باستخدام مرصد ALMA في تشيلي، قدّم علماء الفلك الرصد الأكثر دقةً لتفكك سحب الغاز إلى نوى كثيفة، والتي بدورها تصبح أماكن ولادة النجوم او تشكل النجوم . وجد علماء الفلك أن آلية التفكك واضحة إلى حدٍ ما، وناتجة عن ضغط السحابة والجاذبيّة. تلعب مكونات معقدة أخرى مثل الخطوط المغناطيسيّة أو الاضطراب دورًا أقل مما كان يعتقد.
نشهد ولادة النجوم عندما تنهار سحب الغاز والغبار. حينما تصبح أحد مناطق الانهيار حارةً وكثيفةً بما فيه الكفاية لتبدأ الانصهار النووي؛ يولد النجم.
بالنسبة للنجوم العملاقة -تلك التي تزن أكثر من 8 مرات كتلة الشمس في مجموعتنا الشمسيّة- فهذا جزء من الصورة فقط. لا تولد النجوم الكبرى في الكون بشكل فرديّ، بل تولد من سحب عملاقة من جزيئات الغاز، والتي تُشكّل بدورها سلسلةً من الشظايا؛ تلك الشظايا التي تلد النجوم.
لطالما تساءل علماء الفلك إذا ما كان نظام التشظي (fragmentation-mode الذي يقوم بتشكيل النجوم يتطلب آليات فيزيائيّة مختلفة أكثر من تلك التي تُشكّل النجوم منخفضة الكتلة. تضمنت الاقتراحات اضطراب حركة الغاز والتي من الممكن أن تُعطّل استقرار المنطقة وتقود إلى انهيار أسرع، أو الحقول المغناطيسيّة التي تساعد على استقرار المنطقة وبالتالي تؤخر الانهيار.
يجب أن تترك الآليات المختلفة آثارًا واضحةً في المناطق التي تحصل فيها ولادة النجوم المتعددة. يحصل الانهيار الذي يقود إلى تشكّل نجوم ذات كتلة كبيرة على سلم من مستويات مختلفة.
على أكبر مقياس؛ يتضمن تشكل النجوم او ولادة النجوم سحب جزيئات عملاقة، والتي تتكون غالبًا من غاز الهيدروجين ويمكن أن يصل حجمها من 10 إلى أكثر من 100 سنة ضوئيّة. داخل هذه السحب يوجد كتل كثيفة نوعًا ما، تحديدًا بطول عدة سنوات ضوئيّة. تحتوي كل كتلة على نواة مُكثّفة أو أكثر؛ قطرها أقل من 1/5 سنة ضوئيّة. داخل كل نواة، يقود الانهيار إلى تشكيل نجم واحد أو عدة نجوم. مع بعضها البعض، تشكل النجوم الناتجة في نواة الكتلة عنقودًا نجميًا.
مقاييس التجزئة الواضحة:
تعتمد مقاييس التجزئة هذه -ذات المستويات المختلفة- على الآلية المشاركة. يمكن كتابة النموذج الأبسط باستخدام فيزياء تدرس في الثانوية؛ غاز مثالي له ضغط يعتمد على درجة حرارته وكثافته. في سحابة غاز مبسطة، والتي يفترض أنها ذات كثافة ثابتة، يجب أن يكون الضغط قويًّا بما فيه الكفاية في كل مكان لموازنة قوة الجاذبيّة (الجاذبية الناتجة عن قانون نيوتن الأول)، حتى في مركز السحابة، حيث يوجد الدفع الداخلي الناتج عن الجاذبية لكل أجزاء المادة المحيطة في أقوى حالاته. عند كتابة هذا الناتج، سنجد أن السحابة ذات الكثافة الثابتة هي فقط من يمكن أن تصل إلى الحجم الأقصى. إذا وجدت سحابة أكبر من الحجم الأقصى، الحجم الذي ندعوه طول جينز، عندها تتجزأ السحابة وتنهار.
هل يتم السيطرة على شظايا العناقيد النجمية الحديثة عن طريق العمليات النسبيّة؟
لا تحتاج ذلك، فقد بنى بعض علماء الفلك سيناريوهات معقدة أكثر، والتي تتضمن تأثير الحركة المضطربة للغاز في سحب الغاز وخطوط الحقل المغناطيسي. غيّرت الآلية المضافة من ظروف استقرار السحابة وزادت بشكل مثالي مقاييس تجزئة الأنواع المختلفة. تقدّم التنبؤات المختلفة لقياس السحابة طريقةً لاختبار الفيزياء البسيطة بالمجابهة مع قريناتها المعقّدة، هذا ما يعتزم بيوثر وزملائه العمل عليه عند مراقبة منطقة تشكل النجوم أو ولادة النجوم والتي تعرف بالرمز G351.77-0.54 في كوكبة سكوربيوس الجنوبيّة. تنبأت الملاحظات الأخيرة أنه في هذه المنطقة يمكن التقاط التشظي عند حدوثه، ولكن لم يكن أي من تلك الملاحظات قويًا بما فيه الكفاية ليرينا أصغر مقياس من الاهتمام للإجابة عن سؤالنا حول مقاييس التشظي للنوى النجمية المتروكة وحيدةً في بنيتها الفرعيّة.
مرصد ALMA يأخذ أفضل صورة حتى الآن:
تمكن بيوثر وزملاؤه من فعل أكثر مما هو متوقع، استخدم الفريق مرصد ALMA في صحراء في تشيلي، دمج مرصد ALMA المشاهدات المجمّعة من 66 تلسكوبًا للوصول إلى دقة تساوي 20 ميلي ثانيةً قوسيّةً (وحدة قياس الدرجات في الفضاء)، والتي تمكن علماء الفلك من تمييز التفاصيل أكثر ب 10 مرات من أي تفصيل تمت ملاحظته بتلسكوب راديوي من قبل، وحساسيتها منقطعة النظير، تلك التوليفة أدت إلى اكتشافات في علم الفلك لم نشهد لها مثيلًا من قبل.
استخدم بيوثر وزملاؤه مرصد ALMA لدراسة منطقة تشكل النجوم ذات الكتلة الكبيرة والمعروفة بالرمز G351.77-0.54 ووصلوا إلى النوى الفرعية الأصغر من 50 وحدةً فضائيّةً (بعبارة أخرى، أصغر ب 50 مرةً من المسافة بين الأرض والشمس). يقول بيوثر: «هذا مثال مهم على دور التكنولوجيا في تقدّم علم الفلك، لن نتمكن من الحصول على نتائج أبحاثنا لولا الدقة المكانية والحساسية غير المسبوقة لمرصد»ALMA.
تشير نتائج الفريق بالإضافة إلى الدراسات السابقة لنفس سحب الغاز على مقاييس أكبر، إلا أن فيزياء الغاز الحراريّة هي الرابح الأكبر، حتى عندما نتكلم عن نجوم عملاقة للغاية؛ كلا حجمي الكتل داخل السحابة كما تظهر الملاحظات، والنوى داخل الكتل وحتى بعض أساسات النوى؛ هي كما تم التنبؤ بها من خلال طول جينز، دون الحاجة لمكونات إضافيّة. يُعلّق بيوثر على ذلك قائلًا: «في حالتنا، توفر نفس الفيزياء توصيفًا موحدًا. يبدو أن التشظي من المقياس الأصغر وصولًا للمقياس الأكبر محكومًا بنفس العمليّة الفيزيائيّة».
أقراص التنامي الصغيرة، تحدي جديد:
التبسيط هو أفضل هبة للتوصيفات العلميّة. مع ذلك، توفر نفس الملاحظات كشفًا سيُجبر علماء الفلك على متابعة عملهم. بالإضافة لدراسة التشظي، كان بيوثر يحاول اكتشاف بِنية النجوم حديثة الولادة protesters داخل السحابة. يتوقع علماء الفلك أن تكون هذه النجوم حديثة الولادة محاطةً بقرص دوار من الغاز، المعروف باسم قرص التنامي. داخل هذا القرص وعلى حافته يسقط الغاز من سحب الغاز باتجاه النجم الناشئ ما يسبب في زيادة كتلته. بالإضافة إلى أن الحقول المغناطيسيّة الناتجة عن حركة الغاز المتأين والغاز نفسه تتفاعل مع بعضها لتنتج تيارات مركزة تدعى بالنفاثات، والتي تقذف بعضًا من المادة إلى الخارج عموديًا على ذلك القرص. يحمل الضوء الخافت من تلك المناطق آثارًا واضحة (توسع دوبلر للخطوط الطيفيّة) لحركة الغبار، والتي بدورها تتعقب حركة الغاز. لكن ما كان يأمل بيوثر ومعاونوه إيجاده هو آثار واضحة لقرص التنامي، فقد وجدوا بشكل أساسي آثار النفاثات، والتي تقطع مسارًا سلسًا نسبيًا خلال الغاز المحيط. بوضوح، فإن أقراص التنامي أصغر مما كان يعتقد العلماء، وهذا يمثل تحديًا مستقبليًا للملاحظات ذات الدقة المكانيّة.
تدقيق مينا خلف