إن استكشاف الفضاء هو موضوع مثير جداً، وأحد أسباب إثارته هو وجود الكثير من الاحتمالات الممكنة للقيام بذلك، مثل إطلاق صاروخ إلى المريخ في وقت قياسي باستخدام التفاعلات النووية. إنها خطة غريبة نوعاً ما، ويجري وضعها من قبل العلماء الروس، وهي من أوائل الخطط التي أوجدت حلاً لمسألة العودة إلى الأرض من الكوكب الأحمر بعد الوصول إلى هناك.
المشاريع الحالية، بما في ذلك تلك المقرّرة من قِبَل وكالة ناسا لثلاثينيات القرن الحالي، لا تأخذ بعين الاعتبار عامل الوقود أو الموارد الخاصّة برحلة العودة، ما يعني أنه يتوجب على أوائل البشر المستوطنين أن يعيشوا ما تبقى من أيامهم هناك. بالإضافة لذلك فإن المقترحات السابقة قدَّرت وقت الرّحلة بحوالي 18 شهرًا، ممّا يعني أنّ رواد الفضاء سيكونون أكثر عرضة للإصابة بالعديد من الأمراض والعلل على طول الطريق .
في الواقع، إن الشركة الروسية الوطنية النووية Rosatom لديها فكرة ضخمة لسفينة فضاء تعمل بالطاقة النووية، وذلك ليس بالمفهوم الجديد تمامًا: كل من روسيا والولايات المتحدة الأمريكية كانتا تعملان على أنظمة مماثلة خلال الحرب الباردة في ستينيات القرن الماضي وخلال الفترة التي تَلَت ذلك، على الرغم من أن جهودهم كانت متركزة على الأقمار الصناعية المدارية خفيفة الوزن بدلاً من المركبات الفضائية التي تنقلنا إلى المريخ وترجعنا منه مرة أخرى.
وأحد أكبر العوائق سيكون التكلفة. فكما يقول نيكولاي سوكوف Nikolai Sokov مشارك كبير في مركز جيمس مارتن لدراسات منع الانتشار النووي في ولاية كاليفورنيا: “هذا الاستخدام الجديد للطريقة النووية لا ينبغي أن يكون بعيداً جداً، ليس معقداً جداً، ما سيكون مكلفاً حقًا هو تصميم سفينة تحيط بهذه الأمور”.
في حين أن ممثلي Rosatom لم يتطرقوا للتفاصيل حول آلية عمل تكنولوجيا الشركة، فمن المرجح أن تكون شكلا ًمن أشكال الإنشطار الحراري، حيث يتم استخدام الحرارة من الذرات المنشطرة لحرق الهيدروجين أو مادة كيميائية أخرى ممّا سيوفر الدفع لسفينة الفضاء. من حيث المبدأ فإن ذلك مشابه لآلية الدفع الكيميائية، حيث أن مادة كيميائية ما (مؤكسِدة) تحرق مادة كيميائية أخرى (المادة المسؤولة عن الدفع) وذلك من أجل تغذية عربة ما بالطاقة.
الفرق الرئيسي هو أنه في عملية الدفع الكيميائي ستحتاج إلى المزيد والمزيد من الوقود، ما يجعل المركبة أثقل وأثقل، وهي مشكلةٌ بإمكان الإنشطار الحراري حلها. إذا كان الفريق الروسي ناجحاً في مسعاه (وهذه جملة شرطية كبيرة وتحقيقها أمر غير مؤكد) عندها يمكن لهذا البحث أن يساعد على تحسين تقنيات الأقمار الصناعية الدوارة وربما المساهمة في إنشاء مُجَمِّع للنفايات الفضائية على حواف الغلاف الجوي للأرض.
توضح Rosatom: “سفينةٌ فضائيةٌ مجهزةٌ بمحرك نووي من المتوقع أن يكون لها 30 ضعفاً من احتياطي الطاقة مقارنةً مع سفن الفضاء التقليدية. إن التصاميم التي نعمل على تطويرها ستمكن البشرية من بناء سفن فضاء بإمكانها معالجة كل التحديات التي تتعلق بالفضاء في القرن الـ21، مثل نقل البضائع وإزالة الحطام الفضائي، تجنب التصادم مع الكويكبات .. الخ.”
ووفقًا للشركة فإنّ النموذج الأولي سيكون جاهزاً لاختبار الطيران في عام 2018، وذلك إذا استطاعوا الحصول على التمويل. أفاد نيك ستوكتون Nick Stockton من موقع Wired بأن Rosatom خصصت 15 مليار روبل فقط لهذا المشروع (أي حوالي 700 مليون دولار أميركي!)، والتي أُطلق عليه “شديد الرخص بالنسبة لمشروع فضاء يمتد على مدى 15 عامًا”. ويضيف على سبيل المقارنة أنه من المتوقع أن يكلّف نظام الإطلاق الفضائي التابع لناسا ما يقترب من 10 مليارات دولار.
سيكون علينا أن ننتظر ونرى ماذا يخبئ علماء الصواريخ الروس في جعبتهم في السنوات القليلة المقبلة.