يبدأ سرطان الخلايا الكبدية Hepatocellular Carcinoma في الكبد، وهو يختلف عن سرطانات الكبد الثانوية التي تبدأ في الأعضاء الأخرى ثم تنتشر لاحقًا إلى الكبد. قد نتمكن من علاجه بواسطة الجراحة أو عن طريق زراعة الكبد في حال اكتشف مبكرًا، ولن نتمكن من ذلك في الحالات المتقدمة، لكن سيساهم العلاج والدعم المقدم للمريض في عيشه لمدة أطول، وحياةً أفضل.
أسباب سرطان الخلايا الكبدية:
ما تزال الأسباب الكامنة وراء جميع حالات سرطان الكبد غير معروفة بشكل دقيق لدى الأطباء، لكنهم حددوا بعض العوامل التي تزيد من خطر الإصابة به.
ومن هذه العوامل:
التهاب الكبد البائي Hepatitis B أو التهاب الكبد ج Hepatitis C:
قد يبدأ سرطان الكبد بعد عدة سنوات من الإصابة بأحد هذين الالتهابين. ينتقل كلا الالتهابين عبر الدم، ويُعد تشارك استخدام الإبر عند متعاطي المخدرات من الطرق الشائعة لانتقالهما.
تستطيع الاختبارات الدموية كشف الإصابة بهذين النمطين من التهابات الكبد.
التشمع الكبدي:
يحدث هذا المرض الخطير عندما تتخرب الخلايا الكبدية وتُستبدل بأنسجة ندبية. توجد العديد من العوامل المسببة لهذا المرض، منها: التهاب الكبد B، أو التهاب الكبد C، وشرب الكحول المفرط وبعض الأدوية، أو في حال فرط مخزون الحديد في الكبد.
الإكثار من شرب الكحول:
أظهرت الدراسات أن شرب أكثر من كأسي كحول يوميًا لعدة سنوات يزيد من خطر الإصابة بسرطان الخلايا الكبدية، إذ يقود للتشمع والذي يزيد بدوره من خطر الإصابة بالسرطان. «كلما شربت أكثر، ازداد الخطر أكثر«.
البدانة وداء السكري:
يزيد كلاهما من خطر الإصابة بسرطان الكبد. يمكن أن تؤدي البدانة إلى أمراض الكبد الدهنية غير المرتبطة بالكحول (ما يُعرف بتشحم الكبد)، والتي تزيد بدورها من إمكانية الإصابة.
قد تعود خطورة داء السكري لوجود مستويات مرتفعة من الأنسولين لدى المرضى السكريين، أو نتيجة تأذي وتخرب الكبد الناتج عن المرض.
داء فرط حمل الحديد أو داء ترسب الأصبغة الدموية:
يُخزَن الحديد في الحالة الطبيعية في الكبد، أما في هذا المرض يحدث فرط امتصاص للحديد الغذائي ويترسب في الكبد والأعضاء الأخرى. وقد يصاب مرضى هذا الداء بسرطان الخلايا الكبدية.
الأفلاتوكسين Aflatoxin:
وهي مادة فطرية سامة ومسرطنة للكبد، تنتجها الفطور التي تلوث الفول السوداني والذرة، وغيرها من المكسرات والحبوب الأخرى.
وضعت الولايات المتحدة التدابير والإجراءات اللازمة التي تحد من وجود الأفلاتوكسين في المواد والإمدادات الغذائية.
أعراض سرطان الخلايا الكبدية:
قد لا يشكو المريض من أي أعراض عندما يكون السرطان في مرحلة مبكرة، لكن مع تطور الإصابة ونمو السرطان قد تظهر إحدى الأعراض التالية:
- ألم في الجزء العلوي الأيمن من البطن.
- كتلة أو الإحساس بثقل في القسم العلوي من البطن.
- انتفاخ أو تورم في البطن.
- فقدان الشهية والشعور بالامتلاء والشبع السريع عند تناول الطعام.
- فقدان الوزن.
- الضعف والتعب الشديد.
- الغثيان والقيء.
- اصفرار الجلد والعيون.
- بول قاتم.
- الحمى.
تشخيص سرطان الخلايا الكبدية:
سيجري الطبيب لمريضه فحصًا سريريًا دقيقًا، وقد يطرح عليه بعض الأسئلة مثل:
هل تشعر بأي ألم في بطنك؟
هل تشعر بالضعف والتعب؟
هل شهيتك منخفضة؟
هل نقص وزنك؟
وبعد الانتهاء من الفحص السريري، سيجري الطبيب بعض الفحوصات والاختبارات التي تساعده في وضع التشخيص، مثل:
فحص الدم: سيأخذ الطبيب عينةً من دم مريضه ويفحصها للتحقق من احتوائها على بروتين يُدعى ألفا فيتو بروتين Alpha-fetoprotein (AFP)، وهو بروتين جنيني يوجد في السائل السلوي، ينتجه الجنين أثناء نموه، لذا ستكون مستوياته مرتفعةً لديه، لكنها تتناقص مباشرةً بعد الولادة عند معظم الناس، هذا يعني أن وجود مستويات مرتفعة من البروتين في دم المريض قد يكون مؤشرًا على وجود سرطان الكبد.
الاختبارات التصويرية: قد يطلب الطبيب بعض الفحوصات التصويرية مثل: التصوير بالأمواج فوق الصوتية (الإيكو)، أو التصوير المقطعي المحوسب (الطبقي المحوري)CT scan، أو التصوير بالرنين المغناطيسي ((MRI بحثًا عن وجود الأورام في كبد المريض.
خزعة الكبد: قد يرغب الطبيب بأخذ عينة من النسيج الكبدي وفحصها تحت المجهر بحثًا عن الخلايا السرطانية. يمكن إجراء ذلك بعدة طرق، مثل: الخزعة باستخدام الإبرة الناعمة، أو الخزعة التنظيرية، أو الخزعة الجراحية، وبالتأكيد تُجرى جميع هذه الطرق بعد تخدير المريض.
علاج سرطان الخلايا الكبدية ؟
عليك أن تعلم أولًا أنك ما زلت قادرًا على التحكم بخيارات علاجك وبناء خطة حياتك المناسبة.
تأكد من وجود الأشخاص من حولك والذين يمكنك التحدث معهم حول خططك ومخاوفك وشعورك.
اسأل طبيبك عن الأماكن التي تستطيع تقديم الدعم إليك، إذ يمكنك التعرف على أشخاص يعرفون الحالة التي تمر بها، فأنت بحاجة إلى الكثير من الدعم العاطفي.
توجد العديد من طرق العلاج لسرطان الخلايا الكبدية، لذلك اعمل بشكل وثيق مع طبيبك ليساعدك على وضع خطة العلاج الصحيحة.
تتضمن خيارات العلاج ما يلي:
العلاج الشعاعي: تُطبق هنا أشعة عالية الطاقة لقتل الخلايا السرطانية، ويوجد نمطان من العلاج الشعاعي المستخدم لعلاج سرطان الخلايا الكبدية:
العلاج الشعاعي الخارجي: سيستلقي المريض على الطاولة بينما توجه آلة كبيرة حزم الأشعة في نقاط محددة على صدره وبطنه.
العلاج الشعاعي الداخلي: سيحقن الطبيب جسيمات مشعةً صغيرة في الشريان الذي يغذي الكبد بالدم، والتي تمنع وتدمر الإمداد الدموي إلى الورم في الكبد.
قد يؤدي العلاج الشعاعي إلى آثار جانبية مزعجة للمريض، مثل: الغثيان أو القيء أو التعب بشكل عام، ولكن هذه الأعراض تزول عندما يأخذ العلاج مفعوله.
العلاج الكيميائي: وهو أدوية كيميائية لعلاج السرطان يضعها الطبيب مباشرةً في كبد المريض في عملية تُدعى بالانصمام الكيميائي Chemoembolization.
يُدخل الطبيب بهذا الإجراء أنبوبًا رفيعًا ومرنًا (قثطرة صغيرة) في الشريان الكبدي المغذي للورم، ثم يحقن العلاج الكيميائي المختلط مع الأدوية الأخرى التي تساعد في منع تدفق الدم إلى الورم، إذ يهدف هذا الإجراء إلى قتل الورم عن طريق منع وصول الدم إليه، ما يحرمه من الأكسجين والمواد المغذية (أي تجويع الورم)، ورغم هذا الإجراء سيستمر الكبد بتلقي ترويته الدموية عبر وعاء دموي آخر.
يُطبق العلاج الكيميائي عادةً على المرضى الخارجيين، أي أن المريض لن يحتاج للبقاء في المستشفى.
قد يسبب العلاج الكيميائي آثارًا جانبيةً عديدة، مثل: الغثيان والقيء وفقدان الشهية والحمى والقشعريرة والصداع والتعب. سيكون المريض معرضًا أيضًا للإصابة بالعدوى والإنتانات المختلفة والنزوف والكدمات والإرهاق. وبإمكان العلاج الدوائي التخفيف من هذه الآثار.
حقن الكحول: يُدعى هذا أيضًا بحقن الإيثانول عن طريق الجلد Percutaneous Ethanol Injection، إذ يوجه الطبيب بهذا الإجراء إبرةً رفيعةً إلى الورم بمساعدة التصوير بالأمواج فوق الصوتية (الإيكو)، ثم يُحقَن الإيثانول (الكحول) ليدمر السرطان الموجود.
يُطبق هذا الإجراء تحت التخدير الموضعي، أي أن المريض لن يشعر بالألم لكنه سيبقى مستيقظًا أثناء إجرائه حقن الكحول.
المعالجة الهدفية: يُعالج السرطان باستخدام أدوية تستهدف إحداث تغييرات نوعية في الخلايا المسببة للسرطان، فبعضها يمنع نمو وتشكيل أوعية دموية جديدة في الورم، ويستهدف بعضها الآخر بروتينات معينةً موجودة على الخلايا السرطانية مسؤولة عن نمو الأورام.
قد تحدث أيضًا بعض الآثار الجانبية، مثل: التعب والإرهاق وظهور طفح جلدي وانخفاض الشهية للطعام والإسهال والألم والنزف وظهور قرحات على الأيدي والأقدام وحدوث الثقوب في المعدة أو الأمعاء.
العلاج المناعي: تُستخدم خلال هذا العلاج أدوية تساعد على تحريض الجهاز المناعي لدى المريض وتحفيزه للعثور على الخلايا السرطانية ومهاجمتها. وتُدعى هذه الأدوية المستخدمة في علاج سرطان الكبد بمثبطات نقاط التفتيش المناعية Immune Checkpoint Inhibitors.
قد يشمل العلاج بعض الآثار الجانبية نتيجة العلاج، مثل: الإرهاق والحمى والطفح الجلدي وانخفاض الشهية والألم، وقد يحدث أيضًا تفاعل مناعي ذاتي يصيب أعضاء الجسم مثل الرئتين والكبد والأمعاء والكلى والأعضاء الأخرى.
الاستئصال بالتبريد والاستئصال باستخدام ترددات موجات الراديو: يُعد الاستئصال بالتبريدCryoablation خيارًا بديلًا لبعض المرضى لتدمير الأورام الصغيرة دون اللجوء للجراحة، إذ يضع الطبيب مسبارًا معدنيًا رفيعًا (مسبار التبريد) داخل الورم وينقل عبره غازًا باردًا ليجمد الخلايا السرطانية ويقتلها، وبالتأكيد يُجرى هذا العلاج بعد تخدير المريض.
وتوجد طريقة أخرى مشابهة تُدعى الاستئصال باستخدام ترددات موجات الراديو Radiofrequency Ablation، إذ يوضع مسبار خاص داخل الورم ويُرسل عبره تيار كهربائي يسخن الخلايا السرطانية ويقتلها.
العلاج الجراحي: قد يستأصل الطبيب الجراح جزءًا من كبد المريض الذي يحوي الخلايا السرطانية في عملية تُدعى باستئصال الكبد الجزئي Partial Hepatectomy.
سيعاني المريض من الألم والانزعاج في الأيام القليلة الأولى بعد الجراحة، وسيختلف توقيت الشفاء بين مريض وآخر، لكن سيساعد العلاج الدوائي في السيطرة على هذه الأعراض. قد يشعر بعض المرضى أيضًا بالضعف والتعب لمدة من الوقت، وسيعاني البعض من الإسهال وحس الاتخام في المعدة.
زراعة الكبد: سيقترح الطبيب اللجوء إلى عملية زراعة الكبد في حال لم يتمكن من التخلص من السرطان عبر استئصال الكبد الجزئي. إنها عملية جراحية كبيرة، توضع أولًا أسماء المرضى المحتاجين للعملية على قائمة، وسيضطرون لانتظار المتبرع. سيأتي الكبد الجديد من شخص توفي مؤخرًا، لديه نفس زمرة دم المريض المتلقي، وأيضًا نفس حجم جسمه.
سيؤخذ كبد المتبرع إلى المرضى الأكثر إصابةً على قائمة الانتظار بعد توفر الشروط اللازمة. سيقترح الطبيب على مريضه اللجوء إلى طرق العلاج الأخرى نظرًا لكونه قد يضطر للانتظار لمدة طويلة حتى يحصل على كبد جديد.
قد يحتاج المريض إلى البقاء في المشفى لمدة تصل إلى ثلاثة أسابيع بعد إجراء العمل الجراحي، وقد يستغرق الوقت من 6 أشهر إلى سنة قبل أن يتمكن المريض من العودة لنمط حياته المعتاد. سيحتاج المريض بعد عملية زراعة الكبد إلى أخذ الأدوية الضرورية التي تمنع الجسم من رفض الكبد الجديد.
الاعتناء بالنفس:
توجد العديد من الأشياء التي يمكن للمريض القيام بها أثناء تلقيه للعلاج لتدبير الآثار الجانبية وللحفاظ على صحة جيدة.
يمكن للمريض أن يغير بعض عاداته الغذائية نظرًا لأن العلاج الكيميائي قد يسبب اضطرابًا في المعدة، على سبيل المثال: الابتعاد عن الأطعمة المقلية والحارة، أو تجربة تناول خمس أو ست وجبات صغيرة في اليوم عوضًا عن الوجبات الثلاث التقليدية.
يستطيع المريض أخذ قيلولة صغيرة في حال شعر بالتعب، سيعزز أيضًا المشي لمدة من الوقت من طاقة المريض.
سيساعد التأمل والتنفس العميق في زوال القلق والتوتر الذي يعاني منهما المريض نتيجة العلاج.
سيقدم التواصل مع العائلة والأصدقاء الكثير من الدعم العاطفي للمريض عندما يحتاج لذلك.
التوقعات بالنسبة العلاج:
سيزول السرطان عند بعض المرضى بعد تطبيق العلاج المناسب، وقد لا يختفي تمامًا عند مرضى آخرين، أو أنه سيزول ولكنه سيعاود الظهور من جديد، بالتالي سيحتاج المريض إلى تطبيق العلاج بشكل منتظم بالمشاركة مع إجراء الفحوصات اللازمة والمنتظمة لمراقبة تطور السرطان أو معاودة ظهوره.
الحصول على الدعم:
للحصول على المزيد من المعلومات حول سرطان الخلايا الكبدية يمكنك زيارة موقع الجمعية الأميركية للسرطانAmerican Cancer Society ، إذ يمكنك معرفة طريقة الانضمام إلى مجموعات الدعم في منطقتك.
قد يسأل المريض طبيبه بعض الأسئلة مثل:
هل انتشر السرطان في كبدي؟
ما العلاج الذي تنصحني به؟
ما هي الآثار الجانبية؟ وكيف أتخلص منها؟
كيف يمكنني التخلص من الألم؟
أي نوع من الرعاية الصحية سأحتاج؟
اقرأ أيضًا:
جراحون يفتحون جمجمة مريضة لإزالة دودة شريطية ظنها الجميع سرطانًا منذ البداية!
ليزر جديد يمكن أن يستهدف الخلايا السرطانية ويقتلها في مجرى الدم
سرطان الخلايا القاعدية: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
ترجمة: يوسف الجنيدي
تدقيق: لبنى حمزة
مراجعة: آية فحماوي
