صنع طائرةٍ مفيدةٍ أسرع بخمس مراتٍ من سرعة الصوت أو أسرع من 5 ماخ، هو تحدٍّ هندسيٌّ صعب، ولكنَّ فريقًا من الباحثين من (الأكاديمية الصينية للعلوم- Chinese Academy of Sciences) لديهم خطةٌ للتغلب على هذا التحدي الصعب.

كتب الباحثون رسالةً إلى مجلة « «Science Chinaفي ديسمبر عام 2017 مفادها: »السرُّ في صناعة مركباتٍ أسرع من 5 ماخ، أو مركباتٍ فائقة السرعة هو صناعة هيكل الطائرة على شكل ما يُسمى (راكب الموجة- waverider)، وفي النهاية يوضع فوقه جناحٌ يُسمى (جناح الضغط العالي- high-pressure capture wing)« .

راكبات الأمواج هي طائراتٌ أجسامها مصنعةٌ بحيث تنزلق فوق موجة الضغط الناتجة عن الطيران بسرعةٍ فوق صوتية.
جوهر الأمر هو استعمال (الموجة الصدمية- shock wave) لزيادة قوة رفع الطائرة، أو بمعنىً آخر، القوة المتجهة لأعلى، التي تحافظ على تحليق الطائرة.

ولكنَّ الأسطح العلوية لهذه الطائرات تصبح بدورها (أسطح ضغط – compression surfaces)؛ وهي الأسطح المحاطة بتدفق الهواء، إذ يقوم الهواء بدفع الطائرة بالكامل رجوعًا باتجاه الأرض، ثم تحوّل أجنحة الضغط العالي (HCWs) المثبتة فوق الطائرة هذا الضغط إلى قوة رفعٍ إضافية.

بعد الانتهاء من هذا التصميم، أطلق الفريق على هذه التشكيلة (جناح الضغط وهيكل راكب الموجة): »التكوين الديناميكي الهوائي فائق السرعة على شكل حرف I «؛ لأن القطاع العرضي للتصميم على شكل حرف I (مُذيَّل – HIAC).

إنشاء قوة الرفع:

هذا التصميم يحل المشكلة الأساسية في الطائرات فائقة السرعة.

قال الباحثون: »إنه من الصعب صنع طائرةٍ سرعتها تفوق 5 ماخ مع مساحةٍ كافيةٍ في الداخل للركاب أو الحمولة، وتحلق في الهواء بنجاح«.

لكي تبقى الطائرة في الهواء تُنشئ الطائرة قوة رفع، والتي تحدث بصفةٍ عامةٍ عندما يتحرك الهواء فوق الطائرة أسرع من الهواء أسفلها، وكلما كانت الطائرة أسرع تكون قوة احتكاك الهواء المحيط، أو قوة المقاومة أكبر.

ولكي تحلق الطائرة بسرعاتٍ عالية يجب أن تكون قوة الرفع أعلى بكثيرٍ من قوة المقاومة، وإلا ستعاني الطائرة للتحرك بسرعةٍ كافيةٍ ليحملها الهواء.
الطائرات فوق الصوتية تعاني من مشكلةٍ إضافية، وهي موجات الضغط التي تتكون عندما تتخطى الطائرة سرعة الصوت، و نتيجةً لتلك الموجات تنشأ قوة مقاومةٍ على جسد الطائرة.

إنَّ تشكيلة راكب الموجة وجناح الضغط العالي تتمحور حول تحويل موجة الضغط من قوة مقاومة إلى قوة رفعٍ إضافية.

أضاف الباحثون التصاميم السابقة التي تعتمد على هيكل راكب الموجة وحدهُ، مثل طائرة Boeing X-51 التي كانت لابد أن تكون نحيلةً جدًا، صغيرةً جدًا لدرجة أنها لا تتسع لركابٍ من البشر أو حمولةٍ حقيقية، وإذا رُفع سقف هيكل راكب الموجة لتوفير مساحة داخلية، فإن سريان الهواء فوق المركبة سيُنشئ قوة مقاومةٍ ويدفع الطائرة لأسفل، ويقلل من قوة الرفع.

التصميم الديناميكي الهوائي الجيد للطائرات يُنشئ قوة رفعٍ كبيرة، وتكون نسبة قوة الرفع إلى قوة المقاومة عالية، وتتوفر مساحةٌ كبيرةٌ لوضع الكثير من الحمولة مقارنةً بالحجم الإجماليّ للطائرة.

يُلصق جناح الضغط العالي على سطح هيكل الطائرة، ليسمح للمصممين أن يمنحوا للمركبة سطحًا أكثر علوًا ومساحةً أكبر للحمولة، وإنتاج قوة رفعٍ أكبر للحفاظ على الطائرة محلقةً عاليًا في الهواء عند سرعاتٍ عاليةٍ جدًا.

إن الطائرات فائقة السرعة ليست جديدةً كليًا، فطائرة السلاح الجويّ X-15 طارت خلال الستينات، ووصلت سرعتها القصوى إلى 7274 ك/ساعة، أو 4520 ميلًا في الساعة، أو بسرعة 6.7 ماخ مع طيارين من البشر.

والمركبات الفضائية بشكلٍ دوريّ تصل إلى سرعاتٍ عاليةٍ أثناء إعادة دخول الغلاف الجويّ، وتصل سرعة المكوك الفضائي عند إعادة الدخول للغلاف الجوي إلى 25 ماخ.

لم تكن الطائرة X-15 من نوع راكب الموجة، لكنها لم تكن عمليةً أيضًا، ومركبة الفضاء تقتحم نطاق السرعات الفائقة خلال العودة بسبب الزخم الهائل الناتج عن دورانها في المدار.

وبالتالي هذه الآلات ليست مفيدةً تحديدًا للأسباب التي تدفع الحكومات لبناء مركباتٍ فائقة السرعة مثل تجنب أنظمة الدفاع الجويّ، والاصطدام بقوةٍ كافية لإحداث أضرارٍ هائلة.

قال رئيس علماء القوات الجوية الأمريكية لمجلة (ناشونال انتريست – National Interest) في أغسطس 2017: «إنَّ الولايات المتحدة تتوقع أن تملك أسلحةً فوق صوتية بحلول 2020، و طائراتٍ بدون طيار فوق صوتية بحلول 2030، وطائراتٍ بدون طيار قابلةً للاسترداد بحلول 2040«.

لاشك أن التقنيات فائقة السرعة -سواءً كانت أسلحةً أو دافعةً أو كليهما- ستحتل مكانةً مميزةً بين تصاميم طائرات المستقبل، هذا التصميم يمكن أن يقرّب العالم قليلًا إلى الواقع.

نُشرت في الأصل على لايف ساينس


  • ترجمة: يوسف مصطفى
  • تدقيق: تسنيم المنجّد
  • تحرير: رؤى درخباني

المصدر