وضع العالم إسحاق نيوتن نظرية الجاذبية لأول مرة في النصف الأخير من القرن السابع عشر بعد حادثة سقوط التفاحة الشهيرة، ولكن أظهرت دراسة جديدة تفيد أن ليوناردو دافنشي توصل لمفهوم جاذبية الأرض قبل مئة عام من ذلك.
حللت دراسة حديثة الرسومات البيانية في مذكرات دافنشي بما في ذلك رسومات المثلثات التي تظهر العلاقة بين الحركة الطبيعية والحركة الموجهة ومعادلة الحركة وأدرك دافنشي أن الجاذبية هي نوع من أنواع التسارع.
تمثل مفهوم دافنشي في تجربة صب الرمل من وعاء، وأدرك أنه إذا سحب الوعاء على طول المستوى الأفقي بنفس قوة سقوط حبيبات الرمل فإن الرمال ستشكل وتر المثلث، وبالتالي فإن تغير السرعة للجسم الساقط مع مرور الوقت هو خطوة مهمة لإيجاد ثابت جاذبية الأرض.
كتب الباحثون في ورقتهم: «حاول دافنشي قبل 500 سنة كشف لغز الجاذبية وعلاقتها بالتسارع من خلال عدة تجارب استمدها من خياله وتقنياته التجريبية».
استُخدِم ثابت الجاذبية هذا لاحقًا من قبل نيوتن لتحديد قانون الحركة (بما في ذلك الجاذبية)، وكذلك آينشتاين في نظريته عن النسبية العامة.
عرف دافنشي أنه وجد شيئًا ما ولكن لم يكن متأكد من ماهيته. كانت شكوكه بسبب تقاطعها مع فكرة أرسطو حول القوة المستمرة (الزخم) التي تعطي المقذوفات (الصواريخ) حركة معاكسة للجاذبية، وبحسب مبدأ القصور الذاتي فإن الأجسام تستمر بالحركة ببساطة في اتجاه ما حتى تقابل قوة معاكسة وهو مبدأ لم يكن موجودًا في ذلك الوقت.
أوضح أرسطو أن الجاذبية هي في الوقت نفسه ميل المواد لترتيب نفسها حسب الترتيب الطبيعي، بعبارة أخرى شُرِحت الجاذبية والصواريخ الطائرة بنظريتين مختلفتين تمامًا.
على الرغم من وجود أخطاء في حسابات تجارب دافنشي فإن خوارزميته في حساب ثابت الجاذبية “g” وصلت لدقة 97% مقارنة بالطرق الحديثة.
كتب الباحثون: «أظهر دافنشي نظرة متعمقة في ديناميكية الأجسام المتساقطة بتطوير نهج التكافؤ الهندسي لإثبات قوانين الحركة وعدم الحاجة لمعرفة القيمة الدقيقة للثابت g طالما تمثل معدل تغير السرعة أو التسارع، لو أن دافنشي أجرى التجربة الموجودة في المخطوطات لكان أول إنسان يكتشف تأثير الجاذبية من دون الحاجة الى السقوط الحر».
أعجب الباحثون بأساليب دافنشي في ذلك الوقت وباستخدامه الوسائل المتاحة آنذاك -اعتمادًا على الهندسة أساسًا- واستخدام ذلك للكشف عن شيء غير معروف، وما يزال من الممكن تطبيق تلك الأساليب على العلم اليوم.
لم يتوصل نيوتن إلى قانون الجاذبية وحده، فقد سبقه غاليليو وأدرك العلاقة بين حركة السقوط الحر والوقت في عام 1604، بينما نسب نيوتن الفضل إلى نتائج بوليالدوس وبوريلي لتأسيس نظرياته.
كان دافنشي على الطريق الصحيح، فقد حدد الأنماط في طريقة سقوط الاجسام التي استخدمت لاحقًا في شرح حركة النجوم والكواكب التي تنبأت بوجود كوكب نبتون.
قال المهندس الميكانيكي مرتضى غريب من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا: «لا نعرف ما إذا كان دافنشي قد أجرى المزيد من التجارب أو تعمق في الإجابة عن هذا السؤال، ولكن مواجهته للمسائل بهذه الطريقة في أوائل القرن الخامس عشر توضح مدى تقدم تفكيره».
اقرأ أيضًا:
هل تؤثر الجاذبية في سرعة مرور الوقت؟
دراسة موجات الجاذبية التي تحصل في الزمكان لمعرفة لحظة بداية الزمن
ترجمة: عمرو أحمد حمدان
تدقيق: جعفر الجزيري