كشفت دراسة حديثة قام بها باحثون من مركز ديفيدز الصحي في جامعة كاليفورنيا أنّ التعرّض المستمر للتدخين السلبي يؤدي إلى تغيرات في النشاط الكهربائي للقلب، فهو يمكن أن يسبب حالة تعرف باسم النبض المتناوب والتي يمكن أن تؤدي إلى “لا نظميات” قلبية وموت قلبي مفاجئ.
ويعتقد الباحثون أنّ الدراسة التي أُجريت على الفئران قد أشارت إلى أثر التدخين السلبي في تغيير الخلايا التي تنظم دقات القلب، كما تزيد هذه الدراسة الوعي حول تأثيرات دخان السجائر على وظيفة القلب لدى غير المدخنين، وهو أمر يلقى اهتمامًا محدودًا في الأبحاث.
يقول كريستال ريبلنجر المؤلف الرئيسي للدراسة والأستاذ المشارك في علم الأدوية في مركز ديفيدز الصحي في جامعة كاليفورنيا: «على الرغم من أنّ التدخين مستمر في الانخفاض، فإن البحث عن آثاره عند غير المدخنين في انخفاض أيضًا».
وأضاف ريبلينجر: «إنّ التدخين لا يزال سبب الأمراض الرئيسي الذي يمكن الوقاية منه في الولايات المتحدة، وما زال الناس معرضين لاستنشاق الدخان في السيارات والمنازل والكازينوهات وأيضًا عندما يسافرون إلى أماكن تقل فيها إجراءات الوقاية من دخان السجائر، لذا من المهم أن تحدد الآثار الصحية لهذا التعرض غير المقصود والذي يحدث بشكل مستمر».
وقال ريبلنغر: «خلافًا للأبحاث السابقة، فإنّ هذه الدراسة تُعد الأولى من نوعها التي تقوم بفحص التغيرات الخلوية في أنسجة القلب نتيجة التدخين السلبي بالإضافة إلى تركيزها على حالة القلب لوحده دون آفات الشرايين الإكليلية (CAD) أو تراكم الجلطات وتصلب الأوعية المرتبطة بنمط الحياة والعمر».
وقال ريبلينجر: «إنّ الرابط بين التدخين السلبي وآفات الشرايين الإكليلية (CAD) مثبت، إلا أنّه لا يوجد سوى القليل من الأبحاث حول كيفية تأثير التدخين السلبي على التغيرات الخلوية المرتبطة بعدم انتظام ضربات القلب، والتي قد تؤثر على الأفراد مع أو دون CAD».
وكانت الدراسة مشتركة بين ريبلينجر وتشاو يين تشن أستاذ علم الصيدلة والباحث في مركز ديفيدز الصحي في جامعة كاليفورنيا، بالإضافة لـ كينت بينكرتون أستاذ طب الأطفال ومدير مركز الصحة والبيئة، إذ تعرضت الفئران في هذه الدراسة للتدخين السلبي في غرفة مصممة خصيصًا لاختبار الآثار الصحية المرتبطة بالسموم المستنشقة، وقد تم ضبط مستويات الدخان لتكون مشابهة لتلك الموجودة في الأماكن العامة حيث يتواجد المدخنون.
بعد مدة تتراوح بين أربعة وثمانية واثني عشرَ أسبوعًا من التعرض للتدخين السلبي لست ساعات في اليوم على مدى خمسة أيام في الأسبوع، تم فحص قلوب هذه الحيوانات باستخدام التصوير فائق السرعة وجهاز التخطيط القلبي لمراقبة التغيرات في النشاط الكهربائي ولاختبار القابلية لحدوث “اللا نظميات” القلبية، فكان هناك زيادة في عدد ضربات القلب لدى الفئران الذين تعرضوا للتدخين السلبي، كما تم قياس مستويات الكالسيوم وهي الشاردة التي تنظم تقلصات القلب وتساهم في حدوث نظم غير طبيعي، وتمت مقارنة النتائج مع قلوب الفئران التي تعرضت للهواء النقي فقط.
ووجد الباحثون أنّ قلوب الفئران المعرضة للهواء النقي استجابت بشكل طبيعي، ولكن قلوب الفئران المعرضة للتدخين السلبي لم تتمكن من تحمل معدلات نظم مرتفعة وخاصًة عند التعرض لمدة اثني عشرَ أسبوعًا، ووجدوا أيضًا أنّ مستويات الكالسيوم في هذه القلوب لم تستجب بسرعة كافية، ما تسبب في عدم استقرار ضربات القلب وحدوث نبض متناوب.
وقال ريبلينجر: «إنّ ارتفاع معدل حدوث النبض المتناوب مثير للقلق بشكل خاص، وذلك لأنّنا نعلم أنّ المرضى الذين يعانون من هذه الحالة معرضون بشكل كبير لخطر اللا نظميات القلبية والموت القلبي المفاجئ، وإن إدراك هذه الأمراض الكامنة بشكل أفضل وتحديد فيما إذا كانت هذه التغييرات معكوسة إذا توقف التعرض للتدخين يعتبر مجالًا مهمًا للدراسات المستقبلية».
نُشرت الدراسة التي تحمل عنوان “التعرض للتدخين السلبي والنظم المتناوب عند الفئران” في مجلة صحة البيئة.
- ترجمة: وفاء ابو الجدايل
- تدقيق: أنس حاج حسن
- تحرير: مازن سفّان
- المصدر