المغنزيوم معدن مهم يؤثر في وظيفة العضلات والأعصاب في الجسم، إضافةً إلى العديد من وظائف الجسم الأخرى. تشير مراجعة حديثة إلى أن انخفاض مستويات المغنزيوم قد يؤثر في خطر الإصابة بالعديد من أمراض القلب والأوعية الدموية. وأن العديد من الأشخاص لا يتناولون كميات كافية من المغنزيوم.
ناقشت المراجعة المنشورة في مجلة Nutrients كيفية تأثير المغنزيوم في صحة القلب والأوعية وفقًا للدراسات الحديثة. وتقترح أن مستويات المغنزيوم غير الكافية تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية.
تناقش المراجعة أيضًا العديد من الآليات المحتملة المتعلقة بذلك، وتشير إلى أن العديد من الأشخاص لا يستهلكون ما يكفي من المغنزيوم في نظامهم الغذائي.
كيف يؤثر المغنزيوم المتناول في خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية؟
شرح الطبيب باتريك كي عن عوز المغنزيوم وكيف يستطيع الأطباء تشخيصه «قد يتظاهر عوز المغنزيوم في حالتين مختلفتين: نقص المغنيسيوم في الدم ونقص المغنيسيوم الكامن المزمن. من السهل نسبيًا تشخيص نقص المغنزيوم في الدم مباشرةً، إذ يتميز بانخفاض مستواه في الدم إلى أقل من 1.5 إلى 1.8 ملليغرام/ديسيلتر. ومع ذلك، قد يكون من الصعب اكتشاف نقص المغنزيوم الكلي في الجسم دون نقص المغنزيوم في الدم. لا يمكن تشخيص هذه الحالة، المعروفة باسم نقص المغنزيوم الكامن المزمن، إلا بواسطة اختبار تحمل المغنزيوم، الذي يتضمن إعطاء حقنة وريدية من المغنزيوم متبوعة بجمع البول. لسوء الحظ، هذا الاختبار شاق وغير متاح دائمًا».
تشير المراجعة إلى أن الأشخاص الذين يعانون نقص المغنزيوم الكامن المزمن لديهم نقص في المغنزيوم عمومًا. ومع ذلك، فإن إجمالي المغنزيوم في مصل الدم لديهم يُقرأ أنه طبيعي.
تشير المراجعة إلى نقاط رئيسية عدة في تاريخ الأبحاث المتعلقة بالمغنزيوم. لفترة من الزمن، كان المفهوم أن نقص المغنزيوم لا يمثل مشكلة كبيرة، وحتى إن مثل مشكلة، فإن ذلك أساسًا لدى الأشخاص الذين يعانون حالات تؤثر في قدرة الجسم على امتصاص المغنيسيوم أو طرحه.
بدأت الأبحاث الحديثة بدعم فكرة أن عوز المغنزيوم الغذائي أدى إلى انخفاض تركيزه في الجسم. وأشارت النتائج أيضًا إلى أن هذا النقص قد يؤثر في وظيفة القلب والأوعية الدموية.
تشير المراجعة إلى أنه بعد عام 2006، أظهرت العديد من الدراسات الوبائية والتجارب المعشّاة المضبوطة، والدراسات التحليلية، وجود علاقة بين المغنزيوم وحالات مثل ارتفاع ضغط الدم وفشل القلب والوفيات القلبية.
أضافت المزيد من البيانات الحديثة إلى هذه النتائج. وجدت العديد من الدراسات التي أجريت عام 2018 وما بعده، أن حالة المغنزيوم ترتبط عكسيًا بارتفاع ضغط الدم والسكتة الدماغية، وأمراض القلب التاجية والإقفارية، والرجفان الأذيني وفشل القلب، ومرض القلب والوفيات.
كيف قد يساهم نقص المغنيسيوم في حدوث مشكلات القلب والأوعية الدموية؟ توجد آليات محتملة عديدة.
مثلًا، قد يساهم عوز المغنزيوم في الإجهاد الالتهابي والإجهاد التأكسدي. الإجهاد التأكسدي هو اختلال التوازن بين المؤكسدات ومضادات الأكسدة.
تدعم بعض البيانات أيضًا فكرة أن نقص المغنزيوم قد يؤدي إلى مستويات غير طبيعية للشحوم ومشكلات في استقلابها.
تدعم بعض البيانات أن نقص المغنزيوم الكامن المزمن قد يؤدي إلى تغيرات في الشحوم. تشير المراجعة إلى أن نقص المغنزيوم قد يسهم أيضًا في حدوث خلل وظيفي في بطانة الأوعية الدموية وتغيرات في استقلاب الشوارد.
ما مقدار المغنزيوم الذي نحتاج إليه؟
من الصعب تحديد مقدار المغنيسيوم الذي يجب تناوله. تؤثر عوامل عدة في مقدار المغنزيوم الضروري للشخص. تقترح بعض البيانات أن الأشخاص ذوي الوزن الزائد يحتاجون إلى الحصول على المزيد من المغنزيوم.
أوضحت استبيانات المراجعة أن الأشخاص لا يتناولون المقدار الكافي من المغنزيوم. إذ أن أكثر من ربع البالغين لا يحصلون على ما يكفي من المغنزيوم ما قد يؤدي إلى عوز مغنزيوم بين الشديد والمتوسط، أو العوز الكامن المزمن.
ما مدى أهمية تناول المغنزيوم؟
رغم عدد الدراسات الكبير التي ناقشتها المراجعة، فإن لها بعض المعوقات. أجرى المراجعة باحث واحد، وتناقش البيانات من دراسات عدة، وتجارب على الحيوان وأبحاث المختبر.
تجدر الإشارة إلى أن لجميع الدراسات المستشهد بها عيوبها الخاصة، وإن اتفقت ببعض النقاط، مثلًا، ركزت بعض الدراسات على النساء في سن انقطاع الطمث، لذلك لا يمكن تعميم النتائج على سائر الفئات.
من الضروري أخذ أي بحث جديد في عين الاعتبار من أجل تأكيد أو دحض الدليل المستشهد به في هذه المراجعة. بالمجمل يتطلب الموضوع مزيدًا من الأبحاث، لا سيما من أجل تأكيد فوائد وفعالية مكملات المغنزيوم الغذائية.
«لم تجد الأبحاث السريرية المتعلقة باستخدام مكملات المغنزيوم الغذائية أي فائدة مثبتة حول صحة القلب بعد. وإن ثبُت حديثًا أن عوز المغنزيوم الغذائي يعد عامل خطر للإصابة بأمراض القلب والأوعية، فقد تشكل مكملات المغنزيوم الغذائية سبيلًا فعالًا لتحسين الصحة القلبية الوعائية. ستكون التجارب المعشاة ضرورية لتقييم أي فائدة علاجية محتملة لمكملات المغنزيوم الغذائية».
«تبقى فعالية مكملات المغنزيوم الغذائية في تقليل الأمراض الشديدة مثل نوبات القلب، والسكتات الدماغية، وأمراض الأوعية المحيطية غير واضحة حتى اللحظة. تحديدًا لدى الأفراد المعرضين لعوز المغنزيوم».
«قد لا تساهم التكلفة المنخفضة والطبيعة العضوية لمكملات المغنزيوم الغذائية في تقديم حافز كاف لإجراء تجارب سريرية موسعة من أجل تقييم فعاليتها في تقليل أمراض القلب والأوعية. تُعد مكملات المغنزيوم الفموية آمنة، وبوسع الأفراد تضمينها في نظامهم الغذائي».
من الفوائد الكبيرة لمكملات المغنزيوم الغذائية التي أشارت لها إحدى الدراسات التحليلية المذكورة في المراجعة، أنها تساعد على خفض ضغط الدم.
كيف ننظم واردنا من المغنزيوم؟
من المهم تناول المغنزيوم بانتظام، باستشارة مختص التغذية لضمان الحصول على المقدار اللازم من المغنزيوم.
«تناول كمية مغنزيوم كافية في النظام الغذائي ضروري لصحة الجسم. إذ يستخدم الجسم هذا المعدن في وظائف متنوعة منها: ضبط ضغط الدم، وتقلص العضلات. الكثير من الأطعمة المتناولة غنية بالمغنزيوم. الخضراوات الورقية الداكنة مثل السبانخ أو السلق السويسري، إضافة إلى المكسرات والبذور من أفضل مصادره. من الخيارات الغنية الأخرى اللوز والكاجو وبذور اليقطين أو الشيا. أيضًا الحبوب السوداء والإندامي مصادر جيدة لهذا المعدن».
اقرأ أيضًا:
المغنيزيوم: مصادره وفوائده وتأثيراته في الجسم
ترجمة: حيان الحكيم
تدقيق: أكرم محيي الدين