روبوتات شفافة تصطاد الأسماك ستحقق ثورة في مجال الطب
ابتكر مهندسو معهد ماساتشوستس التقني روبوتات شفافة مصنوعة من الهلام المائي، تعتمد الروبوتات في حركتها على ضخ المياه بحيث يمكّنها من إنجاز عدة مهمات تتطلب السرعة والقوة. بما في ذلك، ركل كرة تحت الماء والإمساك بالأسماك حية.
صُنعت هذه الروبوتات بأكملها من الهلام المائي، وهو مادة صلبة شفافة تشبه المطاط تنسجم تمامًا مع الماء. تحتوي بنية الهلام المتصلة بأنابيب مطاطية على مجموعة من التجاويف المصممة بدقة، فعندما يُضَخ الماء بها تنتفخ لتأخذ عدة أشكال تُمكن الروبوت من التمدد والتقاط الأشياء.
صمم الفريق عدة أشكال من الروبوت الهلامي؛ منها ما يشبه الزعنفة التي تتحرك إلى الأمام وإلى الخلف، ومنها ما يشبه الذيل المفصلي المتخصص بحركة الركل، وأيضًا الروبوت على شكل يد يمكنها الانقباض والانبساط. لدى هذه الروبوتات مجموعة من الخصائص البصرية والمسموعة المماثلة للماء لكونها صنعت من الماء وتدار بواسطته، وينوي الباحثون تطوير هذه الروبوتات لتصبح غير مرئية تقريبًا في سبيل تأدية مهمات تحت الماء.
يحاول الفريق تطبيق هذه التقنية في المجالات الطبية بقيادة Xuanhe Zhao)) أستاذ مشارك في الهندسة الميكانيكية والمدنية وهندسة البيئة، وأحد الطلاب المتخرجين.
وفقًا لـلأستاذ (Xuanhe Zhao)، تتميز هذه المادة بملاءمتها حيويًا وسهولة تشكلها، وإمكانية أن تعمل كفواصل بين الأعضاء البشرية، حيث يتعاون الفريق مع المجموعات الطبية لمحاولة استخدام التقنية في معالجة الأنسجة أو الأعضاء في العمليات الجراحية.
نُشر آخر ما توصل إليه الفريق في جريدة (Nature Communications) بمشاركة (Nicholas X. Fang) أستاذ مشارك في الهندسة الميكانيكية، ومجموعة من طلاب معهد ماساتشوستس للتقنية.
تركيبة الروبوت
لخمس سنوات مضت، طور Zhao)) وفريقه مجموعة من التركيبات التي يُخلط فيها البوليمر مع الماء لصنع الهلام المائي، وابتكروا أيضًا تقنيات لجعل الهلام أكثر قساوة وأكثر قابلية للتمدد، وطوروا تقنيات تسهل التصاق الهلام المائي بالأسطح المختلفة كالزجاج و السيراميك و المطاط، وهي تقنيات ذات روابط قوية للغاية ومقاومة للتقشر.
يرى الفريق أن هلامًا بمثل هذه الإمكانيات قد يكون الأمثل للاستخدام في الروبوتات المرنة. وفقًا للأستاذ (Zhao)، صنّعت روبوتات مطاطية من السليكون لم تكن ملائمة حيويًا كما هو الحال مع الهلام المائي الذي يتشكل من الماء، ويُعتبر أكثر أمانا لاستخدامه في العمليات الحيوية، بينما آلت محاولات صنع روبوتات من مواد غير مرنة نسبيًا إلى تركيبة هشة وقابلة للتلف مع الاستخدام المتكرر.
من جهه أخرى، تمكن فريق (Zhao) من إيجاد التركيبة التي تناسب الروبوتات المرنة. يعلق (Yuk) قائلًا : «لم نفكر بهذا النوع من الروبوتات المرنة من البداية، إلا أننا أدركنا أن لدينا الخبرة لتحويل هذا الهلام إلى محركات قوية و هياكل روبوتية».
سريع وقوي
لاستخدام الهلام المائي؛ راقب العلماء عالم الحيوان، وتمحور تركيزهم على سمكة (Leptocephali) ونوع آخر من الأحياء البحرية هو (glass eels) فهذه اليرقات الصغيرة الشبيهة بالهلام المائي تفقس في المحيط وتهاجر في نهاية المطاف الي موائل الأنهار.
يشرح (Yuk) قائلًا: «إنها مسافة طويلة من السفر بلا حماية، ويبدو أن هذه الكائنات قد طوّرت هيئة شفافة كـتكتيك تمويهي، ونحن أردنا أن نحاكي هذه الشفافية والسرعة والقوة».
ولإنجاز هذه المهمة استخدم كل من Yuk)) و (Zhao) تقنيات الطباعة والقطع ثلاثية الأبعاد لطباعة خليط الهلام المائي على شكل روبوت يحتوي فراغات داخلية متصلة بأنابيب مطاطية لمضخات خارجية. استخدم الفريق أيضًا محقنات لضخ المياه في الفراغات للتحكم في حركة الروبوت وإكسابها المرونة اللازمة للانحناء والتمدد بناءً على التكوين العام لجسم الروبوت.
وقد توصلا إلى أن ضخ المياه في الأنابيب يولد ردات فعل سريعة وقوية تبلغ بضعة وحدات نيوتن في ثانية واحدة. ومن منظور آخر، صنّع مجموعة من الباحثين روبوتًا مماثلًا من الهلام المائي، يعتمد في عمله على خاصية التناضح البسيط، أي جعل الماء يتدفق طبيعيًا داخل الروبوت. إلا أن هذه العملية لتوليد بضع أجزاء من وحدات القوة قد تتطلب دقائق وربما ساعات.
الإمساك والإفلات
اكتشف الفريق أثناء إجراء التجارب على النماذج المختلفة، أن الروبوتات كانت ذات قدرة على تحمل الاستخدام المتكرر لما يزيد عن 1000 دورة دون أن تتلف، بالإضافة الى خاصية التمويه التام التي تتمتع بها عند وضعها في الماء على أسطح ملونة، ووجد الباحثون أيضًا أن الخواص البصرية والمسموعة تقارب تلك التي يتميز بها الماء، على عكس المواد شائعة الاستخدام في صناعة الروبوتات المرنة.
طور العلماء أيضًا روبوتًا يحاكي حركة أصابع اليد عن طريق ضخ الماء فيه، واختُبر الروبوت بوضعه في خزان ماء يحتوي سمكة ذهبية، وأظهرت التجربة قدرة الروبوت على الإمساك بالسمكة أثناء حركتها.
وفيما يخص التجربة يقول (Zhao): «بالكاد كان مرئيًا، وعندما حررنا السمكة شعرنا بالسعادة لكونه مرنًا ولم يؤذِ السمكة».
سيعمل العلماء لاحقًا على استخدام روبوتات الهلام المائي في تطبيقات محددة وبتركيبات معينة. على سبيل المثال، لن تطلب التطبيقات الطبية درجة كبيرة من الشفافية في نسيج الروبوت، ومن ناحية أخرى قد تتطلب بعض التطبيقات تباين في صلابة بعض أجزاء الروبوت.
يضيف (Yuk) قائلًا: «ما نريده هو أن تُستخدم التقنية في تطبيقات فعلية، وأن يطرأ تغيرًا ملموسًا جرّاء تحسين مواد البناء. تُعتبر هذه ثورة في استخدام الهلام المائي بواسطة الضغط، والآن نحن نعلن هذا المفهوم كأمر مطروح للجميع».
ترجمة: فادي سامح روماني
تدقيق: آلاء أبو شحّوت
المصدر