الانكسار و الانعكاس. التعندما ينظر الناس إلى المرآة فإنهم يشاهدون صورة أنفسهم خلف الزجاج. تنتج هذه الصورة من التقاء أشعة الضوء بالسطح اللامع للمرآة وارتدادها أو ما يسمى بالانعكاس، ما ينتج صورتنا في المرآة. يعتقد الناس بشكل عام أن الانعكاس يسبب قلب الصورة من اليسار إلى اليمين ولكنه اعتقاد خاطئ. إذا كنتَ بمواجهة الشمال ونظرت مباشرة إلى المرآة فإن الجزء المواجه للشرق من وجهك سيبقى الجزء الشرقي من صورة انعكاسك، وكذلك الأمر بالنسبة للجزء الغربي. لا تعكس المرآة الضوء من اليسار إلى اليمين بل من الأمام إلى الخلف. فمثلًا إذا كنت تواجه الشمال فإن انعكاسك يواجه الجنوب.
يُعد الانعكاس أشعة الضوء أحد الجانبين الرئيسيين لعلم البصريات الهندسية، والجانب الآخر هو الانكسار. تعد البصريات الهندسية إحدى فئتين أساسيتين من البصريات؛ «الفئة التي تتعامل مع انتشار الضوء من خلال أوساط شفافة»، وفقًا لريتشارد فيتزباتريك (Richard Fitzpatrick) بروفيسور الفيزياء بجامعة تكساس في أوستن، وذلك خلال محاضرة مدونة لمقرر تعليمي بالكهرومغناطيسية والبصريات. أما الفئة الأخرى فهي البصريات المادية.
علم البصريات الهندسية:
يتعامل علم البصريات الهندسية مع الضوء بصفته أشعةً مستمرة (بدلًا من كونه أمواجًا أو جزيئات) والتي تتحرك عبر الأوساط الشفافة بحسب ثلاثة قوانين.
ينص القانون الأول على أن الأشعة الضوئية تتحرك عبر الأوساط الشفافة المتماثلة بخطوط مستقيمة. ينص القانون الثاني على أن الضوء حين يصادف سطحًا ساطعًا ولامعًا كالمرآة، فإن الأشعة ترتد عن ذلك السطح.
يضبط القانون الثالث سلوك الضوء عندما يمر بين وسطين مختلفين مثل الهواء والماء. على سبيل المثال عندما تنظر لملعقة في كأس ماء فإن الجزء المغمور من الملعقة يبدو في مكان مختلف عما هو متوقع. يُفسَر ذلك بكون الأشعة تغير اتجاهها عندما تنتقل من وسط شفاف (كالهواء) إلى آخر (كالماء).
وضع إسحاق نيوتن أُسس علم البصريات الهندسية في عمل بعنوان “Opticks”. ما زالت المبادئ التي وضعها تُستخدم حتى اليوم في تصميم عدسات الرؤية، والمناظير، والمكبّرات وعدسات الكاميرات.
(في التلسكوب العاكس ، يصطدم الضوء بالمرآة الأساسية فيرتد إلى المرآة الثانوية، التي تحول الضوء إلى العدسة في فتحة التلسكوب. المصدر: جامعة “Virginia Commonwealth”)
الانعكاس:
من السهل فهم الانعكاسات عن السطوح المستوية والملساء، يبدو الانعكاس وكأنه على نفس البعد عن الجانب الآخر للمرآة كبعد عين الناظر عن المرآة.
عندما ينعكس الضوء عن المرآة فإنه يرتد بنفس الزاوية التي اصطدم بها بالسطح ولكن في الاتجاه المعاكس. على سبيل المثال إذا اصطدم الضوء بسطح مستوٍ بزاوية 30 درجة من جهة اليسار فإنه سيرتد بزاوية 30 درجة نحو اليمين.
إذا كان سطح المرآة منحنيًا فإن زوايا الانعكاس تختلف باختلاف النقطة التي ينعكس عنها الضوء على سطح المرآة. إن السطح الأكثر شيوعًا في الاستخدام في الأجهزة البصرية هو المرآة الكروية.
إذا كانت المرآة محدبة أو منحنية نحو الخارج فإنها ستعكس منطقة واسعة؛ إذ تبدو الصور أصغر وأبعد من تلك المنعكسة عن مرآة مستوية. تُستخدَم هذه المرايا عادةً في المرآة الخلفية الخارجية في السيارات، ولإبقاء أوسع مساحة ممكنة من المكان تحت المراقبة كما هو الحال في المتاجر.
إذا كان السطح مقعرًا أو منحنيًا نحو الداخل، تنعكس مجموعة من الأشعة الضوئية من مصدر بعيد باتجاه نقطة محددة تسمى نقطة الارتكاز. تنتج هذه الظاهرة تأثير تكبيرٍ ،كما هو الحال في مرايا المكياج. تحدد درجة تقوس المرآة عامل التكبير الخاص بها والبعد البؤري.
استخدم نيوتن مرآةً مقعرةً كروية لصنع التلسكوب العاكس؛ وهو تصميم ما يزال شائع الاستخدام حتى اليوم في صفوف رواد الفضاء الهواة بسبب بساطته، وتكلفته المنخفضة ودرجة الوضوح العالية اللصورة التي يقدمها.
في تليسكوب نيوتن؛ تضرب الأشعة الضوئية المشَعة من أجسام بعيدة ومتوازية حصرًا (بسبب قدومها من مكان بعيد جدًّا)؛ المرآة الأساسية المقعرة بنفس الزاوية. تنعكس الأشعة عبر أنبوب التلسكوب باتجاه نقطة الارتكاز.
قبل وصول الأشعة إلى نقطة الارتكاز، تصطدم بمرآة ثانوية مستوية تميل بزاوية قدرها 45 درجة. تحول المرآة الثانوية الشعاع الضوئي عبر ثقب موجود في أحد جوانب الأنبوب، تركّز العدسة العينية الضوء، ما ينتج صورةً مكبرةً، وتظهر الصورة أكثر بريقًا من الصورة التي نراها بالعين المجردة لأن المرآة تركز الضوء وتجمعه.
يؤثر شكل المرآة الكروية على الصورة التي ستعكسها. لا يركز الضوء الذي يصطدم بالمرآة بالقرب من حافتها على نفس النقطة التي يركز عليها عند اصطدامه بها بالقرب من مركزها.
ينتج عن ذلك ما يسمى بالانحراف الكروي، تُدارَك هذه الظاهرة باستخدام مجموعة من العدسات، أو في حالة المناظير الضخمة فتُدارك باستخدام مرايا تمتلك شكل القطع المكافئ وهي تشبه المخاريط، إذ تركز الضوء القادم من منطقة ما على نقطة معينة.
الانكسار:
الانكسار هو جمع للأشعة الضوئية. يسير الضوء عادةً في خطوط مستقيمة ويغير اتجاهه وسرعته عندما يعبر من وسط شفاف إلى آخر، من الهواء إلى الزجاج مثلًا.
تكون سرعة الضوء في الخلاء ثابتةً ونرمز لها بالرمز (c). يبطئ الضوء من سرعته عندما يصادف وسطًا شفافًا، تسمى الدرجة التي تحدد مقدار إبطاء سرعة الضوء بمعامل الانكسار ونرمز لها بالرمز (n). وهذه بعض قيم (n) التقريبية بحسب موقع “phisics.info”:
- الفراغ: 1
- الهواء: 1.0003 (في الضغط والحرارة النموذجيين)
- الماء: 1.33 (عند درجة الحرارة 20 سيليسيوس)
- كأس صودا بالليمون: 1.51
- الياقوت: 1.77
- زجاج بنسبة 71% من الصوان والرصاص: 1.89
- مكعب الزيركون: 2.17
- الماس: 2.42
تدل هذه الأرقام على أن سرعة الضوء أبطأ بمقدار 1.33 مرة في الماء، وأبطأ بمقدار 2.32 مرة في الماس من سرعته في الفراغ. عندما يمر الضوء من منطقة بقيمة (n) أصغر كالهواء عبر سطح ما إلى منطقة بقيمة (n) أكبر كالزجاج؛ يغيّر الضوء اتجاهه. أي أن مساره أقرب إلى العمودي أو “الطبيعي” إلى السطح.
عندما يمر الضوء من منطقة بقيمة (n) أكبر إلى منطقة بقيمة (n) أصغر، فإنه ينحرف بعيدًا عن الاتجاه “الطبيعي”. وهو ما يظهر الجزء المغمور من الملعقة وكأنه ينحني عند وضعه في الماء.
التركيز:
في العدسة ذات السطح المنحني، تنحني الأشعة المتوازية بزوايا مختلفة حسب زاوية السطح الذي تدخل فيه الأشعة إلى العدسة. تتلاقى الأشعة المتوازية التي تدخل عدسةً محدبةً في نقطة على الجانب الآخر من العدسة.
عندما تدخل الأشعة المتوازية عدسةً مقعرة تتباعد أو تنتشر على الجانب الآخر من العدسة. توجد “نقطة محورية افتراضية” في المكان الذي تلتقي فيه الأشعة المتباعدة إذا امتدت للخلف، إلى الجانب القريب من العدسة.
يمكن تشكيل العدسات بسطح أسطواني، إما محدب أو مقعر، ما يؤدي إلى تكبير الصورة أو تصغيرها على التوالي باتجاه واحد فقط. تُدمج هذه العدسات غالبًا بشكل كروي لإنتاج عدسة عزم الدوران أو كروية الأسطوانة. تتشكل هذه العدسة مثل شكل سطح الأنبوب الداخلي، أي أن أحد الاتجاهات يتميز بانحناء أكبر من باقي الاتجاهات.
يُستخدم هذا الشكل كثيرًا في النظارات لتصحيح اللا بؤرية (astigmatism) وهي حالة تسبب غشاوة الرؤية إما بسبب عدم انتظام شكل القرنية (الغطاء الأمامي الصافي للعين)، أو في بعض الأحيان بسبب انحناء العدسة داخل العين، حسب جمعية البصريات الأمريكية. إذا كنت تمتلك هذه النظارة بعيدًا عن وجهك ونظرت إلى عدسة واحدة أثناء تحريكها، فستسبب العدسة تغييرًا في الشكل.
لا يغطي علم البصريات الهندسية جميع مجالات البصريات، إلا إن علم البصريات الفيزيائية يتناول موضوعات مثل الحيود والاستقطاب والتداخل ،وأنواعًا مختلفة من الانتشار. تتناول البصريات الكمومية سلوك وخصائص الفوتونات، بما في ذلك الانبعاثات التلقائية، والانبعاثات المحفَّزة (مبدأ الليزر) وازدواجية الموجات/الجسيمات.
اقرأ أيضًا:
ترجمة: كارينا معوض
تدقيق: عون حداد
مراجعة آية فحماوي