انفتاق القرص أو انتباجه أو الانزلاق الغضروفي، أيًا كان ما يُطلق عليه، فإن هذه الحالة قد تكون مؤلمةً جدًا في جميع الأحوال. يصيب الانزلاق الغضروفي غالبًا الأفراد في بداية سن البلوغ أو منتصف عمرهم؛ نتيجةً لضغط شديد على عمود فقري كان سليمًا في البداية.
يتكون العمود الفقري من سلسلة عظام تُسمَّى الفقرات، تفصل بينها أقراص هلامية، تدعم تلك الأقراص المفاصل عند التعرض لصدمات، وتُمكن حركة العمود الفقري، وتُبقي الفقرات في مكانها.
يحدث الانزلاق الغضروفي نتيجة تسرب الجزء اللين داخل القرص (النواة اللب البينفقري) إلى الجزء الخارجي الصلب (الحلقة الليفية)؛ يؤدي ذلك غالبًا إلى تهيج الأعصاب المحيطة به نتيجةً للأنشطة التالية:
- رفع الأجسام وسحبها.
- الانحناء والالتواء.
تساهم وضعية الجسم السيئة إضافةً إلى ظروف ومتطلبات العمل الشاقة جسديًا أيضًا في رفع احتمالات الإصابة.
يؤدي الانزلاق الغضروفي إلى الشعور بالألم وتضعف المناطق التي تغذيها تلك الأعصاب المتضررة داخل العمود الفقري.
اعتلال الجذور العنقية
يُطلق هذا المصطلح على الألم الناتج عن انفتاق أحد أقراص الرقبة أو الجزء العلوي من العمود الفقري، الذي قد يمتد إلى الأكتاف أو الأذرع أو اليدين، ويُشار إليه غالبًا بالاعتلال العصبي.
تشير الأكاديمية الأمريكية لجراحي العظام إلى احتمالية الشعور بحرقة أو نخز أو ألم في المناطق سابقة الذكر نتيجة الإصابة بالاعتلال، والذي قد يؤدي في حالات حادة إلى فقدان الإحساس بتلك المناطق وشلِّها.
العلاج
توجد وسائل علاجية عديدة يمكن تطبيقها لعلاج الانزلاق الغضروفي.
ترشح الغالبية العظمى من الأطباء اللجوء في المقام الأول إلى مسكنات الألم والراحة الجسدية والعلاج الطبيعي وعلاجات أخرى واقية قبل التفكير بالعمل الجراحي.
قد تخفف التمرينات الرياضية من ألم الرقبة الناتج عن الانزلاق الغضروفي سريعًا، وذلك عبر ممارسة تمرينات معينة تهدف إلى دفع القرص إلى الخلف بعيدًا عن جذر العصب.
يُنصح باستشارة الطبيب دائمًا قبل البدء في أداء التمرينات المنزلية.
تمرينات الرقبة لتخفيف ألم الانزلاق الغضروفي
ينصح الطبيب خوسيه جيفارا -من المركز الإقليمي الطبي في أتلانتا- بأداء التمرينات التالية:
تمديد الرقبة
يمكن الاستلقاء على الظهر فوق طاولة أو سرير بحيث يكون أسفل الرقبة متحاذ مع حافة السطح المستلقى عليه، ومن ثم أرجع الرأس للخلف ببطء وحذر ليتدلى من حافة السطح. في حال ازداد شعور الألم بالرقبة أو الشعور بألم في إحدى الذراعين يجب التوقف فورًا عن أداء هذا التمرين.
على خلاف ذلك، يمكن إبقاء الرأس متدليًا لمدة دقيقة، ثم إراحة الرأس لمدة دقيقة أخرى، وتكرار ذلك من 5 مرات إلى 15 مرةً.
تمديد الرقبة مع رفع الرأس
يمكن الاستلقاء على البطن فوق طاولة أو سرير بحيث تكون الذراعين على الجانبين، والرأس متدلٍ من حافة السطح، وثم رفع الرأس ببطء وحذر إلى الأعلى وبسط الرقبة ضد الجاذبية. ومن ثم البقاء في هذا الوضع لمدة تتراوح بين 5 و10 ثوانٍ، ثم تكرار ذلك من 15 إلى 20 مرةً.
قبض عضلات الرقبة (انقباض الذقن للداخل)
يمكن الاستلقاء على الظهر والرأس على السرير بحيث تكون الذراعين على الجانبين، ومن ثم قبض الذقن إلى الداخل ناحية الصدر للحصول على ذقن مزدوج Double chin (لغد)، وبعد ذلك يجب البقاء في هذا الوضع لمدة تتراوح بين 5 و10 ثوانٍ، ثم تكرار ذلك من 15 إلى 20 مرةً.
قبض عضلات الكتف
يمكن الجلوس أو الوقوف حيث يكون الظهر مواجهًا للحائط، ثم ثني الذراعين بزاوية 90 درجة، ثم سحب الكتفين للأسفل وللخلف ودفع ظهر الذراعين إلى الحائط مع قبض (ضغط) عضلات الكتف سويًا.
المسكة متساوية القياس (Isometric hold)
يمكن الجلوس باستقامة ورخي عضلات الكتف، ووضع الكفين على الجبهة، ومن ثم دفع الرأس والكفين كل منهما باتجاه الآخر بقوة متساوية فلا يتحرك الرأس بالفعل، يمكن الاستمرار في ذلك لمدة تتراوح بين 5 و15 ثانيةً، ثم تكرار ذلك 15 مرةً.
تمارين تمدد عضلات الرقبة لتخفيف الألم
قد تفيد تمارين التمدد في حالات الإصابة بانتباج القرص أو انفتاقه. وننوه لأمر أن تمارين الإطالة يجب ألَّا تزيد الألم، فمثلًا إذا شعر الفرد في أثناء التمرين بألم مفاجئ بذراعيه وأسفل كتفيه فعليه التوقف فورًا، الهدف من تلك التمارين هو تخفيف الألم لا تحفيزه.
الانحناء الجانبي
يمكن الجلوس باستقامة ورخي الكتف، ثم إمالة الرأس ببطء إلى أحد الجانبين -وكأن الشخص يريد لمس كتفه بأذنه- والبقاء في هذا الوضع لمدة 30 ثانيةً، ثم الرجوع لوضع الاستقامة ليرتاح الرأس، يمكن تكرار ذلك في اليوم بالتبادل لكلا الجانبين من 3 إلى 5 مرات.
تمارين تمدد العضلات الأخمعية
الجلوس باستقامة وإرخاء الكتف، ثم قبض اليد اليسرى على ذراع الكرسي، وبعد ذلك ترك الكتف ينزلق للأسفل. إمالة الأذن اليمنى ببطء نحو خلف الكتف الأيمن والاستمرار على هذا الوضع لمدة 30 ثانيةً، إراحة الرأس بالعودة إلى وضع الاستقامة، ثم تكرار ذلك بالتبادل لكلا الجانبين من 3 إلى 5 مرات في اليوم.
تمارين دوران الرقبة
يمكن الجلوس باستقامة وإرخاء الكتف، ثم إدارة الرأس لأحد الجانبين بحذر، يجب عدم المبالغة في لف الرأس للخلف؛ لتفادي لَي (التواء) الرقبة، ومن ثم البقاء في هذا الوضع لمدة 30 ثانيةً ثم إدارة الرأس ببطء إلى الأمام متوجهًا إلى الناحية الأخرى، يمكن تكرار هذا التمرين من 3 إلى 5 مرات في اليوم.
تمارين يجب تجنبها
ينصح الطبيب سيث نوباردت -جراح العمود الفقري العنقي الحاصل على شهادة البورد (Board)- بتجنب أي نشاط عالي الكثافة أو التأثير على العمود الفقري خلال فترة التعافي.
قد تزيد ممارسة التمرينات التي تتضمن حركات شديدة مفاجئة من الألم بدرجة كبيرة؛ مثل: الجري والقفز ورفع الأثقال، وبالتالي إبطاء عملية الشفاء، أو حتى التسبب في مشكلات مزمنة.
يمكن المشاركة في أنشطة معتادة عديدة، ولكن من المهم تعديل الأنشطة التي تتطلب مستويات عالية من الجهد والطاقة، لتلائم حالة الشخص لرقبة صحية دون ألم.
تعد التمارين منخفضة الكثافة مهمةً لعملية الشفاء؛ إذ تحفز زيادة تدفق الدم إلى العمود الفقري، وتقلل حدة القلق، وتحافظ على قوة العضلات التي تحمي المفاصل.
بحثت دراسة منذ عام 2009 مدى فاعلية المعالجة الفعالة Active treatment (تشمل العلاج الطبيعي والتمرينات المنزلية) والمعالجة السلبية Passive treatment (عبر ارتداء طوق العنق والحصول على أقساط كافية من الراحة) لعلاج اعتلال الجذور العنقية مقابل منهج «ترك الإصابة على حالها ومتابعة ماذا قد يحدث».
أظهرت النتائج أن كل من المعالجة الفعالة والسلبية كان لهما تأثير إيجابي على مستوى الألم والإعاقة لدى أفراد هاتين المجموعتين في الأسابيع الستة التي تلت التجربة، على عكس أولئك الذين لم يتلقوا أي نوع من العلاج (المجموعة الثالثة).
تمحو تلك التجربة -المنضبطة المعشاة (RCT)- الشكوك فيما يتعلق بالتأثير السريع لممارسة التمارين على شفاء اعتلال الجذور العنقية مقابل مجرد اتباع منهج الانتظار والترقب.
اقرأ أيضًا:
ستة تمارين لعلاج الديسك جربها قبل التفكير بالجراحة
الانزلاق الغضروفي – الديسك: الأسباب والعلاج
ترجمة: سامية الشرقاوي
تدقيق: إيناس خير الدين
مراجعة: آية فحماوي
