بقلم مايك ماكراي
13 تمّوز/يوليو 2018
لقد أتى علماء الفلك بأدقّ القياسات لنسبة توسّع الكون حتّى الآن، وبالتأكيد فإنّه يبدو متسارعًا. لا يجب أن تصدمنا السرعة المتزايدة، إذ أنّنا كنّا نتوقّعها لفترة وجيزة.
وما يقوم به هذا القياس هو تقليل احتمالية المصادفة إلى 1 في 5000، ما يعني أنّنا نحتاج إلى أفكار جديدة لتفسير هذه السرعة المتزايدة.
وبعد ستّ سنوات من القياسات المرتكزة على استخدام ناسا الذكي لتلسكوب هابل، احتسب علماء الفلك نسبة تمدّد الكون بنسبة عدم تأكد تبلغ 2.3 بالمئة فقط.
نحن نعلم أنّ الفضاء يتوسّع، وقوّة الدفع التي تكمن خلف انتفاخ الفضاء، أيًّا ما تكون، تمّ تحديد كمّيّتها برقم: ثابت هابل، الذي يتمّ قياسه بالكيلومتر في الثانية في الميغابارسيك.
وكما يمكن أن تتوقّع، فإنّ الأدوات التي استخدمناها للوصول إلى هذا الرقم أنتجت أجوبة مختلفة قليلًا.
والأغلبية تميل إلى القول إنّ الكون يتسارع بنسبة تفوق 70 كيلومتر في الثانية في الميغابارسيك (حوالي 44 ميل في الثانية في الميغابارسيك).
لكن هنالك أداة واحدة تعطينا نتيجة مختلفة كلّيًّا.
عبر تحليل خلفيّة الأشعة الكونيّة، وصدى الضوء الذي ما زال يتردّد في الفضاء منذ 13.8 بليون سنة، تمّ الحصول على ثابت هابل برقم أقرب إلى 67.8 كيلومتر في الثانية في الميغابارسيك (ما يقارب ال 42 ميل في الثانية في الميغابارسيك). هذا لا يبدو اختلافًا كبيرًا، لكنّه كافٍ لجعل علماء الفلك يتوقّفون عنده.
يقول رئيس باحثي الدراسة الأخيرة آدم ريس من معهد علوم تلسكوب الفضاء (STScI) وجامعة جونز هوبكنز: «إنّ المجتمع متورطٌ في صراع ليفهم معنى هذا التضارب».
ويستنتج الفائزان بجائزة نوبل في التسعينات براين شمييدت ونيكولاس ستانزيف أنّ توسّع الكون ليس إلى نقصان، بل إلى زيادة.
وهكذا نتائج من هابل وبلانك تؤكّد أنّ الكون كان يتوسّع على الأرجح بشكل أبطأ في الماضي البعيد.
ومع هذا، فإنّ علماء الفيزياء والفلك لا يحبون المراهنة على الأرجحيّة، لذلك فإنّهم يبحثون عن طرق جديدة لتصفية هذه الأرقام على أمل التوفيق بينها أو إظهار شيءٍ ما لم ننتبه لوجوده من قبل.
يستخدم فريق (ريس هابل) لجمع البيانات المتعلّقة بأشياء تدعى (نجوم سيفيد المتغيّرة).
وإلى حدٍّ كبير تشبه الضوء المنبعث من المستعرات، يمكن الاعتماد على ضوء نجوم سيفيد بشكلٍ كافٍ لتكون مقياسًا مجرّيًا معتمدًا وصلبًا. يمكننا أن نكون متأكّدين أنّ النجوم الأكثر بهتانًا هي نجومٌ بعيدة، لا أقلّ إشعاعًا.
وقد درس الباحثون في هذه الدراسة نجوم سيفيد في مجرّتنا في بادئ الأمر لتحسين العلاقات بين السطوع الظاهر والمسافة.
البيانات الموجودة بالفعل كانت مبنيّة فقط على حفنة من نجوم سيفيد المتواجدة على بعد يتراوح ما بين 300 و1600 سنة ضوئيّة عن الأرض.
لكن هذا الفريق ظنّ أنّه يمكنه أن يأتي بما هو أفضل من هذا، لذلك قاموا بإيجاد طريقة تمكّن تلسكوب هابل من الدفع نحو طاقته الكاملة وجمع معلومات متعلّقة بنجوم سيفيد على بعد يتراوح ما بين 6000 و12000 سنة ضوئيّة.
ولقياس بُعد هذه النجوم الدقيق، قام الباحثون بالنظر إلى تغيّرات مواقعها كلّما تحرّكت الأرض حول الشمس.
ولإعطائكم فكرة بسيطة عمّا تحوّل المنظر عليه، تخيّلوا أنّكم تحاولون قياس مسافة بعرض حبّة رمل عن بعد 150 كيلومتر (حوالي 100 ميل).
ولقد حقّقوا هذه الخطوة الجنونيّة عبر قياس موقع كلّ من هذه النجوم ألف مرّة في الدقيقة كلّ ستّة أشهر لمدّة أربع سنوات.
ويقول ريس: «أنت تقوم بقياس المسافة بين نجمين، ليس في مكان واحد على الكاميرا، لكن فوق آلاف المرّات، مع تخفيف الأخطاء في القياسات».
قام العلماء بالبحث عن نجوم سيفيد بين المجرّات مسلّحين ببيانات أفضل، واستطاعوا الوصول إلى رقم أقرب إلى 73.45 ± 1.66 كيلومتر في الثانية في الميغابارسيك (45.64 ± 1.03 ميل في الثانية في الميغابارسيك) مّا يخفّف من عدم الدّقة في الرقم لتسجيل رقم قياسي يبلغ 2.3 بالمئة، ويخطّط ريس الآن لجمع بيانات حول 50 نجم سيفيد لدفع تلك الدّقّة بشكل أكبر.
هذا يخفّف من احتمالية اختلاف القياسات التي حدثت بالصدفة على مدى عمر الكون. هناك شيء ما يحدث.
هل هي قوى غامضة تدعى الطاقة المظلمة؟ هل هي دليل حاجتنا أن نغيّر تفكيرنا حول شكل الكون؟ أم هي نوع غامض من الفيزياء يدعى الإشعاع المظلم؟
ضعوا رهانكم الآن يا أصدقاء. لأنّ الفيزياء على وشك أن تصبح غريبة.
نُشِر إصدار من هذه المقالة لأوّل مرّة في شباط 2018، والبحث منشور الآن في مجلّة الفيزياء الفلكية (The Astrophysical Journal).
- ترجمة: منال جابر
- تدقيق: علي فرغلي
- تحرير: صهيب الأغبري
- المصدر