بحلول اليوم العالمي للإيدز، هناك ما يقارب ال 35 مليون مصاب حول العالم، ولذلك فمن المهم أن نقوم بتصحيح الكثير من المفاهيم المغلوطة حول هذا المرض وطرق انتشاره.

كيف ينتقل فيروس عوز المناعة البشري بين الأشخاص ؟

ينتقل الفايروس من شخصٍ لآخر من خلال السوائل الجسدية والتي تشمل الدم، والسائل المنوي، والإفرازات المهبلية والشرجية، والحليب، وتحدث الإصابة عند تبادل هذه السوائل من خلال عملية ممارسة الجنس بشكلٍ غير محمي، او استخدام الحقن الملوثة بشكلٍ متكرر سواءً في حقن المخدرات أو أي شيءٍ آخر، أو من خلال الإرضاع من الأم المصابة إلى طفلها، أو خلال عمليات نقل الأعضاء أو الدم من الأشخاص المصابين إلى أخرين أصحاء.

كذلك فإن الفيروس لا يستطيع النجاة خارج الجسم فلا يمكنه أن ينتقل إليك عبر لمس الأشخاص المصابين أو عناقهم أو أن تأكل معهم بنفس الملاعق أو الصحون أو حتى استعمال فرشاة الأسنان ذاتها.

ولا ينتشر عبر السعال أو العطاس أو البصاق ولا يتواجد في الإدرار أو البراز.

واحتمال أن تنتقل العدوى عبر التقبيل أو الجنس الفموي منخفضةٌ جدًّا.

فالخطورة الوحيدة تكمن في وجود تقرحاتٍ في الفم أو نزيف اللثة.

ولكن لم تُسجَّل أية حالةٍ لانتقال العدوى عبر اللعاب.

وبشكلٍ أهم، فانَّ الكثير من الفضل يعود إلى التقدم الطبي لعلاج فيروس نقص المناعة البشري، بحيث أنَّ الأشخاص الحاملين للمرض دون أي أعراض، فرصهم في نقل العدوى هي صفرٌ حرفيًّا في حال تناولهم للعقاقير المناسبة.

يختلف الإيدز عن فيروس عوز المناعة البشري وكلاهما لا يعتبر حكما بالموت

يرمز مصطلح HIV الى فيروس عوز المناعة البشري والذي يصيب ويهاجم الجهاز المناعي لدينا، في حال عدم اتخاذ الإجراء اللازم والعلاج المناسب فإنَّ عدد خلايا الدم البيضاء سينخفض لما هو أقل من 200 خلية في المايكرو ليتر، حيث يُشخَّصُ المصابون وقتها بالإيدز AIDS المصطلح الذي يرمز الى متلازمة نقص المناعة المكتسبة، والتي تمثل المرحلة الاخيرة من الإصابة بال HIV.

أن تكون شخصًا مصابًا بفايروس عوز المناعة البشري أو الإيدز فإنَّ ذلك لا يعني أنَّك محكومٌ بالموت.

فهناك أكثر من ثلاثين علاجًا تمت الموافقة عليها من قبل الحكومة الأمريكية، وهناك أيضا علاجات مختلفة لاسترجاع الأعداد الصحية من خلايا الدم البيضاء.

وبالرغم من أنَّ هناك شخصٌ واحدٌ فقط قد تم علاجه، لا يزال فيروس عوز المناعة البشري بدون علاج، أمَّا من يؤمن بأنَّ هناك علاجًا للفيروس ولكن تقوم كل من الحكومة الأمريكية وشركات العلاج الكبرى بإخفائه، فإنَّهم يزيدون من تعاسة الاشخاص المصابين.

من جهةٍ أخرى فإنَّ فيروس نقص المناعة البشري، يتشابه إلى حد ما مع فايروس SIV الذي يصيب القرود والذي يعتقد العلماء بأنَّ للطفرات الوراثية دورٌ في تحوُّله إلى فيروس نقص المناعة البشري.

فقد كان لصيادي الطرائد البرية وباعة اللحوم المصابين بهذا الفيروس في المدن الأفريقية الواقعة الى الجنوب من الصحراء الأفريقية دورٌ في انتشاره، بالإضافة إلى الاستعمار الأوروبي وليس كما يُشاع بأنَّ هناك من مارس الجنس مع القرود.

كما أنّ لتوسُّع المدن الإفريقية كنتيجةٍ للاهتمامات الأوروبية دورٌ كبيرٌ في انتشار الأمراض المنقولة جنسيًّا بصورة ٍعامة بما فيها ال HIV.

إنَّه الجهل هو ما يقتل المصابين

هناك الكثير من الطرق لمنع انتقال العدوى بالفيروس والحد من انتشاره، فالأم الحامل مثلًا تستطيع أن تحمي طفلها من خلال تناولها للعقاقير المضادة لانتقال الفيروسات القهقهرية Antiretroviral therapy، والدم والأعضاء التي يتم نقلها يجب أن يتم فحصها للتأكد من خلوها من المرض، والواقي الذكري جيدٌ بما فيه الكفاية للحماية أثناء ممارسة الجنس، أو تناول العقاقير الوقائية قبل الإصابة بالمرض Pre-exposure Prophylaxis (وهي مجموعة من العقاقير يتناولها الأشخاص الغير مصابين بالفيروس لمنع حدوث الاصابة) والتي تتطلب منك أن تتناول حبةً واحدةً يوميًّا لتتم حمايتك، كذلك فإنَّ الأشخاص بإمكانهم أن يتناولوا العقاقير الوقائية بعد انتقال العدوى Post-exposure Prophylaxis لمنع حدوث الإصابة وازدياد الأمر سوءً.

والآن بعد أن اتضح وجود العديد من الطرق والحلول لمنع انتشار المرض، كيف أمكن أن تسجِّل الإحصاءات وجود أكثر من 50 ألف حالةٍ جديدةٍ من الاصابات سنويًّا؟ حسنا، السبب الرئيسي هو الجهل وقلة التوعية.

فالناس يجهلون القيام بعمليات الفحص الدورية للتأكد من عدم إصابتهم، كما أنَّهم يجهلون أن الاصابة بالفايروس يمكن التعامل معها بالشكل الصحيح دون الوصول إلى الحالات المتقدمة المستعصية.

عادةً ما ينتشر الفيروس بين الأقليات التي تشعر بالاضطهاد والعزلة عن المجتمع، فتُمثل نسبة الأمريكيين ذوي الأصول الأفريقية حوالي 46 بالمئة من المصابين الجدد كل عام، بينما تشكل نسبة الرجال المثليين حوالي 63 بالمئة.

ويكمن السبب في انتشار الفيروس في القطاعات المهمشة من المجتمع، ليس كما يدعي السياسيون والدعاة إلى أنَّه عقاب، إنَّما إلى عوامل المجتمع كالفقر، وقلة التوعية، وضعف الرعاية الصحية، والعنصرية، ورهاب المثلية، التي تمنع المجموعات والأفراد من طلب المساعدة.

ولا ينحصر الجهل وقلة التوعية في الأشخاص المصابين، ولكنه يشمل باقي شرائح المجتمع، فإن لم يتم تعليم الناس أساسيات التعامل مع الفيروس والمصابين به، فكيف يمكنهم التفهم؟ كمثالٍ على ذلك حين صرَّح عضو البرلمان في ايرلندا الشمالية، بأنَّه لا يملك أدنى فكرة عن مقدرة الأشخاص مغايري الجنس في التقاط العدوى بفيروس عوز المناعة البشري.

وأوضح توم هايز أحد الإداريين في حملة Saving Lives UK بأنَّ أحدًا لم يتطرق للتوعية بمواضيع تخص انتشار الفيروس أو التعامل معه منذ ما يقارب ال 27 عامًا، ففي عام 1989 كانت آخر حملةٍ حكوميةٍ في بريطانيا، في حين بعض البلدان مثل كندا تقوم بهذه الحملات بشكلٍ سنويٍّ تقريبًا، ومن المقلق جدًّا بأن ترى تدهور الوعي العام، من محدوديته في الأعوام الماضية الى انعدامه في اليوم الحاضر.

بالإضافة إلى ذلك، هناك بعض الأشخاص الذين يقومون بنشر معلوماتٍ مغلوطةٍ عن الفيروس، من ناحية طرق انتقال العدوى أو كيفية التعامل معها، حيث تعتمد فكرتهم على نظرية المؤامرة مدَّعين بإن فيروس عوز المناعة البشري غير موجود وأنَّ مراكز علاج المثلية قادرةٌ على تغيير ميول الفرد.

وبالرغم من كلِّ ما تمَّ توضيحه عن إمكانية التعامل مع الفيروس، لا يزال الاشخاص المصابون يعانون من وصمة العار التي تلاحقهم ويكافحون بين أفراد المجتمع، لذلك من فضلك كن دومًا على اطلاعٍ بما يجري من حولك وحاول أن تُقدِّم الدعم لنشر التوعية ومكافحة وضع هذه العلامات على الأشخاص.

  • ترجمة: مصطفى الشوك.
  • تدقيق: بدر الفراك.
  • تحرير: عيسى هزيم.

المصدر