الأنشطة البشرية، مثل انبعاثات الغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري واستخدام الأراضي، ساهمت في نشوء ظواهر جوية ومناخية قاسية محددة في عام 2014، بما في ذلك الأعاصير المدارية في وسط المحيط الهادي، وهطول أمطار غزيرة في أوروبا، والجفاف في شرق أفريقيا، وموجات الحر الخانقة في استراليا وآسيا، و أمريكا الجنوبية، وفقًا للتقرير الجديد الذي تم نشره في 7 نوفمبر 2015.
التقرير المسمى بـ: “تفسير الأحداث القاسية لعام 2014 من وجهة نظر مناخية”، والذي نشرته نشرة الجمعية الأمريكية للأرصاد الجوية، يتناول الأسباب الطبيعية والبشرية للأحداث القاسية الفردية من جميع أنحاء العالم في عام 2014، بما في ذلك القارة القطبية الجنوبية. وعَمِلَ علماء من الإدارة الوطنية للجو والمحيطات “NOAA” كثلاثة من خمسة محررين الرئيسيين على التقرير.
وقال توماس كارل Thomas R. Karl، الحائز على دكتوراه في العلوم الإنسانية، ومدير NOAA: “بالنسبة لكل سنة من السنوات الأربع الماضية، أظهر هذا التقرير أن الأحداث الفردية، مثل درجات الحرارة المتطرفة، تظهر ارتباطًا في غالب الأحيان بالكميات الإضافية من الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، والناجمة عن الأنشطة البشرية، في حين أن الأحداث الشديدة الأخرى، كالأحداث التي لها علاقة بتساقط الأمطار، هم أقل عرضة لتكون مرتبطة بشكل مقنع بالأنشطة البشرية”. وتابع: “ومع استمرار علم الإسناد الحدثي بالتقدم، كذلك قدرتنا على الكشف والتفريق بين آثار تغير المناخ على المدى الطويل والتقلبات الطبيعية على الظواهر القاسية الفردية. ولحين تحقيق ذلك بشكل كامل، يمكن للمجتمعات أن تستفيد جيدًا بالبحث في ما وراء مجموعة من الأحداث القاسية الماضية لقيادة جهود الحصانة من تلك الأحداث في المستقبل “.
وفي تقرير هذا العام، قامت 32 مجموعة من العلماء من جميع أنحاء العالم بالتحقيق في عدد 28 من الأحداث القاسية الفردية لعام 2014، وكشفوا عن عوامل متعددة أدت إلى الأحداث القاسية تلك، بما في ذلك مدى حجم الدور الذي لعبته التغيّرات والتقلّبات الطبيعية والتغيّر المناخي الناتج عن الأنشطة البشرية في ذلك. وعندما لا نستطيع تحديد مدى التأثير البشري لحدث بشكل قاطع بالأدوات العلمية المتاحة اليوم، يعني ذلك أنه إذا كان هنالك مساهمة بشرية، فإنه لا يمكن تمييزها عن تقلب المناخ الطبيعي.
أضاف التقرير هذا العام عملية تحليل أنواع جديدة من الأحداث بما في ذلك حرائق الغابات وذوبان الجليد في بحر القارة القطبية الجنوبية، وفي حالة واحدة من تلك الأحداث، نظروا في كيفية تأثير طريقتنا باستخدام الأراضي على هطول الأمطار.
النتائج الرئيسية لكل من الأحداث التى تم تقييمها:
في امريكا الشمالية:
زاد الاحتمال العام لحرائق الغابات في كاليفورنيا بسبب التغيّر المناخي الذي يتسبب فيه الإنسان، ومع ذلك، لم يتم إيجاد أيّة رابط لأحداث النيران لعام 2014.
على الرغم من الشتاء البارد الذي لايزال يحدث في المنطقة العليا للغرب الأوسط، لكن هذا الشتاء هو الأن أقل عرضة للحدوث بسبب تغير المناخ.
ولم تتأثر درجات الحرارة الباردة على طول شرق الولايات المتحدة بتغير المناخ، بل إن درات الحرارة في الشتاء في شرق الولايات المتحدة أصبحت أقل تغيّرًا.
وكانت الأعاصير المدارية التي ضربت هاواي كانت إلى حد كبير أكثر عرضة للحدوث بسبب التغيّر المناخي الناتج عن الأنشطة البشرية.
كمت لعب التغيّر المناخي الناجم عن الأنشطة البشرية واستخدام الأراضي على حد سواء دورًا في الفيضانات التي وقعت في البراري الكندية الجنوبية الشرقية.
حول العالم:
في امريكا الجنوبية:
أصبحت موجة الحر الأرجنتينية التي حدثت في ديسمبر لعام 2013 أكثر عرضة للحدوث بخمس مرات بسبب التغيّر المناخي الناتج عن أنشطة بشرية.
ونقص المياه في جنوب شرق البرازيل ليس مرتبطًا إلى حد كبير بالتغيّر المناخي، ولكن الزيادة السكانية واستهلاك المياه هو المتسبب بزيادة فرص تعرض تلك المنطقة لهكذا جفاف.
في أوروبا:
رقمًا قياسيا من العواصف على الجزر البريطانية في فصل الشتاء 2013-2014 لا يمكن أن تكون مرتبطة بشكل مباشر بإرتفاع درجات الحرارة التي يسببها الإنسان في غرب المحيط الهادي.
وإن الأمطار الغزيرة في المملكة المتحدة خلال فصل الشتاء من 2013-2014 لم تكن مرتبطة بتغيّر المناخ الذي يتسبب فيه الإنسان.
وكان الإعصار Gonzolo داخل المجال التاريخي لقوة الأعاصير، التي تتحوّل إلى عواصف لا مدارية في أنحاء أوروبا.
والأمطار الغزيرة في جبال CEVENNES في جنوب فرنسا أكثر عرضة للحدوث الأن عما كانت عليه في عام 1950 بثلاث مرات بسبب تغير المناخ.
زاد التأثير البشري من احتمال حدوث درجات حرارة غير مسبوقة سنويًا في أنحاء أوروبا، وشمال شرق المحيط الهادئ، وشمال غرب الأطلسي.
في الشرق الأوسط وأفريقيا:
أظهرت دراستان أن الجفاف في شرق افريقيا أصبح أكثر شدة بسبب تغير المناخ.
ولكن دور تغير المناخ في جفاف الشرق الأوسط عام 2014 لا يزال غير واضح. وأظهرت إحدى الدراسات دورًا للتغير المناخي في المنطقة الجنوبية من المشرق العربي بسوريا، في حين أن دراسة أخرى، والتي نظرت على نطاق أوسع من منطقة الشرق الأوسط، لم تجد تأثير لتغيّر المناخ.
في آسيا:
تم ربط أحداث الحرارة الشديدة في كوريا والصين بتغيّر المناخ الذي يتسبب به الإنسان.
ولم يتم التمكّن من إيجاد ارتباط قاطع للجفاف في شمال شرق آسيا والصين وسنغافورة مع تغيّر المناخ.
ويعزى الإعصار الاستوائي في الغرب الأعلى المحيط الهادي في عام 2014 إلى حد كبير للتقلّبات الطبيعية.
زادت فرصة حدوث فيضانات مماثلة لفيضانات جاكرتا المدمرة في عام 2014 بسبب التغير المناخي والتأثيرات البشرية الأخرى.
الأسباب الجوية التي أدت إلى عاصفة ثلجية شديدة في جبال الهيمالايا في عام 2014 أصبحت أكثر عرضة للحدوث نتيجة التغيّر المناخي.
وزاد التأثير البشري من احتمال ارتفاع درجات الحرارة لسطحوح البحار الإقليمية إلى درجات متطرّفة شديدة، وذلك في المنطقة الاستوائية الغربية وشمال شرق المحيط الهادئ خلال 2014.
في أستراليا:
وأشارت أربع دراسات مستقلة عن زيادة التأثير البشري الذي يتسبب في زيادة كبيرة في احتمال حدوث موجات الحر الشديدة في جميع أنحاء أستراليا في عام 2014.
ومن المرجح أن التأثيرات البشرية على المناخ زادت احتمالات ارتفاع الضغط لدرجات شديدة في جنوب أستراليا في أغسطس 2014، والتي ترتبط مع الصقيع، وتساقط الثلوج المنخفضة وانخفاض معدل هطول الأمطار.
وكذلك زيادة خطر وقوع حدث شديد كهطول الأمطار الغزيرة التي استمرت لخمسة أيام في شهر يوليو، على نورثلاند، نيوزيلندا، مثل لوحظ في أوائل شهر يوليو عام 2014، وذلك بسبب التأثيرات البشرية على المناخ.
تكوّن الجليد البحري في عام 2014 الذي ينتج بصورة رئيسية من الرياح الشاذة التي تنقل الكتل الهوائية الباردة بعيدًا عن القارة القطبية الجنوبية، معززة بذلك الديناميكية الحرارية، وبالتالي عملية إنتاج الجليد البحري الذي يحدث بعيدًا عن الشاطئ. هذا النوع من الأحداث أصبح أقل احتمالا بسبب تغير المناخ.
و قالت Stephanie C. Herring، دكتوراه، والمحرر لبرئيسي للتقرير في NOAA: “فِهم تأثيرنا على أحداث طقسية شديدة معيّنة هو علم يفتح آفاقا جديدة من شأنها أن تساعدنا على التكيُّف مع التغيّر المناخي”. وأضافت: “ومع نمو مجال علم الإسناد المناخي، يصبح بإمكان مديري الموارد، وشركات التأمين، والكثير غيرهم، استخدام المعلومات بشكل أكثر فعالية لتحسين عملية صنع القرار ومساعدة المجتمعات في الإستعداد على نحو أفضل للأحداث الشديدة في المستقبل.”