عاني 500000 طفل في الولايات المتحدة بعمر 1-5 سنوات من مستويات مرتفعة للرصاص في كرياتهم الحمر، حيث يسبب لهم فقراً في الدم. حيث يمتص البالغون 20% من جرعة الرصاص المعرضين لها، في حين يمتص الأطفال 70% من الجرعة.
ولا تظهر على الطفل أعراض واضحة ومميِزة للتسمم بالرصاص مالم يصل تركيز الرصاص لمستوى عالٍ جداْ. حيث تسبب المستويات المعتدلة من الرصاص (التسمم المزمن، أي التعرض لجرعات قليلة من الرصاص ولفترات طويلة تسبب تراكمها) عند الطفل صعوبة في التعلّم ومشاكل في السلوك، ثم سوءاً في تشكّل العظام وبطئاً في النمو في مراحل متقدمة أكثر. أما المستويات العالية من الرصاص (التسمم الحاد، نتيجة حادث معين كتناول سائل مشبع بالرصاص) فتسبب نوبات اختلاجية( صرع) ثم بعد ذلك غيبوبة تنتهي بالموت نتيجة تدميره للجهاز العصبي.
ولعلّ بعض الدراسات الحديثة تربط التوحد بتعرض الطفل المزمن للرصاص الموجود في كلّ مكان.
ويتواجد الرصاص في شكلين، أولهما رصاص لاعضوي كثير الإستخدام حيث يتم استخدامه في صناعة الطلقات النارية ومبيدات الحشرات والطلاءات والسيراميك، كما يتواجد بشكل طبيعي ضمن باطن الأرض، وثانياً الرصاص العضوي الذي يضاف إلى البنزين بشكل أساسي.
ولعلّ أكثر أسباب التسمم بالرصاص شيوعاً هو استنشاق غبار طلاء الجدران القديم، وخصوصاً الأطفال الذين قد يقومون بتناول قطع الطلاء المتقشر. كما أنّ أنابيب توصيل المياه القديمة تحوي نسبة عالية من الرصاص قد تلوث مياه الشرب، وقد تم منع هذا النوع من الأنابيب حالياً. كما أنّ العاملين في محطات الوقود والأشخاص المعرضين للبنزين بشكل دائم معرضون للتسمم بالرصاص بشكلٍ كبير، وحالياً هناك توجه لإستخدام البنزين الخالي من الرصاص.
يدخل الرصاص إلى الجسم عبر إستنشاق غباره أو عبر تناول المواد الملوثة به بالطريق الهضمي. وما يميز الرصاص هو أنّه بعد امتصاصه لايبقى ضمن بلازما الدم بل يدخل إلى داخل الكريات الحمر، وبالتالي لن تفيد الفحوص المجراة على المصل في الكشف عن وجوده، وهذا يزيد من احتمال تراكم السميّة، حيث يختزن ضمن هذه الخلايا لأسابيع. ثم ينتقل إلى الأنسجة الرخوة ( الدماغ، الكبد، الكلية) ليختزن هناك لأشهر. ثم ينتقل أخيراً إلى العظام حيث يختزن هناك لسنوات ( حوالي 10-20 سنة). وفي كل مرحلة يمارس تأثيرات سيئة على المكان المختزن فيه تتناسب مع الجرعة وحالة المريض السابقة.
ويتعرض الرصاص لإطراح بكميات قليلة جداً تكاد لا تذكر، ولكن هذا ما يميزه عن المعدن السابق (الكادميوم).
ولحسن الحظ فإن التعرّض للرصاص فموياً على معدة ممتلئة، يقلل من نسبة امتصاصه بنسبة 90% عن التعرض له على معدة فارغة.
ويسبب الرصاص بعضاً من التأثيرات الثانوية بشكلٍ أقل شيوعاً، حيث تعتبره بعض الدراسات سبباً في حدوث العقم عند الرجل أو المرأة وقصور للغدة الدرقية.
وللكشف عن الرصاص يمكن ملاحظة خطوط عرضية في الصور الشعاعية للعظام الطويلة وذلك في آخر مرحلة من السمية، أو يمكن أن يتواجد على شكل بقع رمادية مزرقة على اللثة ظاهرة عيانياً وذلك خلال المرحلة الثانية من السمية، أما خلال المرحلة الاولى من السمية فلا يمكن الكشف عنه إلّا باستخدام طريقة خاصة لمعايرة الرصاص ضمن الكريات الحمر، وهي لا تكشف التراكيز المنخفضة منه.
لقراءة الجزء الأول عن الزرنيخ: انقر هنا
لقراء الجزء الثاني عن الكاديوم: أنقر هنا