كان اجتياح خليج الخنازير خطأ الرئيس جون ف. كينيدي الأكثر إثارةً للجدل في السياسة الخارجية، ويُعد حالة مفيدة لدراسة سوء التقدير الاستراتيجي والتحليل النقدي الخاطئ. تسلط الإخفاقات في تخطيط وتنفيذ العملية الضوء على تحديات القيادة والصعوبة الكامنة في محاولة الإطاحة سرًا بحكومة أخرى تُعد معاديةً لمصالح الأمن القومي. خُطط للعملية بدايةً خلال إدارة الرئيس دوايت أيزنهاور ونفذتها إدارة الرئيس كينيدي، اختُلقت أزمة خليج الخنازير محاولةً لإثارة انتفاضة شعبية ضد حكومة الدكتاتور الكوبي المنتصر حديثًا، فيدل كاسترو.
كانت عملية زاباتا محاولةً سريةً قادتها وكالة المخابرات المركزية لتنظيم الكوبيين المغتربين وتدريبهم بوصفهم قوةً تدخُل مباشر لغزو كوبا وإنشاء قاعدة عمليات تشعل ثورة عامة ضد كاسترو. كانت وكالة المخابرات المركزية مسؤولة عن الانقلابات السرية الناجحة في إيران في إطار عملية «أجاكس» عام 1953، وفي غواتيمالا في إطار عملية «ساكسيس» عام 1954، ما يثبت قدرة الولايات المتحدة على القيام بهذا النوع من العمليات. للحفاظ على قدرة إنكار معقولة، أراد الرئيس كينيدي إعدام كاسترو تحت رعاية المنشقين الكوبيين الأثرياء الذين كانوا على استعداد لدفع تكاليف الغزو بأنفسهم. في النهاية، كانت العملية معقدة للغاية، واستندت إلى افتراضات متعددة غير مؤكدة، وخضعت للعديد من التغيرات في اللحظة الأخيرة، وكان من المستحيل أن تنكر الولايات المتحدة مشاركتها في العملية.
بدأت العملية في 15 أبريل 1961 (D-2)، عندما أقلعت 8 قاذفات من طراز B-26، بقيادة قوة استطلاع كوبية مدعومة من الولايات المتحدة، تُعرف أيضًا باسم اللواء 2506، من نيكاراغوا باتجاه أهداف محددة في كوبا. استُدعيت من أجل عملية زاباتا 15 قاذفة قنابل، ولكن قُلص العدد إلى 8 في اليوم السابق بناءً على طلب الرئيس كينيدي وذلك محاولةً لتمويه الطابع العام للضربة. بعد أن هاجمت قاذفات B-26 كوبا، هبطت قاذفة واحدة من طراز B-26 وقد تعرضت لإطلاق النار، وكانت تحمل رموزًا كوبية في مطار ميامي الدولي، لإكمال حيلة مفادها أن الهجوم شنه منشقون كوبيون وأن الأوضاع هناك بلغت نقطة تحوّل. كان غرض الهجوم المضلل الإشارة إلى أن الولايات المتحدة لا دور مباشر لها في الهجوم، والحفاظ على الإنكار المعقول قبل الغزو، الذي يمكن الولايات المتحدة بعد ذلك دعمه علنًا بوصفه دعوةً للشعب المضطهد من أجل الديمقراطية.
في 16 أبريل 1961، أمر الرئيس كينيدي بإلغاء سلسلة ثانية مخططة من القصف الجوي للقوات الاستطلاعية الكوبية، بهدف تهيئة ظروف مواتية للإنزال البرمائي، بسبب الارتباك بشأن ضرورة العملية. بدأ الغزو رسميًا مع إنزال رأس الجسر في خليج الخنازير في 17 أبريل 1961. وشملت القوات المشاركة رسميًا في العملية 1511 رجلًا و15 قاذفة من طراز B-26 و10 عربات نقل من طراز C-54 و5 عربات نقل من طراز C-46 وزورقي إنزال، و3 سفن إنزال للمشاة، و4 مركبات إنزال للخدمات، ومركبة أفراد، و7 سفن شحن تجارية مستأجرة، وسفينة كوبية بطول 165 قدمًا. سرعان ما اتضح أن القصف الجوي (D-2) فشل بشدة في إعاقة سلاح الجو الكوبي، تاركًا قوة الغزو تواجه مقاومة شديدة.
بحلول 19 أبريل 1961، أصبحت قوة الغزو غير فعالة قتاليًا، لذلك سمح الرئيس كينيدي بغطاء جوي إضافي مكون من 6 طائرات أمريكية لا تحمل علامات مدة ساعة واحدة لدعم قوات الغزو. غير أن هذين العنصرين لم يلتقيا قط، لأن وكالة المخابرات المركزية والبنتاغون أخفقا في التخطيط لفارق التوقيت بين نيكاراغوا وكوبا. وما زاد الأمور تعقيدًا، مقتل 4 من أفراد الخدمة العسكرية الأمريكية في أثناء قيادتهم وحدة من قوة الاستطلاع الكوبية من طراز B-26، ما يتعارض مع أمر الرئيس كينيدي بشأن عدم مشاركة الأفراد الأمريكيين مباشرةً في القتال.
بين 17 و20 أبريل، قاتل جيش كاسترو وميليشياته اللواء 2506، وهزموهم في نهاية المطاف وأخذوا نحو 1197 أسيرًا، إضافةً إلى قتل 89، وإسقاط تسع قاذفات B-26، وإغراق زورقين بحمولة 5000 طن، وقارب اتصال واحد، وثلاثة زوارق إنزال للخدمات وخمسة للأفراد. كان من المستحيل تقريبًا طمس الأدلة التي تشير إلى تورط الولايات المتحدة بعد هزيمة اللواء. ورغم عدم اعتراف الحكومة الأمريكية بالأمر علنًا، صار من المعروف عالميًا أن الرئيس كينيدي قد كذب على العالم، في أثناء العملية وبعدها.
لفهم أحداث عملية خليج الخنازير يجب فهم المناخ السياسي للولايات المتحدة آنذاك. بدا أن الشيوعية تنتشر عالميًا وبدا أن أيديولوجيتها تتعارض مباشرةً مع الولايات المتحدة، عسكريًا واقتصاديًا. كان الموقف الوحيد المقبول لأي مرشح سياسي أن الولايات المتحدة يجب أن تضطلع بدورها في مقاومة الشيوعية حول العالم. وُلدت الرغبة في متابعة عملية سرية من التحول المتطور في السياسة الخارجية للولايات المتحدة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية. في هذه الحقبة، بدأت الولايات المتحدة بتجربة العمليات السرية أداةً للسياسة الخارجية لتشكيل المواقف الجيوسياسية دون اعتماد قوات عسكرية.
كان محور نجاح هذا النهج هو ضرورة الحفاظ على الإنكار المعقول للتورط. كان الرئيس أيزنهاور يؤمن بالقدرة الناجعة غالبًا للعمل السري وسيلةً لتشكيل الأحداث، وقد دفعه نجاحه الشخصي في انقلاب غواتيمالا عام 1954 إلى الاعتماد على أعضاء رئيسيين من فريق عملية «ساكسيس» ضمن وكالة المخابرات المركزية لبدء خطط لمحاولة انقلاب سرية في كوبا بالطريقة ذاتها.
كان الرئيس كينيدي نتاج سنوات الحرب الباردة الأولى وخاض رئاسته بطريقة مشابهة للرئيس أيزنهاور. كان لدى كينيدي إحساس قوي بالواجب لمواجهة الشيوعية باستخدام كل الإجراءات المتاحة له بوصفه رئيسًا. دعم هذا النهج نجاح كينيدي الانتخابي، الذي عززه جزئيًا رغبته بالظهور بمظهر مناهض للشيوعية أكثر من خصمه الانتخابي نيكسون. كان برنامج الرئيس كينيدي فيما يخص أمريكا اللاتينية أساسًا هو ذاته برنامج أيزنهاور الانتخابي، الذي حمّل الإدارة السابقة مسؤولية عدم الاهتمام بالمنطقة، ووعد بتحقيق ذلك في ظل إدارته.
فيما يتعلق بالموضوع الرئيسي للعمل السري، لم يختلف كينيدي عن أيزنهاور في فلسفته لمحاربة الشيوعية. كان الاختلاف الرئيسي مع ذلك هو افتقار كينيدي إلى الخبرة أو الإحاطة بالعمليات السرية. ونتيجة لذلك، أيّد عملية زاباتا على عجل إلى حد ما واعتمد كثيرًا على المستشارين للتحليل والنقد الرئيسيين. اتضح بعد فوات الأوان فشل المستشارين في توصيل المعلومات الأساسية للرئيس كينيدي عن العملية. إضافةً إلى ذلك، يبدو أن تأثيرات القرارات المتخذة في المكونات الحاسمة للعملية لم تُناقش أو يُنظر فيها.
لفهم أوجه القصور التي أثّرت في العملية، ما ظهر هو خليط من القيود والافتراضات على المستوى الاستراتيجي التي أثّرت مباشرةً في الموقف التكتيكي وأدت إلى ما أسماه جيم راسنبيرجر ببلاغة «الكارثة الرائعة». وصف راسنبيرجر هذا بالفشل المخطط تمامًا من قبل الرجال الأذكياء الملتزمين جميعًا بالدفاع عن الديمقراطية. القيود، التي حُددت بوصفها أولويات استراتيجية، تجسد العوامل التي كان الرئيس كينيدي بحاجة إلى وضعها في مكانها الصحيح لوضع معايير لكيفية إجراء الغزو. الافتراضات المعروفة المقبولة للموقف التي لا يمكن التحقق منها، لكن كان يُعتقد أنها مفهومة عمومًا، التي استندت إليها جميع القرارات الأخرى.
الأولويات الاستراتيجية
بدأت الأولويات الإستراتيجية لكل من إدارتي أيزنهاور وكينيدي بوقف انتشار الشيوعية ومنع المزيد من التطرف في أمريكا اللاتينية. كانت الحرب ضد الشيوعية هي الجهد العالمي الذي تبنّته الولايات المتحدة وشكلت الاتجاه السياسي الوحيد الذي قدمه الرئيس أيزنهاور تجاه أمريكا اللاتينية. لتحقيق ذلك، تابع الرئيس أيزنهاور بنجاح استخدام العمل السري في غواتيمالا. قبل الرئيس كينيدي وجهة النظر هذه وقرر المضي قدمًا في الغزو الكوبي السري الذي خطط له سلفه بوصفه الوسيلة الفُضلى لوقف الشيوعية في كوبا.
كانت الأولوية الاستراتيجية الثانية التي اعتمدها كينيدي هي تحسين العلاقات مع الاتحاد السوفيتي. بالقرب من الإطار الزمني الذي كان من المفترض أن يحدث فيه الغزو، طلب كينيدي التزامًا بعقد أول قمة أمريكية-سوفيتية لمناقشة حالة العلاقة المتوترة. أدرك الرئيس كينيدي أن أي ارتباط أمريكي بمحاولة انقلاب قد يعرقل المحادثات. وأهم من ذلك أن كينيدي كان يعتقد أن مثل هذا الإجراء، إذا أعلِن عنه، قد يوفر ذريعة للاتحاد السوفيتي لاتخاذ إجراء علني تجاه برلين الغربية. ومع ذلك، أراد الرئيس كينيدي المضي قدمًا في العملية بسبب التقارير التي تفيد بأن الكوبيين كانوا يحصلون على دعم عسكري متزايد من الاتحاد السوفيتي، واستلزم الموقف اتخاذ إجراء.
الأولوية الاستراتيجية الثالثة كانت الإنكار المعقول. انتقد كينيدي إدارة أيزنهاور لتخليها عن وعود الرئيس روزفلت لأمريكا اللاتينية، ولم يكن يريد أن يفسد رئاسته في بدايتها بتوريط الولايات المتحدة في تدخل آخر. كان كينيدي حساسًا للتصور السلبي لدبلوماسية الحرب الأمريكية في أمريكا اللاتينية، ولم يكن على استعداد لإفساد علاقة هشة بالفعل مع المنطقة بالانخراط في الإطاحة بكوبا علنًا. أدى تقييم الرئيس كينيدي لما حدث في غواتيمالا إلى ثقته بالعملية السرية ضمن وكالة المخابرات المركزية، ويبين ذلك استمرار الاعتماد على ألين دالاس وريتشارد بيسل، المسؤولين الرئيسيين عن عملية «ساكسيس».
الأولوية الاستراتيجية الأخيرة كانت الحاجة إلى اتخاذ إجراء سريع. خلال حملته الرئاسية، قطع كينيدي وعودًا بأن يكون حاسمًا، وقد دفعه هذا الضغط الذي فرضه على نفسه، إلى جانب عدم إدراكه لمدى تعقيد العملية، إلى التصرف على عجل. ضمنت هذه الأولويات الأربع أن الخيار الوحيد الممكن لإزاحة كاسترو هو العمل السري الفوري.
الافتراضات الفاشلة
التزامًا بالأولويات المذكورة سابقًا، مضى كينيدي قدمًا بافتراضات تبدو حميدة حول فهمه للموقف والثقة في التعامل مع مستشاريه، التي أثبتت أنها قاتلة لفرص نجاح عملية زاباتا.
بدايةً، افترض الرئيس ومجموعته أنهم كانوا يحسنون تقييم البيانات، وهذا لم يكن صحيحًا. كان الافتراض الأول والأهم أن الفريق يدرك بدقة جميع جوانب المشكلة. وُلد مفهوم التفكير الجماعي من دراسة الكوارث الكبرى، التي سيصبح خليج الخنازير حالة رئيسية فيها. كان الرئيس وكبار قادته بحاجة إلى أن يكونوا أكثر تشككًا في العملية والنتائج المحتملة بناءً على الظروف المتغيرة التي استمر كينيدي بفرضها، مثل إلغاء الجولة الثانية من غارات القاذفة B-26. إن قدرة الطاقم حول الرئيس كينيدي على الانسجام التام تقريبًا حول مثل هذه العملية المعقدة والموافقة على تنفيذها دون إثارة اعتراضات انتقادية نموذج مذهل لتأخر الإدراك.
أدت ثقة المجموعة بشأن قدرتها على اتخاذ القرار مباشرةً إلى فشل العملية. وُجدت اعتراضات على العملية جرى التعبير عنها للمرة الأولى في مذكرة لوكالة المخابرات المركزية، أشارت إلى أن الظروف المحيطة بنجاح الانقلاب في غواتيمالا لا تماثل الظروف في كوبا. سلطت المذكرة الضوء على أن فيدل كاسترو يتمتع بدعم شعبي، على عكس الرئيس الغواتيمالي، وأنه يوجد «تزامن فريد بين العوامل المواتية» و«حظ لا يُصدق» سمح للانقلاب الغواتيمالي بالنجاح. أشار إلى الاعتراضات ذاتها بمزيد من التفصيل مساعد الرئيس آرثر شليزنجر، مع ذلك، اقتنع الرئيس كينيدي بالتعامل مع التداعيات المحتملة للعملية بدلًا من إلغائها.
كان الافتراض الخاطئ الثاني هو اعتقاد كينيدي بأنه يستطيع الاعتماد اعتمادًا كافيًا على وكالة المخابرات المركزية وهيئة الأركان المشتركة للحصول على نصائح تكتيكية وردود فعل جيدة لتغييراته في الأوقات الحاسمة. لسوء الحظ، فشل مدير عملية زاباتا في وكالة المخابرات المركزية، ريتشارد بيسل، في التواصل بوضوح بشأن تأثير تغييرات كينيدي في نجاح المهمة.
أدى قرار الرئيس كينيدي المتأخر بمنع أي مشاركة أمريكية خلال الغزو، والتخفيض الأولي لـعدد قاذفات B-26s والإلغاء اللاحق للغارة الجوية الثانية، إلى تغيير طابع العملية كليًّا. لم يُبلغ الرئيس بوضوح بالآثار المحتملة على العملية إلا بعد وقوع كل حدث. من جانبها، فشلت هيئة الأركان المشتركة في تحليل العملية من كثب لأنها لم تكن تخصّها، لذا فإن تأكيداتها أدت فقط إلى تعزيز الاعتقاد بسلامة الخطة بصرف النظر عن التغييرات التي أجريت.
جزء من هذا التقدير الخاطئ -العميق رغم ذلك- داخل وكالة المخابرات المركزية، كان حقيقة أن سرية عملية زاباتا جعلت قسم التحليل بوكالة المخابرات المركزية لا يقدم رأيًا عمليًا لمفهومها. لذلك، خلت تعليقات وكالة المخابرات المركزية من التحليل النقدي قبل الوصول إلى الرئيس، ما أدى إلى تفاقم مشكلة تقديم المشورة الخاطئة. وهكذا، اتخذ كينيدي قرارات تكتيكية تحت قيود تعظيم إمكانية الإنكار المعقول، التي غيرت جذريًا قدرة قوة الغزو وزادت من الصعوبة التي واجهتها، كل ذلك دون اعتراض كبير من الخبراء الفعليين.
كان الافتراض الفاشل الرئيسي هو تقدير الوضع الكوبي. اجتمعت قدرة الحكومة على حشد الدعم وولاء القوات المسلحة وتعزيز العلاقات الكوبية السوفيتية لخلق سيناريو حيث لا توجد فرصة لانتفاضة شعبية بتحريض من قوة غزو صغيرة، دون دعم مباشر من الولايات المتحدة. لم تحدث انتفاضة شعبية لأن الحركة الكوبية السرية لم تعلم بالغزو. في حين كان كاسترو على علم بالغزو الوشيك لأن عملية تجنيد الكوبيين في ميامي نبهت مخبري كاسترو. بحلول وقت الغزو، عزز الاتحاد السوفيتي علاقته بكاسترو وقدم المعدات والأسلحة للدفاع الكوبي. أدت هذه الافتراضات الفاشلة إلى اتخاذ قرارات مباشرة بشأن الأولويات التكتيكية وضخمت الحسابات التكتيكية الخاطئة الموجودة بالفعل، ما أدى في النهاية إلى فشل العملية.
استنتاج
استندت جميع الأولويات التي حددها الرئيس كينيدي إلى التهديدات السياسية والجيوسياسية التي واجهتها إدارته، واعتمدت القرارات التي اتخذها بشأن جميع جوانب عملية زاباتا على سلسلة من الافتراضات الفاشلة. هذه الافتراضات الأساسية، مثل الظنّ أن نصيحة الرئيس قد فحصتها بدقة وبالكامل الوكالات ذات الصلة، وأن كل مستشار يؤمن بالفعل باحتمالية النجاح الذي يدعيه، والظنّ أن الوضع في كوبا نفسه معروف جيدًا كانت كلها معيبة بشدة. وكان ثمة تأخر في الإدراك، إذ تزايدت الحاجة إلى قيادة تنفيذية تراقب العملية بدقة مع كل تغيير يُجرى. عمّت ظاهرة التفكير الجماعي العملية وأدت إلى قبول الشروط التي جعلت الوضع التكتيكي غير قابل للنجاح.
الدرس الحقيقي الذي يجب استخلاصه من هذا المثال هو أن القيادة الإستراتيجية يجب ألا تكتفي بمجرد الاعتقاد بأنه نظرًا إلى أن العملية مبررة ومخطط لها جيدًا، يمكن الاعتماد على هذه الخصائص ضمانًا للنجاح. لا يكفي الذكاء والأهمية والسرعة لتحصين العمليات المحفوفة بالمخاطر مثل الانقلابات السرية من الفشل. خليج الخنازير ليس سوى دراسة حالة واحدة عندما اجتمعت جميع العوامل المتغيرة في حالة فشل كبير. ومع ذلك، كما أشارت مذكرة وكالة المخابرات المركزية مجهولة المصدر، قد تؤدي «العوامل المواتية» و «الحظ غير المعقول» أيضًا إلى نجاح كبير. نجحت عملية غواتيمالا في جزء كبير منها بسبب حكومة أربينز المخلوعة التي ظنّت أن الولايات المتحدة ستتبع التمرد بدعم عسكري. في كوبا، كان كاسترو مستعدًا للقتال ورحب به لتعزيز قضيته. القادة في نهاية المطاف، هم العامل الحاسم في هذا النوع من الإخفاقات الحرجة.
اقرأ أيضًا:
تسع مرات تاريخية كادت أن تشتعل حرب نووية بينما كان العالم في غفلة
كل ما تود معرفته عن حرب فيتنام
ترجمة: يحيى سليمان
تدقيق: مازن النفوري
مراجعة: أكرم محيي الدين