أدى تسريب تقريرٍ عن التغير المناخي الحاصل إلى إثارة القلق حول هذه الأزمة التي تهدد الكوكب. من جهةٍ أخرى، صرح بعض الباحثين أن نتائج التقرير ليست مفاجئة. سرب التقرير الذي أعدته اللجنة الدولية للتغيرات المناخية (IPCC) إلى وكالة أنباء عالمية في باريس Agence France-Presse AFP. يذكر التقرير تفاصيل عن التأثير المستقبلي للتغير المناخي في السنوات القادمة، فهذا التغيير سيؤثر على أسس الحياة الموجودة على الكرة الأرضية عبر انعكاساتٍ عدة على المياه والغذاء، إضافةً إلى احتمالية ازدياد انتشار الأمراض والفيروسات، والانقراضات التي ستؤثر على مختلف الكائنات. ويُظهر التقرير أيضًا عدم فاعلية استراتيجية خفض نسبة الغازات الدفيئة ضد هذا التأثير.
علق دافيد شلوسبيرغ، البروفيسور في جامعة سيدني في أستراليا، قائلًا: «إن هذا التقرير الذي كان من المتوقع نشره لاحقًا ليس صادمًا للباحثين في مجال البيئة والجو».
ويستطرد شلوسبيرغ في حديثه قائلًا: «علينا العمل بنسبٍ أعلى على الخطط التي تهدف إلى تسليط الضوء ومنع الخطر الذي تسببه الحرائق والحرارة المرتفعة وارتفاع مستوى سطح البحر، فبتجاهلنا هذه الأزمة، نزيد من حدتها».
من جهةٍ أخرى، أكد الباحثون أن هذا التقرير ليس حاسمًا على صعيدٍ مناخي، فقد علق الكاتب للتقرير المُسرب والباحث في جامعة ليج في بلجيكا، فرانسوا جيمين، قائلًا: «إن التقرير الذي سُرب ما هو سوى نسخة أولية جزئية من بحثٍ امتد من نوفمبر 2020».
وصرح جيمين قائلًا: «إن النسخة المُسربة لا تعكس كل البيانات التي وصلتنا، بالإضافة إلى عدم شمولها الأجزاء التي يُجرى البحث عليها حاليًا».
وعلى رغم من ذلك، فإن التقرير المُسرب يظهر أننا متوجهون نحو نقاط تحول في نظامنا المناخي.
تعد نقاط التحول كالحاجز الذي يؤدي إلى العديد من الانهيارات على مستوى مناخي وإيكولوجي في حال تخطيه.
بعض هذه الانهيارات المناخية تتضمن ذوبان الصفائح الجليدية الموجودة في غرينلاند ما قد يؤدي إلى ارتفاع مستوى سطح البحر سبعة أمتار، إضافةً إلى تأثيرٍ سلبي قاسٍ على غابات الأمازون الماطرة ما قد يؤدي إلى انبعاثاتٍ مرتفعة من غاز ثاني أكسيد الكربون.
منذ سنين، والعلماء يحذرون من المخاطر التي قد تحصل في حال تخطينا نقاط التحول المناخي، التي يتوجه كوكبنا نحوها حاليًا.
في عام 2019، حدد عددٌ من الباحثين -بقيادة الباحث المناخي في جامعة إكستر، تيم لينون- تسع نقاط تحول مناخية ذات نسبة خطر مُهددة لنا كبشر.
ولكن وفقًا لوكالة الأنباء العالمية AFP، فإن التقرير المُسرب يحدد ما يزيد عن 12 نقطة تحول مناخي قد تؤدي إلى انهيار الأنظمة الإيكولوجية.
يعد هذا التقرير السادس الصادر عن اللجنة الدولية للتغيرات المناخية، الذي يستغله الباحثون للتحذير من المخاطر المقبلة بسبب الأزمة المناخية.
ويؤكد التقرير أن الحياة على سطح الأرض بإمكانها النجاة والتأقلم مع التغيرات الحادثة، أما البشر، فلا يمكنهم ذلك.
وبالرغم من أن التقرير السادس معرض للتعديل قبل إصداره رسميًا، إلا أنه سيكون دليلًا على تطور فهمنا للعلوم المناخية منذ أول تقرير، الأخير الذي نُشر في عام 1990.
في التقارير السابقة، تحفظوا على بعض البيانات المُقلقة، إضافةً إلى انتقاص تلك البيانات والتصميمات المناخية للأدلة القوية، خاصة مع صعوبة التقاط وتحديد نقاط التحول المناخية.
وعلق البروفيسور في علوم التغير العالمي في جامعة لندن، سيمون ويليس، قائلًا: «إن نقاط التحول المناخية كانت معرضة للإهمال في التقارير السابقة بسبب صعوبة دراسة توقيتها وارتباطها ببعضها».
ويستكمل ويليس حديثه قائلًا: «إن اللغة المباشرة المُحذرة في هذا التقرير طابعها إيجابي سببه ضرورة معرفة الناس للخطر المقبل في حال عدم التحرك ضد هذه الأزمة».
ومن جهةٍ أخرى، أكد بعض الباحثين كالباحث في جامعة موناش في ملبورن، باول ريد، أننا نملك الدليل القاطع حاليًا لتحفيز تحركٍ ضد الأزمة المناخية المقبلة.
يقول ريد: «إن التصميمات المناخية كانت دائمة التحذير من مستقبل خطر مناخيًا في ما يقارب العام 2100. لكن هذه المقاربات تتجاوز ضعف الحد الآمن للتغير المناخي (1.5 درجة مئوية) الذي وضع خلال مؤتمر باريس».
وتؤكد سوزان بارك، الباحثة في جامعة سيدني، أن التقرير يسلط الضوء على البحوثات العلمية التي اُجريت على أزمة التغير المناخي، وكيفية تأثير الأخير على حياتنا وعلى الأنظمة الإيكولوجية من حولنا.
من جهةٍ أخرى، فضل بعض الباحثين عدم التعليق على التقرير المُسرب بداعي الاحترام للعمل الذي يجري عليه حاليًا قبيل نشره رسميًا.
في ذات سياق، أكدت العالمة والباحثة المناخية هيلين مكريغور، أن نقاط التحول المناخي مصدر للقلق والخطر الدائم.
وتوضح قائلةً: «إن إرتفاع انبعاثات ثاني إكسيد الكربون سيؤدي إلى نتائج وخيمة على الصعيد المناخي، لذا فمن الأفضل خفضها قدر الإمكان».
من جهةٍ أخرى، أكدت اللجنة الدولية للتغيرات المناخية أنها لن تعلق على النسخة المُسربة بسبب انتقاص الأخيرة للعديد من البيانات، موضحةً أن التقرير سيعرض كاملًافي فبراير من العام المقبل.
لذا، يجب علينا التحرك في هذه الفترة لعكس هذه التغيرات، فقد أكد الباحثون إمكانية توقيف نقاط التحول المناخية هذه.
وكما صرح تيم لينونو وفريقه في بحثهم عام 2019: «إن سلامتنا واستقرارنا في هذا الكوكب معرضان للخطر، وإن التحرك العالمي ضد هذه الأزمة يجب أن يتخطى الكلمات فقط».
اقرأ أيضًا:
قد ينهي التغير المناخي الحضارة البشرية كما نعرفها بحلول عام 2050 وفقًا لتحليل جديد
هل نتمكن من إصلاح وعكس التغير المناخي قبل فوات الأوان؟
ترجمة: محمد علي مسلماني
تدقيق: نور عباس