في نهاية أبريل، طرحت آبل أدوات تتبع شفافية التطبيقات ما هوى بمجال الإعلانات؛ إذ قد تمكن الآن مستخدمو آيفون وآيباد من إيقاف التطبيقات من تقفي سلوكياتهم عبر استغلال البيانات من أجل توجيه إعلانات ذات طابع شخصي، ومنذ طرح سياسة التحكم في الخصوصية الجديدة، هبطت عائدات سناب ومنصات ميتا مثل فيسبوك وتويتر ويوتيوب.
الآن، ستُطرح ميزة مماثلة لأنظمة تشغيل أندرويد التي تدعمها جوجل، لكنها ليست من جوجل نفسه، بل ستقدمها الشركة التي تصب اهتمامها على الخصوصية: دك دك جو التي بدأت وجودها بصفتها محرك بحث آمن، أما الآن فستضيف إمكانية حجب التتبع الخفي في تطبيقات أندرويد، طُرحت الميزة باسم (App Tracking Protection for Android) في مرحلة التجربة الأخيرة beta، وتهدف إلى محاكاة نفس التحكم في نظام iOS لآبل، وقال بيتر دولانجسكي مدير الإنتاج في دك دك جو: «تكمن الفكرة وراء هذا في حجب تجميع البيانات من التطبيقات التي لا يملكها التطبيق المُتتبِّع … فحينها سترى إعلانات لا تنم عن معرفة شخصية جدًا بك».
وبتجربتي الشخصية ثبتت 36 تطبيقًا مجانيًا شهيرًا باستخدام الإصدار الجديد من Google Pixel 6 Pro، إذ تزعم بعض التقديرات أن الأشخاص العاديين يثبتون نحو 40 تطبيقًا على هواتفهم، ثم سجلت الدخول إلى نصفها تقريبًا، من ضمنها تطبيقات ماكدونالدز ولينكد إن وفيسبوك وأمازون و بي بي سي ساوندز (BBC Sounds). ثم شغلت ميزة حظر التتبع في أندرويد التابعة لدك دك جو لمعاينتها، وتركت الهاتف مدة أربعة أيام ولم أستخدمه مطلقًا، واتضح بعد 96 ساعة أن 23 من هذه التطبيقات أجرى أكثر من 630 محاولة تتبع في الخلفية.
يفضي استخدام هاتفك يوميًا، بفتح التطبيقات والتفاعل معها، إلى المزيد من محاولات التتبع، فعندما فتحت تطبيق ماكدونالدز، حاولت أدوات التتبع من Adobe وشركة البرمجيات السحابية New Relic وجوجل وشركة Apptentive التي تتعقب المشاعر وشركة تحليلات الأجهزة المحمولة Kochava جمع بيانات عني، حتى أن فتح تطبيقي eBay وUber دون تسجيل الدخول إليهما كان كفيلًا لتشغيل برامج التتبع من جوجل.
لا يُظهر مانع التعقب البيانات التي يحاول كل متتبع إرسالها إلى الآن، ولكن يقول دولانسكي: «إن الإصدار المستقبلي سيعرض التصنيفات الكبرى من المعلومات التي يحاول كل متتبع منها الوصول إليها عمومًا، وفي أثناء الاختبار، وجدت الشركة أن بعض أدوات التتبع تجمع إحداثيات GPS وعناوين البريد الإلكتروني بدقة متناهية».
يعد الإصدار التجريبي محدودًا، فهو لا يحظر أدوات التتبع في جميع التطبيقات ولا يتضمن المتصفحات، إذ قد يعد مواقع الويب التي يزورها الأشخاص أدوات تعقب، وبالإضافة إلى ذلك، تقول دك دك جو إنها وجدت أن بعض التطبيقات تتطلب تشغيل التتبع لكي تعمل أساسًا؛ فيسمح لتطبيقات الألعاب بذلك لهذا السبب. وبينما تحظر الأداة أدوات تعقب فيسبوك عبر التطبيقات الأخرى، فإنها لا تدعم حظر التتبع في تطبيق فيسبوك نفسه. وتسمح إعدادات دك دك جو بإضافة أي تطبيقات أخرى لا تعمل على نحو صحيح مع تشغيل حماية تتبع التطبيقات إلى القائمة البيضاء.
تزامن طرح ميزة الحماية من تتبع التطبيقات لنظام أندرويد مع الوقت الذي بدأت آبل من الاستفادة من تتبع شفافية التطبيقات (ATT) بينما دفعت فيه المعلنين إلى أندرويد. يقول آندي تايلور، نائب رئيس الأبحاث في شركة تسويق الأداء Tinuiti: «غيرت ATT حقًا في قدرة المعلنين على استهداف الإعلانات على بعض الأنظمة الأساسية». إذ تُظهر بيانات الإعلانات بهذه الشركة أن إعلان فيسبوك على أندرويد نما بنسبة 86% في سبتمبر، بينما تأخر نمو iOS بنسبة 12%. ولكن في الوقت نفسه، تضاعف نشاط إعلانات آبل ثلاث مرات من حصته في السوق، وفقًا لتحليل من Financial Times. وتظهر بيانات من شركة تحليلات التسويق عبر الهاتف المحمول AppsFlyer أن نحو 54% من الأشخاص اختاروا عدم تتبعهم باستخدام ATT.
من غير المحتمل أن يكون لنظام دك دك جو تأثير بهذا الحجم، فهو أداة مهترئة لا أكثر، فعلى عكس آبل، لا تمتلك الشركة البنية التحتية -الهواتف التي يستخدمها الأشخاص أو أنظمة التشغيل الأساسية- لفرض تغييرات كبرى وكثيرة. ففي كل مرة يريد التطبيق تعقبك، يسألك iOS: هل تريد أن يتتبعك هذا التطبيق؟ وعندما ترفض ذلك يرسل جهازك الرقم المُعرِّف للمعلِنين (IDFA) بهيئة سلسلة من الأصفار؛ ما يمنعهم أساسًا من تتبعك. لا تتمتع دك دك جو بهذه الرفاهية؛ إذ يُثَبَّت تطبيق متصفح الخصوصية دك دك جو على هاتفك مثل أي تطبيق آخر من متجر Google Play.
لجعل حماية تتبع التطبيقات تعمل، يشغّل دك دك جو نفس مجموعة أذونات الجهاز كشبكة افتراضية خاصة (VPN)، يقول دولانسكي: «مع إن هواتف أندرويد ستعرض تطبيق دك دك جو على أنه VPN، فإنه لن يعمل بهذه الطريقة؛ فلن تُنقل أي بيانات من هاتفك، وستعمل الشبكة محليًا، إذ يمنع النظام التطبيقات من إجراء اتصالات بالخوادم المستخدمة للتتبع، وعندما يتعذر على المتتبعين الاتصال بخوادمهم فإن بعضهم سيحاول تحقيق الاتصال مرارًا، ما قد يفضي إلى تضخم العدد عند متتبعين معينين داخل التطبيق، لكن الشركة لم تلاحظ أي تأثير في عمر البطارية».
في وقت كتابة هذا التقرير، لم تجب جوجل طلبنا بالتعليق على التطبيقات التي تستخدم إعدادت VPN لحظر أجهزة التتبع عبر أندرويد، مع إنه يوجد تطبيقات أخرى على متجر Google Play تستخدم بالفعل طرقًا مماثلة لحظر أجهزة التتبع، ومن أمثالها (تطبيق VPN من سامسونغ واسمه Jumbo Privacy إلى جانب Blokada)، لكنها تقدم أيضًا أدوات تركز على الخصوصية ولا تعمل كمتصفحات.
أضافت جوجل تدريجيًا المزيد من عناصر التحكم في الخصوصية في نظام أندرويد، سيما بعض عناصر التحكم في التطبيقات، إذ تسمح الشركة للمستخدمين بإعادة تعيين معرفات إعلاناتهم وإلغاء الاشتراك في الإعلانات المخصصة. وبعد إطلاق iOS 14.5، علقت جوجل بأن مالكي أندرويد الذين اختاروا إلغاء الاشتراك في الإعلانات المخصصة سيرون أرقامهم المعرف بهيئة سلسلة من الأصفار، كما هو الحال بالنسبة لمالكي آيفون الذين أوقفوا التتبع. لقد بدأ تطبيق هذه التغيرات بالفعل على الهواتف التي تستخدم Android 12 وسيتاح على نطاق أوسع على أجهزة أندرويد الأخرى في بدايات 2022.
ولكن بالنسبة لكثير من الأشخاص، قد لا تكون تغييرات أندرويد المخطط لها كافية، فهم لا يذهبون إلى أبعد من تعديلات شركة آبل. ويرى دولانسكي أنه يوجد القليل جدًا من الشفافية حول أدوات التتبع المستخدمة حاليًا في التطبيقات التي يستخدمها الأشخاص يوميًا، ومعظم الأشخاص سيصابون بالصدمة من مقدار التعقب الذين يتعرضون له. وبالنسبة له، فإن حظر أجهزة التتبع على أندرويد هي الخطوة التالية في منح الأشخاص مزيدًا من التحكم في كيفية تعامل الشركات مع بياناتهم، ويردف في قوله: «سيقلل هذا على نحو كبير مقدار المعلومات التي تحصل عليها شركات الطرف الثالث عنك».
اقرأ أيضًا:
7 طرق لحماية معلوماتك وبياناتك من الاختراق في نظام أندرويد
احذر.. بيانات جوالك تكشف الكثير عن شخصيتك
ترجمة: مي مالك
تدقيق: حسام التهامي
مراجعة: محمد حسان عجك