يحمل الأشخاص الذين ينحدر أسلافهم من الجزر الشرقية في جنوب شرق آسيا أدلةً كثيرةً على تهاجنهم مع إنسان الدينيسوفان ، مع ذلك لا توجد أي آثار مشابهة لثلاثة أعضاء آخرين من عائلة البشر معروف أنهم عاشوا في هذه المنطقة: الإنسان المنتصب وإنسان فلوريس وإنسان كالاو المكتشف مؤخرًا. مع ذلك، فإن وجود هذه الأنواع البشرية الأخرى قد ترك على الأرجح إرثًا مهمًا ساهم في نجاة بعض الحيوانات الكبيرة.
اكتشاف أن معظم البشر المعاصرين ورثوا بعض الجينات من إنسان نياندرتال شكّل صدمةً في وسط الأنثروبولوجيا.
تبع ذلك دليل على وجود المزيد من الميراث الموضعي من إنسان دينيسوفان، وهو فرع من البشرية المبكرة نعرفه فقط من حفنة من العظام والحمض النووي المحفوظة في رواسب الكهوف.
كان السؤال الواضح هو: أي فروع أسلاف أخرى للعائلة البشرية تعيش فينا؟
عُثر على بعض الأدلة بهذا الخصوص، لكننا لا نعرف شيئًا تقريبًا عن هويتهم أو حول ما حدث.
من أكثر الأماكن الواعدة للحصول على مثل هذه المساهمات في الجينوم البشري هي الجزر التي تشكل الآن شرق إندونيسيا والفلبين وغينيا الجديدة.
نوعان بشريان هما إنسان فلوريس الملقب بالإنسان القزم وإنسان كالاو، المعروفان فقط في الجزر التي أعطتهما اسميهما، وربما نجا النوعان فترةً كافية لمقابلة أول وصول بشري حديث.
كان يُطلق على الإنسان المنتصب الذي انتشر على نطاق واسع اسم رجل جافا استنادا إلى موقع اكتشافه الأوّلي.
حقيقة أنه لم يُسترد الحمض النووي المتبقي من أحافير أي من هذه الأنواع يمثل عقبةً أمام اكتشاف تراثهم في داخلنا، مع ذلك، قارن الدكتور جواو تيكسيرا من جامعة أديلايد جينومات الأشخاص الأستراليين وتراث الجزر المختلفة مع تلك الموجودة في البر الرئيسي الآسيوي، حيث حُلِلت بحثًا عن متواليات ذات سمات تشير إلى أنها قد تفرعت من العائلة البشرية التي تباعدت عن البشر المعاصرين في وقت أبكر بكثير من الدينيسوفان، قبل أن يعيدها التهجين.
في مجلة Nature Ecology & Evolution، أعلن تيكسيرا ومؤلفون مشاركون أن هذه الطريقة لم تكشف عن أي علامات لما يسمونه الحمض النووي البدائي جدًا لأشباه البشر، لا يوجد أيضاً حمض نووي للإنسان القزم في سكان فلوريس مثلًا.
من ناحية أخرى، أكدت الدراسة نتائج التقارير السابقة التي تشير إلى أن أعلى نسبة وراثة تخص إنسان الدينيسوفان تكمن بين السكان الأصليين لأستراليا، وسكان غينيا الجديدة، والجزر المجاورة أيضًا ليست بعيدة عن الركب.
قال الدكتور جواو تيكسيرا في بيان أرسل عبر البريد الإلكتروني: «تشير مستويات الحمض النووي للدينيسوفان في السكان المعاصرين إلى تزاوج كبير حدث في جزيرة جنوب شرق آسيا».
يبقى اللغز المطروح بعد هذا، لماذا لم نعثر على أحافيرهم جنبًا إلى جنب مع البشر القدامى الآخرين في المنطقة؟
المؤلف المشارك البروفيسور كريس هيلجن من معهد أبحاث المتاحف الأسترالي، أخبر موقع IFLScience أن من المحتمل جدًا أن يكون إنسان الدينيسوفان قد عبر حدود والاس، حيث تتغير النباتات والحيوانات في جزيرة جنوب شرق آسيا بشكل جذري. مع وصول البشر المعاصرين إلى المنطقة، من المحتمل أنهم واجهوا العديد من الأنواع البشرية، لكنهم لم يتزاوجوا بنجاح إلا مع إنسان الدينيسوفان، ربما لأن الآخرين بدوا غرباء جدًا ليكونوا رفقاء جذابين، أو كانوا مختلفين من الناحية البيولوجية من أجل التزاوج وإنتاج ذرية خصبة.
مع ذلك، يعتقد البروفيسور هيلجن أن تواجد البشر قبلنا ربما يكون قد ساعد على تحصين الحيوانات الكبيرة ضد تقنيات الصيد البشري في هذه الجزر، ما منحها فرصةً للتكيف مع التقنيات الأقل تعقيدًا، وهذا من شأنه أن يفسر سبب بقاء أنواع مثل تنين كومودو والجاموس الفلبيني على قيد الحياة عند وصول الإنسان الحديث، بينما لم تنجُ نظيراتها الأسترالية.
أخبر البروفيسور كريس هيلجن موقع IFLScience أن الاختلافات التشريحية تجعل من غير المحتمل أن يكون البشر في الجزيرة قد انفصلوا عن الدينيسوفان، وبدلاً من ذلك، يبدو أن الجزر كانت ملتقى للعديد من فروع البشرية. وأضاف أن العديد من الأدلة تشير إلى أن سولاويزي هي المكان الأكثر احتمالًا للعثور على دليل لمثل هذه المقابلات، ما يجعل الجزيرة من بين أكثر الأماكن إثارة في العالم بالنسبة لعلم الإنسان القديم.
اقرأ أيضًا:
الصورة التقليدية التي يستخدمها الجميع لتوضيح نظرية التطور خاطئة
ترجمة: منير ندي
المدقق: باسل حميدي