يحمل الدواء الوهمي تأثيرًا واسعًا، إذ يمكنُ لتناول حبة سكر من دون مكونات طبية فعالة، تحفيزُ رد فعل مخدِّر بطريقة ما عند بعض الأشخاص، إذا كان هذا ما يتوقعونه.
من المثير للدهشة أنه يمكن أن يعمل مفعول الأدوية الوهمية عندما لا يكون الناس مخدوعين -أي عندما يكونون على علم بأن ما يتناولونه ليس دواءً.
في دراسة جديدة، يبين مختصو علم النفس، أنه يمكن استخدام هذه الظاهرة الغريبة وسيلةً بسيطةً لتقليل التوتر، على الأقل في المدى القصير للمستويات الأولية من الأوقات الصعبة.
يشرح مختص علم النفس جيسون موسر من جامعة ولاية ميشيغان قائلًا: «قد يؤدي التوتر الطويل الأمد إلى تعطيل قدرة الشخص على التحكم بانفعالاته، وإنها تسببُ مشكلات صحية عقلية هامة. بالتالي نحن متحمسون لرؤية أن مداخلةً تتطلب أدنى جهد من العمل ما زال بإمكانها أن تؤول إلى فوائد هامة».
وصف مختصو علم النفس داروين جيفارا وفريقه دواءً وهميًا لمجموعة من 32 متطوعًا بينما امتنعوا عن وصفه علاجًا لمجموعة أخرى من 32 شخصًا.
ورد أن كل المشاركين ال64 عانوا من توتر مديد خلال جائحة كوفيد 19. وقيست مستويات التوتر والقلق والاكتئاب عندهم قبل التجربة، وفي أثنائها، وعند نهايتها التي دامت أسبوعين.
كانت الخطة أن مجموعة الدواء الوهمي على علم بأنهم يأخذون حبوبًا دون مكونات فعالة. وقد أبلغوا أنهم يتناولون حبوب الألياف النباتية الخاملة مرتين في اليوم وكان عليهم أن يملؤوا يوميًا استطلاعًا بالتزام تناول الدواء.
بشكل مثير للدهشة، لوحظ لدى أولئك الذين تناولوا الدواء الوهمي انخفاض في مستويات التوتر والقلق والاكتئاب مقارنةً بالمجموعة التي لم تُعالَج، رغم درايتهم بأن ما يتناولونه كان مجرد دواء وهمي.
بما أن حجم العينة كان صغيرًا في هذه الحالة، يحذر جيفارا وزملاؤه بأن أعمالًا كثيرة يجب إنجازها للتوصل إلى إجابة : هل تبقى النتائج صحيحة عبر الثقافات المختلفة والمجموعات العمرية ولفترات زمنية أطول؟
لم يُفهَم بعد تمامًا كيفية عمل هذه الحيلة الدماغية الرائعة.
يصرح جيفارا وفريقه في ورقتهم البحثية: «تقترح بياناتنا في النتائج العاطفية أن تأثيرات الأدوية الوهمية غير الخادعة لا يمكن أن تُنسَب فقط للتوقعات الواضحة».
عندما نقول «دواء وهمي غير خادع» فهذا يعني أن المرضى الذين يتناولونه يعلمون أنه دواء وهمي، فهم غير مخدوعين بالدواء.
اقترح باحثون آخرون أن الأدوية الوهمية غير الخادعة قد تعمل عبر آليات مختلفة؛ على سبيل المثال: التوقع أن هذا الدواء شافٍ للمرض والتأكد من الشفاء بسبب تجارب سابقة فعالة للدواء نفسه.
مهما كانت الآليات الدقيقة، يقترح الباحثون أن استخدام الدواء الوهمي لعلاج الأشخاص الذين يعانون من توتر معتدل قد يساعد على وقايتهم من التدهور إلى حالات أكثر صعوبة .
يقول جيفارا: «للأدوية الوهمية غير الخادعة الموصوفة عن بعد -عبر الإنترنت- إمكانية مساعدة الأفراد الذين يعانون من مشكلات صحية عقلية ولا يمكنهم الوصول إلى خدمات الصحة العقلية التقليدية. تزيد القدرة على إعطاء الدواء الوهمي عن بعد من قابلية توسع النظام الصحي كثيرًا، أي زيادة قدرته على التعامل مع الأعداد الكبيرة من المرضى».
يجادل باحثون آخرون أنه لا يوجد دليل كافٍ حتى الآن لاستخدام الأدوية الوهمية للعلاج، إذ إن مثل هذه الدراسات التي تدعم فاعليتها صغيرة وقصيرة الأمد جدًا.
هذا يجعل الدواء الوهمي مثاليًا لاستخدامه عامل ضبط في التجارب السريرية للمساعدة في استبعاد التحيز. لكن أبحاثًا إضافية واسعة النطاق تُعدّ ضرورية لتأكيد فاعليتها العلاجية.
اقرأ أيضًا:
ما الرابط بين التوتر والإصابة بالأكزيما؟
كيف يؤثر التوتر والاكتئاب في مرض السكري؟
ترجمة: أيهم صالح
تدقيق: وسام صايفي