هناك العديد من الأسئلة غير المُجاب عنها حول مكاننا في الكون، لماذا نحن هنا؟ ما احتمال وجودنا؟ أيمكن أن يوجد آخرون مثلنا في المجرة؟ أحد الأرقام التي قد تساعدنا على الإجابة عن هذه الأسئلة هو: كم عدد الكواكب الصخرية مثل الأرض التي تدور حول نجوم مثل الشمس على مسافة معتدلة قابلة للحياة؟ لدينا إجابة بناءً على بيانات تلسكوب كبلر الفضائي، إنها قرابة 300 مليون كوكب.
هذا ليس بالضرورة رقمًا دقيقًا، لكنه يمنحنا فكرة تقريبية تساعدنا في بحثنا عن عوالم داعمة للحياة في مجرتنا.
قال عالم الفلك ستيف بريسون من مركز أميس للبحوث التابع لناسا: «أخبرنا كبلر بالفعل بوجود مليارات الكواكب، لكننا نعلم الآن أن عددًا كبيرًا منها قد يكون صخريًا وصالحًا للحياة. مع أن هذه النتيجة ليست نهائية، وأن الماء على سطح كوكب هو أحد العوامل العديدة التي تدعم الحياة، إلا أنه من المثير للغاية أننا حسبنا هذه العوالم بهذه الدقة والثقة العالية».
عندما نحاول تضييق نطاق الكواكب الخارجية التي قد تؤوي الحياة، فإننا نبحث عما نعرفه. والكوكب الوحيد الذي نعرف على وجه اليقين أنه يدعم الحياة هو كوكبنا «الأرض».
ربما يوجد عدد من العوامل التي تؤثر في وجودنا هنا، مثل وجود القمر أو عملاق غازي مثل كوكب المشتري، لكن بدايةً، يميل علماء الفلك إلى تحديد 3 عوامل:
- هل الكوكب صخري، مثل الأرض والمريخ والزهرة؟
- هل يدور حول نجم مثل الشمس، ليس حارًا جدًا ولا نشط جدًا بانفجارات قد تؤثر إشعاعاتها في الكوكب؟
- هل يدور الكوكب حول النجم في منطقة ليست شديدة البرودة ولا شديدة الحرارة، فتتجمد أو تتبخر أي مياه سطحية؟
أحد أهداف تلسكوب كبلر الرئيسية هو مساعدتنا على تحديد عدد الكواكب الخارجية التي تناسب هذه الشروط الثلاثة، التي قد تكون موجودة في مجرة درب التبانة. استخدم برايسون وفريقه بيانات مهمة كبلر الأصلية على مدار 4 سنوات، من مايو 2009 إلى مايو 2013، للتوصل إلى أفضل تقدير لهذا الرقم.
في مهمته الأولى حدد تلسكوب كبلر 4034 كوكبًا خارجيًا مرشحًا، تحققنا من صحة أكثر من 2300 منها لاحقًا. لكن التلسكوب الفضائي واجه صعوبة في اكتشاف الكواكب الصخرية الصغيرة، وهو أمر متوقع.
لوحظ أن النجوم التي درسها التلسكوب أكثر تنوعًا في السطوع من الشمس، ما يعني أن عبور الكواكب الخارجية الأصغر التي تُخفِت ضوء النجم، وهو التوقع الذي استخدمه كبلر لتحديد الكواكب الخارجية المرشحة، لا يمكن تمييزه عن التباين النجمي في كثير من الحالات، ما يؤثر في دقة النتائج. صحّح برنامج رابوفيتر هذه المشكلة في حالة الأجرام ذات المدارات الأقل من 500 يوم، لكن الفريق لاحظ أن العديد من الكواكب الخارجية الصالحة للسكن قد يكون لها مدارات أطول بكثير.
لذلك استنتجوا طريقة لتحديد منطقة «كولديلوكس» للنجم، بناءً على قُطر الكوكب وتدفق الفوتون، أي عدد الفوتونات في الثانية لكل وحدة مساحة من النجم -المستمدة من بيانات مسح غايا- التي تضرب سطح الكوكب الخارجي الافتراضي.
يقول عالم الكواكب رافي كوبارابو من مركز جودارد لرحلات الفضاء التابع لناسا: «عرّفنا قابلية الكوكب للسكن ببساطة استنادًا إلى المسافة المادية بين الكوكب والنجم، إذ لا يكون الطقس حارًا أو باردًا جدًا، ما نتج عنه الكثير من الاحتمالات. سمحت لنا بيانات غايا بالنظر إلى هذه الكواكب ونجومها بطريقة جديدة تمامًا».
حصر الباحثون بحثهم في الكواكب الخارجية ذات كتل تتراوح بين 0.5 و1.5 مثل كتلة الأرض، ونجوم ذات درجة حرارة بين 4530 و6025 درجة مئوية، علمًا بأن درجة حرارة الشمس 5506 درجة.
وجد الفريق أن نحو نصف هذه النجوم -بناءً على حساباتهم- يجب أن تمتلك كواكب خارجية صخرية في منطقة «كولديلوكس»، أي نحو 300 مليون نجم في مجرة درب التبانة، بناءً على التقديرات الحالية.
هذا الرقم أقل بكثير مقارنةً بالتقديرات السابقة لعدد العوالم التي قد تكون صالحة للسكن بناءً على بيانات كبلر، لكن كلما كانت خصائص النظام أقرب إلى خصائص الأرض والشمس، كانت فرص العثور على مكان تزدهر فيه الحياة أفضل.
يُعد البحث في التفاصيل الدقيقة مهم لعمليات البحث الجارية والمستقبلية عن عوالم قد تكون صالحة للسكن.
قالت عالمة الفلك ميشيل كونيموتو من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: «إن معرفة مدى شيوع الأنواع المختلفة من الكواكب أمر بالغ الأهمية لتنظيم مهمات لاكتشاف الكواكب الخارجية. تعتمد الدراسات الاستقصائية التي تستهدف الكواكب الصغيرة التي قد تكون صالحة للسكن حول النجوم الشبيهة بالشمس على نتائج كهذه، لزيادة فرص نجاحها إلى الحد الأقصى».
اقرأ أيضًا:
علماء الفلك يمعنون النظر في الغلاف الجوي لكوكب خارجي نادر يُفترض ألا يكون موجودًا
علماء الفلك يحلون لغز مجرة 99.99% منها مادة مظلمة
ترجمة: محمد سعد الحافظي
تدقيق: تسبيح علي
مراجعة: أكرم محيي الدين