشرايين التاجية. إذ تسبب هذه اللويحات تضيقًا في الشرايين ما يُصعّب مرور الدم عبرها. تحدث النوبة القلبية عادةً عندما لا يتدفق دم كافٍ إلى القلب.
وتجرى جراحة القلب المفتوح أيضًا لعدة أسباب منها:
- إصلاح أو استبدال الصمامات الي تسمح للدم بالعبور خلال القلب.
- إصلاح المناطق المتضررة أو الشاذة في عضلة القلب.
- زراعة أجهزة طبية تساعد في تنظيم النبض.
- استبدال القلب المتضرر بشدة بآخر من متبرع، أي «زراعة قلب».
كيف تُنفذ عملية القلب المفتوح؟
تستغرق جراحة طعم مجازة الشريان التاجي CABG من 3-6 ساعات وفقًا للمعهد الوطني للقلب والرئة NHLB.
وتجرى عمومًا باتباع الخطوات الأساسية التالية:
- يُجرى التخدير العام للمريض للتأكد من نومه وعدم شعوره بالألم طوال مدة الجراحة.
- يفتح الجراح شقًا بطول 20-25 سنتيمترًا في الصدر.
- يقطع الجراح كل عظم الصدر أو جزءًا منه ليكشف القلب.
- عندما يصبح القلب مرئيًا، يوضع المريض على مجازة قلبية رئوية وهي آلة طبية تنقل الدم بعيدًا عن القلب خلال العمل الجراحي ليستطيع الجراح إتمام الجراحة، وتتولى هذه الآلة وظيفة ضخ الدم ونقله من القلب إلى أنابيب، ثم إزالة ثاني أكسيد الكربون منه وإضافة الأكسجين إليه ثم إعادته إلى الجسم.
- بعض الإجراءات الجراحية الأحدث لا تستخدم هذا الجهاز. وقد يُجري الجراح هذه العملية والقلب ينبض عندما يكون استخدام آلة المجازة القلبية الرئوية غير ممكن، إذ يعمل أحد أعضاء الفريق الطبي المساعد على تثبيت القلب باستخدام جهاز معين في أثناء إجراء الطبيب للجراحة.
- يستخدم الجراح وعاءً دمويًا سليمًا مأخوذًا من المريض لبناء وعاء دموي جديد حول الشريان المسدود.
- يغلق الجراح عظم القص بواسطة السلك ويترك السلك داخل الجسم.
- يقطب الشق المحدث في الصدر.
توضع أحيانًا صفائح للقص بعد الجراحة لإعادة ربط طرفي عظم القص المقطوع عند المرضى عالي الخطورة الذين خضعوا لعدة جراحات سابقة أو المرضى المتقدمين بالسن.
ما مخاطر عملية القلب المفتوح؟
إنتان جرح الصدر مكان العمل الجراحي، وهو أشيع عند مرضى البدانة ومرضى السكري والمرضى الخاضعين لعملية طعم مجازة الشريان التاجي CABG سابقة.
- النوبة القلبية أو الصدمة.
- عدم انتظام دقات القلب.
- فشل في الكلية أو الرئة.
- ألم صدري مع حمى خفيفة.
- فقدان أو تشوش في الذاكرة.
- جلطة دموية.
- فقدان دم.
- صعوبة في التنفس.
- ذات الرئة.
وقد يرتبط استخدام جهاز المجازة القلبية الرئوي، وفقًا لمركز أمراض القلب والأوعية في جامعة شيكاغو الطبية، بزيادة خطر حدوث الصدمة والاضطرابات العصبية.
كيف تتجهز للعملية؟
- أخبر طبيبك عن جميع الأدوية التي تتناولها، حتى الأدوية التي لا تحتاج وصفةً طبيةً إضافةً إلى الفيتامينات والأعشاب، وأبلغه عن أي مرض تعانيه سواء كان الهربس (الحلأ) أو الزكام أو الإنفلونزا أو الحمّى.
- قد يطلب منك الطبيب التوقف عن التدخين وعن تناول الأدوية المميعة للدم، كالأسبيرين والإيبوبروفين والنابروكسين، قبل أسبوعين من موعد الجراحة.
- ومن الضروري أن تخبر طبيبك حول استهلاكك الكحولي قبل التحضير للجراحة. فإذا كنت تتناول مشروبين أو أكثر يوميًا من الكحول وتوقفت عن الشرب مباشرةً قبل خضوعك للجراحة فقد تتعرض لحالة تُعرف بمتلازمة الانسحاب الكحولي التي قد تسبب مضاعفات خطيرة مهددة للحياة بعد إجراء عملية القلب المفتوح، وتشمل هذه المضاعفات النوبات والارتعاش.
يمكن للطبيب المساعدة عند إصابتك بمتلازمة الانسحاب الكحولي للتقليل من احتمالية حدوث هذه المضاعفات.
- قد يُطلب منك أن تستحم في اليوم السابق للعملية باستخدام صابون من نوع خاص. ويستعمل هذا الصابون لقتل البكتيريا الموجودة على الجلد ويقلل من خطر حدوث العدوى التالية للجراحة.
- سيطلب منك الامتناع عن الطعام والشراب بعد منتصف الليل قبل العملية.
- يُحبّذ أن ترتدي ملابس مريحة وواسعة تساعدك على الحركة بعد الجراحة.
ما الذي سيحدث بعد إجراء العملية؟
عند استيقاظ المريض بعد العملية سيجد أنبوبين أو ثلاثة أنابيب تخرج من الصدر مهمتها تصريف السوائل الناجمة عن العملية في المنطقة المحيطة بالقلب. قد توضع أنابيب تغذية وريدية لإنداده بالسوائل، وفي نفس الوقت قد توضع له قثطرة بولية في المثانة لتفريغ البول. وسيوصل بجهاز يهدف لمراقبة عمل القلب.
غالبًا سيمضي المريض ليلته الأولى بعد العملية في وحدة العناية الطبية المركزة وبعدها سيُنقل إلى غرفة العناية الاعتيادية لتبقى فيها من ثلاثة إلى سبعة أيام.
الاستشفاء والمتابعة
عناية المريض الفائقة بنفسه في المنزل مباشرةً بعد العمل الجراحي أمر ضروري جدًا في عملية الشفاء.
العناية بمكان الشق الجراحي
تعد العناية بمكان الشق الجراحي أمرًا بالغ الضرورة، فيجب الحفاظ على موقع الشق دافئًا وجافًا، ويجب غسل اليدين جيدًا قبل لمسه وبعده.
إذا كانت عملية شفاء الجرح تسير على ما يرام ولا وجود لنز سوائل من الجرح يُسمح بالاستحمام بشرط ألا تتجاوز مدة الحمام عشر دقائق وبمياه دافئة (ليست حارة) مع الانتباه لعدم تعريض الجرح للمياه مباشرةً.
ومن الضروري أن يُفحص مكان الشق بانتظام للتأكد من عدم وجود علامات العدوى التي تتضمن:
- زيادة النزّ والرشح للسوائل من الجرح أو انفتاح في موقع الشق.
- الاحمرار حول منطقة الشق.
- دفء الجلد على طول خط الشق.
- حمّى.
تدبير الألم
تدبير الألم أمر بالغ الأهمية أيضًا لأنه يلعب دورًا في تسريع عملية الشفاء وتقليل المضاعفات المحتملة مثل الجلطات الدموية وذات الرئة.
قد يشعر المريض بألم عضلي وألم في البلعوم وألم في موقع الشق الجراحي أو حتى ألم بسبب الأنابيب الصدرية. ولذلك يُرجَح أن يصف الطبيب مسكنات لتناولها في المنزل. ومن المهم أن تؤخذ بحسب الوصفة. ويوصي بعض الأطباء بتناول المسكنات قبل أي نشاطات بدنية وقبل النوم.
الحصول على قدر كافٍ من النوم
يعاني بعض المرضى مشاكل نوم بعد خضوعهم لعملية القلب المفتوح، لذلك من المهم الحصول على أكثر قدر ممكن من الراحة.
للحصول على نوم أفضل:
- أخذ الأدوية المسكنة قبل نصف ساعة من النوم.
- ترتيب الوسائد لتقليل الإجهاد العضلي.
- تجنب الكافيين وخصوصًا في المساء.
ناقش البعض سابقًا إمكانية أن تسبب عملية القلب المفتوح انخفاضًا في الوظائف العقلية إلّا أن أغلب الدراسات الحديثة قد نفت ذلك. ومع ذلك، فقد أظهر بعض المرضى الذين خضعوا لعملية القلب المفتوح قصورًا عقليًا لاحقًا وأُعزي ذلك للتأثيرات الطبيعية للتقدم في السن.
قد يعاني بعض الأشخاص الاكتئاب أو القلق بعد الخضوع لعملية القلب المفتوح، لذلك استعن بالمعالج النفسي أو الطبيب النفسي لمساعدتك على التعامل مع هذه التأثيرات.
البدائل
توجد حاليًا عدة بدائل قد تُغني عن فتح الصدر لإتمام الجراحة ومنها استخدام كاميرات مناظير داخلية وروبوتات طبية.
قد يعالج الجراح أحيانًا الشريان التاجي المتضيق بإجراء شقوق محدودة في الجلد واستخدام ما يُعرف بروبوت دافنشي لإجراء الجراحة، وهو أداة جراحية روبوتية يتحكم فيها الجراح عن بعد.
ويسمى الإجراء المتبع عندها بجراحة مجازة الشريان التاجي بالمنظار ولا توجد أفضلية لاستخدام هذا الإجراء على طريقة فتح الصدر التقليدية في عملية القلب المفتوح بالفاعلية والأمان ومدة البقاء في المستشفى، مع استثناء أن الخاضعين لهذه التقنية طفيفة التوغل يشفون بسرعة أكبر من أولئك الخاضعين للطريقة التقليدية.
وتوجد أيضًا العديد من البدائل الأخرى لعملية القلب المفتوح، تتضمن:
- تقنية رأب الوعاء: يضع الجراح في هذه التقنية دعامة أنبوبية داخل الوعاء المتضيق لتوسعته.
- تقنية استبدال الصمام الأبهري عبر القثطرة: وتتضمن إدخال صمام جديد عبر القثطرة، وهو يفتح في مكانه موسعًا الوعاء الدموي.
- تقنية رأب الصمام الأبهري بالبالون: وتتضمن إدخال بالون لتوسيع الصمام.
إعادة التأهيل
وهي عادةً عدة زيارات أسبوعية في العيادات الخارجية. يتضمن البرنامج خلالها التمارين وتقليل عوامل الخطر والتعامل مع القلق والاكتئاب.
الآفاق طويلة الأمد لعملية القلب المفتوح
يكون الشفاء تدريجيًا حتى 6 أسابيع قبل الشعور بتحسن، وحتى 6 أشهر قبل الشعود بالمنفعة الكلية للجراحة. لكن الآفاق جيدة للعديد من الناس، وقد تنجح الزراعة لسنوات عديدة.
يجب الأخذ بالحسبان أن الجراحة لن تمنع حدوث الانسداد الشرياني مرةً أخرى لذلك يمكن تحسين صحة القلب باتباع ما يلي:
- تناول طعام صحي.
- التقليل من الأطعمة المالحة والدسمة وذات المحتوى السكري العالي.
- اتباع نمط حياة أكثر نشاطًا.
- الابتعاد عن التدخين.
- ضبط الضغط الدموي ومستوى الكولسترول.
اقرأ أيضًا:
لماذا يحدث تصلب الشرايين مع التقدم بالعمر ؟
ترجمة: زياد جمال
تدقيق: آية فحماوي