سلسلة النظرية النسبية: النسبية الخاصة، هل يمكن لمجرتين أن تبتعدا عن بعضهما البعض بسرعة أكبر من سرعة الضوء؟
السؤال:
إذا كنَّا نسافر بسرعة الضوء، كم من الوقت يلزم للوصول لأقرب المجرات إلينا؟
الجواب:
أقرب مجرة إلينا هي مجرّة قزمة تحمل اسم «مجرة الكلب الأكبر-Canis Major dwarf galaxy» والتي تبعد عنّا فقط مسافة 25,000 سنة ضوئية.
لذا فسوف تستغرق رحلتنا إلى هناك 25,000 سنة ضوئية إذا كنّا نسافر بسرعة الضوء. فِعليًا هذا الكم من الوقت سوف يمر فقط من منظور العالم الخارجي. أمّا من منظور المسافر بسرعة الضوء فلن يكون هناك وقتٌ ليمر. وهذا بسبب النسبية «تمددّ الزمن».
هل يمكن لمجرتين أن تبتعدا عن بعضهما البعض بسرعة أكبر من سرعة الضوء؟
ربما أقصر إجابة مفاجئة لهذا السؤال هي نعم.
ثابت هابل هو مقياس لمدى السرعة التي يتمدد بها الكون اليوم، وبلغت قيمته 70 كم/ثانية لكل ميغا بارسيك (البارسيك هو وحدة مسافة تساوي حوالي 3.26 سنة ضوئية والميغا بارسيك هو مليون بارسيك).
هذا يعني أنه بالمتوسط لكل ميغا بارسيك هناك مجرتان تنفصلان عن بعضهما البعض، فهما تبتعدان بسرعة 70كم/ثانية. وبالتالي لكي تبتعد مجرتان عن بعضهما البعض بسرعة أكبر من سرعة الضوء فستحتاجان إلى أن تكون المسافة الفاصلة بينهما حوالي 4,300 مليون بارسيك. هذه المسافة أصغر من نصف قطر الكون المرئي لنا، وبالتالي ليس السؤال فقط حول إذا كانت هناك مجرات تبتعد عن بعضها البعض بسرعة أكبر من سرعة الضوء، ولكن لماذا نستطيع أن نراها حتى الآن؟!
من هنا ينشأ لنا سؤالان:
1-إذا كانت هناك مجرة تبتعد عنا بسرعة أكبر من سرعة الضوء، كيف لنا أن نراها حتى الآن؟
2-أليس هذا انتهاكًا للنظرية النسبية، أن يكون لدينا شيئان يبتعدان عن بعضهما البعض بسرعة أكبر من سرعة الضوء؟
إجابة السؤال الأول هي أن الضوء الذي تطلقه هذه المجرة البعيدة اليوم لن يصل إلينا أبدًا، لذلك لن نعرف أبدًا كيف تبدو تلك المجرة الآن. وذلك لأنها اليوم تبتعد عنا بسرعة أكبر من سرعة الضوء، لذا فإن الضوء الذي تطلقه لا يتحرك بالسرعة الكافية حتى يصل إلينا. ومع ذلك فإن الضوء الذي أطلقته من مليارات السنين حينما كان الكون أصغر (تذكر أن الكون يتمدد بالكامل) وحينما كانت تلك المجرة لا تبتعد عن مجرتنا بسرعة كبيرة هو ما نراه عليها الآن. بطريقة أخرى، نحن نرى تلك المجرة كما كانت عليه من مليارات السنين.
السؤال الثاني وهو سؤال مهم يثير الجدل عند كثير منا. النظرية النسبية تنص على أنه لا شيء يمكنه السفر بسرعة أكبر من سرعة الضوء، ومع ذلك فإن ذلك يشير إلى الأجسام التي تتحرك بالمعنى التقليدي، ما يعني أنه لا يمكنك إطلاق سفينة فضائية وتسافر خلال الفضاء بسرعة أكبر من سرعة الضوء. المجرتان اللتان نتناقش حولهما لا تسافران خلال الفضاء ولكنها المسافة الفاصلة بينهما هي التي تتمدد. أو بطريقة أخرى تلك المجرات ثابتة والمسافات بينها امتدت أكثر وأكثر. هذا هو سبب عدم انتهاك هذا للنظرية النسبية، لأنها ليست حركة عادية بالمعنى التقليدي.
إعداد: محمد خالد عبدالرحمن
تدقيق: جعفر الجزيري
المصدر1
المصدر 2
