ازداد معدل الإصابة بسرطان القولون للأشخاص دون سن 50 بشكل كبير على مدى السنوات العشر الماضية. واستجابةً لذلك؛ أصدرت لجنة العمل المسؤولة عن الخدمات الوقائية في الولايات المتحدة توصيات جديدة معدلة تنص على تغيير سن بدء الفحص الموصى به لسرطان القولون من سن 50 إلى 45 عامًا. يمكن أن يتضمن الفحص أيضًا اختبارات لفحص البراز أو اختبارات الفحص بالمنظار أو التصوير المقطعي وتنظير القولون.
وقد ارتفعت معدلات الإصابة بسرطان القولون والمستقيم عند الذين يبدون أصحاء تحت سن الـ50؛ وذلك وفقًا لبحث أجري مؤخرًا، والمسؤولون الصحيون المعنيون يتخذون الإجراءات المناسبة لذلك.
أصدرت لجنة العمل المسؤولة عن الخدمات الوقائية الأميركية (USPSTF) في الآونة الأخيرة توصيات جديدة تنص على أن يبدأ فحص سرطان القولون في سن 45 بدلًا من سن 50 عامًا.
ومع أن ما يقارب 90٪ من حالات سرطان القولون والمستقيم تحدث عند من تزيد أعمارهم عن 50 عامًا، فقد ارتفعت حالات سرطان القولون والمستقيم لدى البالغين الذين تقل أعمارهم عن 50 عامًا، وفقًا للمعهد الوطني للصحة NIH.
وحسب دراسة نشرت في أبريل عام 2021 في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية وجدت أن سرطان القولون والمستقيم سيصبح السبب الرئيسي للوفيات المرتبطة بالسرطان بحلول عام 2030 للفئة العمرية من 20 إلى 49.
قال الطبيب هادون بانتيل جراح الكولون والمستقيم في بيانٍ له: «نحن نشهد ارتفاعًا واضحًا في سرطان القولون والمستقيم في الأجيال الشابة».
وتوجد دراسة جديدة تؤكد فائدة البدء المبكر بالفحص. وتأتي التوصيات الجديدة بعد أن أصدرت لجنة الخدمات الوقائية الأمريكية مسودة توصية أولية تنص على خفض العمر الموصى به لبدء فحص سرطان القولون والمستقيم من 50 إلى 45 سنة في أكتوبر الماضي. وقد أكدت دراسة حديثة نسبية نشرت في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية أن الفحص الروتيني لسرطان القولون والمستقيم لا يقلل فقط من خطر التشخيص بالإصابة بالسرطان والموت، ولكن الفائدة الكبرى كانت من نصيب أولئك الذين بدؤوا الفحص في سن الـ45.
يقول الدكتور ميشيل باري: «الكثير من الناس في الولايات المتحدة لا يتلقون هذه الخدمة الوقائية المنقذة للحياة. نأمل أن تؤدي هذه التوصية الجديدة بفحص الذين تتراوح أعمارهم بين 45 و49 عامًا -إلى جانب توصيتنا القديمة بفحص الذين تتراوح أعمارهم بين 50 و75 عامًا- إلى منع موت مزيد من الأشخاص بسبب سرطان القولون والمستقيم».
عوامل الخطورة لسرطان القولون
بعض الناس أكثر عرضة للإصابة بسرطان القولون والمستقيم وفقًا لديفيد برنشتاين اختصاصي أمراض الجهاز الهضمي في نيويورك، وهناك عوامل خطورة قابلة للتلافي، وأخرى لا يسعنا تلافيها.
يقول برنشتاين: «أتفق تمامًا مع التوصيات الجديدة وأعتقد أنه من المنطقي تمامًا القيام بذلك». ويشير إلى أن أهم المخاطر الأخرى لحدوث لسرطان القولون والمستقيم هي:
- تناول نظام غذائي غني باللحوم الحمراء.
- السمنة (البدانة).
- التدخين.
- تناول الكحول.
ووفقًا لبرنشتاين، فإن الذين يعانون من مرض التهاب الأمعاء، وخاصة التهاب القولون التقرحي، هم من الأكثر عرضة لخطر الإصابة، مثلهم كأولئك الذين لديهم تاريخ عائلي من سرطان القولون أو حالات خاصة مثل متلازمة لينش أو البوليبات الغدية العائلية.
ويقول: «إذا فكرت في عوامل الخطورة، فهناك عوامل لا يمكنك السيطرة عليها، ولا يمكن تغييرها، مثل تاريخ العائلة، وهناك عوامل يمكنك السيطرة عليها. ربما يمكنك تقليل كمية اللحوم الحمراء التي تأكلها، ويمكنك ممارسة الرياضة أو إنقاص وزنك».
ويشير أيضًا إلى أنه إذا كنت تدخن أو تشرب كميات كبيرة من الكحول، فإنك تستطيع العثور على طريقة للتوقف.
الأميركيون من ذوي الأصول الأفريقية يتأثرون بشكل متباين
سرطان القولون والمستقيم هو ثالث أكثر أنواع السرطان شيوعًا في الولايات المتحدة وثاني أكثر الأسباب شيوعًا للوفيات المرتبطة بالسرطان. وحسب دراسة أظهرت أن الأميركيين من ذوي الأصول الأفريقية يتأثرون ويصابون بسرطان القولون والمستقيم بشكل متباين، وبمعدل أكثر بـ20% من البيض وكذلك هو حال التباين الكبير في معدلات الوفيات بهذه السرطانات عند السود.
تقول إيلينا إيفانينا اختصاصية الهضمية في مستشفى لينوكس هيل في نيويورك: «في الولايات المتحدة، ترتفع معدلات الإصابة بسرطان القولون والمستقيم ومعدل الوفيات بين مجموعة السكان الأمريكيين الأفارقة، ولاسيما بين الرجال. مقارنةً بالمجموعات العرقية أو الإثنية الأخرى؛ في هذه المجموعة، يحدث سرطان القولون والمستقيم أيضًا بمعدل أعلى في سن أقل من 50».
الأسباب الكامنة وراء هذه المعدلات المرتفعة للإصابة بسرطان القولون في الأميركيين الأفارقة بحاجة إلى بحوث أكثر توازنا ودقة، ولكن عدم المساواة والعنصرية في إعطاء العلاج والحصول على الرعاية الصحية قد يكون عاملًا مهمًا أيضًا.
تقول الدكتورة إيفانينا: «إن أهم إجراء للوقاية من هذا المرض، إلى جانب إجراء تغييرات ضرورية في نمط وأسلوب الحياة، هو تنظير القولون بشكل روتيني».
وتضيف: «إن أهم طريقة لمنع أو الحد من خطر الإصابة بسرطان القولون هو تنظير القولون بشكل دوري واستئصال الأورام الحميدة قبل السرطانية»، وقالت أيضًا: «تشمل عوامل تغيير نمط الحياة الأخرى ممارسة النشاط البدني المنتظم وتناول نظام غذائي متوازن وغني بالألياف».
تنظير القولون ليس الخيار الوحيد
تقول الدكتور دوري رويديل فيرارو الأستاذة في كلية إدلفي للتمريض والصحة العامة: «أعتقد أنه من المهم أن نفهم أن الأفراد المعرضين لخطر متوسط للسرطان يمكن أن يخضعوا للفحص الدوري مع إجراء فحص البراز لهم أو الفحص البصري».
وتوضح أن تنظير القولون هو إجراء يتم عن طريق إدخال أنبوب طويل ومرن مزود بكاميرا في المستقيم.
وتضيف فيرارو قائلةً: «هذا يسمح للطبيب بتصوير الأمعاء الغليظة للكشف عن أي تشوهات مثل الأورام الحميدة أو السرطانية، وأخذ عينات من الأنسجة إذا لزم الأمر. لكن ليس كل شخص بحاجة إلى إجراء تنظير القولون».
وفقًا لفيرارو، يوجد اختبارات أخرى لفحص سرطان القولون والمستقيم أقل توغلًا تعتمد على فحص البراز يمكن إجراؤها سنويًا، مثل:
- اختبار البراز الكيميائي المناعي.
- اختبار فحص الدم الخفي في البراز المعتمد على الغواياك.
- اختبار كولوغارد (فحص حمض DNA في البراز).
وتؤكد الدكتورة فيرارو على الدور الذي يلعبه التمريض والممارسين الطبيين في كشف سرطان القولون عن طريق الفحص الدوري والوقاية منه: «وأيضًا يمكنهم تقييم حالة المرضى ومدى خطورة حالتهم، وتقديم المشورة المناسبة لهم فيما يتعلق بأنماط الحياة الصحية، والحفاظ على الوزن المناسب، والنشاط البدني المنتظم، والوجبات الغذائية الصحية ومناقشة إجراء الفحص والمسح مع المرضى وفقًا لتوصيات USPSTF المحدثة».
العلامات التي تشير لخطورة واحتمالية الإصابة بسرطان القولون
يقول برنشتاين أن هناك علامات خاصة يجب البحث عنها: مثل التغيير في عادات التغوط وسلوك الأمعاء، ولا سيما حدوث الإمساك بشكل مفاجئ، وتغيير في قوام البراز فيصبح رفيعا كالقلم. وأن أحد الأعراض الأخرى التي يجب البحث عنها أيضًا هو رؤية دم أحمر في البراز أو ألم البطن غير المبرر.
ويحذر الدكتور من خطورة هذا السرطان لأن معظم الناس لا تظهر عليهم الأعراض، وهذا هو السبب الذي يجعل تنظير القولون مهمًا جدًا في الكشف عن السرطان. والاختبار أيضًا لا يكشف وجود السرطان فقط، بل يفيد في الوقاية منه من خلال العثور على أي تنشّؤٍ ونمو غير طبيعي (الأورام الحميدة) والتي تعتبر سلائف للسرطان (مرحلة قبل سرطاني).
ويوضح أنه نظرًا إلى أن تنظير القولون يفيد في الوقاية من سرطان القولون باستئصال الآفات قبل السرطانية من خلال الكشف عن السرطان نفسه، فمن الأفضل البدء في إجراء اختبار المسح والفحص الدوري مبكرًا.
يقول: «من المنطقي تمامًا خفض سن إجراء المسح الدوري من 50 إلى 45 وأعتقد أن ذلك سينقذ الكثير من الأرواح».
ويشدد برنشتاين على أهمية الكشف المبكر عن السرطان لأنه كلما اُكتشف في مراحله المبكرة قبل أن ينتشر، كان ذلك أفضل بغض النظر عن حجم هذا السرطان.
اقرأ أيضًا:
متى عليك البدء بإجراء اختبارات التصوير للكشف عن سرطان القولون والمستقيم؟
ما الأطعمة التي يجب تناولها للوقاية من سرطان القولون ؟
ترجمة: محمد أمين عرار
تدقيق: أسعد الأسعد