حددت دراسة استمرت سبع سنوات أن سرطان البنكرياس ليس نوعًا واحدًا بل هو أربعة أنواع، نتائج الدراسة والتي نشرت يوم 26 فبراير الماضي في مجلة (Nature) العلمية، وهي الدراسة الأكثر تفصيلاً حتى الآن عن سرطان البنكرياس. كما أنها فتحت الباب أمام علاجات جديدة لواحد من أكثر السرطانات فتكًا وصعوبةً من ناحية المعالجة.
سرطان البنكرياس، هذا المرض الذي أودى بحياة مؤسس شركة آبل ستيف جوبز، يعد من أكثر أنواع السرطان شراسة؛ حيث أنه أقل من 5 % من المرضى استطاعوا البقاء على قيد الحياة لمدة خمس سنوات، و 1% فقط من المصابين استطاعوا البقاء أحياء لمدة 10 سنوات بعد تشخيص إصابتهم بالمرض. هو تاسع نوع سرطان بين الرجال شيوعًا، وعاشر أشهر نوع بين النساء في أستراليا، وذلك وفقًا لمجلس السرطان في أستراليا.
قال شون جيرموند (Sean Grimmond) وهو مدير البحوث في مركز أبحاث السرطان في جامعة ملبورن وهو أحد مشرفي الدراسة الرئيسين أن هذه النتائج قد تفتح آفاقًا جديدة للعلاجات السريرية، ولإيجاد دواء أفضل لمكافحة المرض. وأضاف: «حتى الآن كان لدينا فقر في فهم الدافع لتشكل سرطان البنكرياس لأول مرة، وعلينا تحديد الأسباب الجذرية التي تقف وراء تراكم التضرر الوراثي للإصابة بسرطان البنكرياس، وكذلك العمليات الرئيسية التي تعزز نمو وتقدم السرطان».
لمدة سبع سنوات، قام الباحثون وبجهد كبير بفك شيفرة المخطط الجيني الشامل لورم مريض، ثم حددوا مفتاح الحدث المنظم لهذا المرض. أجرى الباحثون هذه الاختبارات على 456 مريضًا يعانون من سرطان البنكرياس، كل مريض على حدة. وحدد الباحثون أربعة أنماط من سرطان البنكرياس تبعًا لنوع الخلايا التي ينشأ الورم على حسابها، والتي تحدّد كل نوع فرعي لوحده.
الأنواع الفرعية تختلف عن بعضها في الجينات والبروتينات وكذلك أنواع الخلايا. وتعرف الباحثون على الأسباب والطفرات التي تشجع السلوك العدواني عند بعض سرطانات البنكرياس.
وقال جيرموند: «هذا يعطينا صورة كاملة تقريبًا عن كيفية بداية سرطان البنكرياس، وما الذي يدفع هذا السرطان للتطور، والنتيجة قد تسمح بأن يكون العلاج شخصي لكل حالة على حدة».
تغطية السرطان:
حدد الباحثون من بين الأنواع الفرعية الأنواع المستمنعة والتي لديها قدرة “سرطان التغطية”، الجزيئات الموسمة المنتشرة من سرطان القولون وسرطان الجلد.
لدى السرطان القدرة على التهرب من الجهاز المناعي الطبيعي للجسم، والذي بطريقة أخرى يوضح احتمالية الأورام البعيدة. والكشف عن هذه القدرة يسمح للأطباء بوصف علاج من هدفه تثبيط قدرة السرطان على التغطية.
وصرح دكتور جيرموند: «نحن بحاجة للمزيد من الأبحاث».
وعلى المستوى الجزيئي، فإن سرطان البنكرياس يعد مرضًا معقدًا، وتقع علينا مسؤولية استخدام هذه النتائج ومعرفة كيفية استخدامها وتهيئة الوسائل لتطبيق دراسات مماثلة لأعداد كبيرة من المرضى.
وأضاف د. جيرموند: «في الوقت الحقيقي وفي المعالجة السريرية، يمكننا بعد ذلك تطوير استراتيجيات لاختبار هذا الأساس المحتمل».
نقلة نوعية :
وقال ريك تومسون (Rik Thompson) وهو أستاذ في أبحاث سرطان الثدي في جامعة كوينزلاند للتكنولوجيا أن النتائج تمثل “تقدمًا رائعًا”.
وأضاف د. تومسون الذي لم يشارك بالدراسة: «من خلال معرفة الأنواع الفرعية الأربعة المختلفة بالإضافة إلى جزيئاتها الناقلة، وتوفر هذه النتائج تفسيرًا جزيئيًا لماذا بعض المرضى لديهم قدرة استجابة جيدة جدًا للعلاج في حين أن أكثرهم لا يملكونها، ومعرفة الطرق الرئيسية التي تضع كل نوع من أنواع سرطان البنكرياس ما عدا الأهداف البعيدة التي يمكن استخدامها كعلاجات جديدة والفوائد المحتملة المباشرة للذين يعانون بالفعل من الأمراض».
البحث الجديد هو جزء من مجموعة من الدراسات قام بها اتحاد السرطان الجينات الدولي.
هذه الدراسة هي نقلة نوعية في مستوى فهم سرطان البنكرياس، ودليلًا على الرؤية ونجاح تحالف السرطان الجينات الدولي، وقال تومسون ينبغي أن تكون لها تأثيرات بعيدة المدى من حيث قدرتنا على إدارة سرطان البنكرياس».