وأخيراً، دراسة حديثة تشير إلى أنه أصبح من الممكن إبطاء تطور مرض باركنسون (مقال حول باركنسون) من خلال استخدام ببتيد (peptide) بشري بإمكانه أن يوقف تشكل ألياف البروتين الخاطئ الذي يقتل خلايا الدماغ المنتجة للدوبامين. والببتيد هو سلسلة أحماض أمينية، والرابطة الببتيدية هي رابطة كيميائية تنشأ بين الأحماض الأمينية لتكوين البروتينات المختلفة وهي من الروابط القوية في البناء البروتيني.
تُشير التقديرات إى أنه أكثر من 10 مليون شخص حول العالم يعانون من مرض باركنسون، و هو اضطراب عصبي، ينتج عن خسارة خلايا الدماغ المنتجة للدوبامين، و هي مادة كيميائية مهمة في نقل الرسائل العصبية التي تتحكم بالحركة.
السبب الرئيسي وراء موت الخلايا المولدة للدوبامين عند مرضى باركنسون يرجع إلى خطأ شائع لبروتين خلوي يدعى “الفا سينوكلين” α-synuclein. التشوّه في بنية هذا البروتين تؤدي الى تجميعها سوياً على شكل ألياف طويلة تعيق الخلايا عن أداء مهامها كما ينبغي و بالتلي موتها.
ان اعراض مرض باركنسون –والتي تشمل الرجفة، التصلب والتباطؤ والتوازن غير المستقر- تسوء بشكل تدريجي، ويجد المريض صعوبة في المشي، الكلام والإعتناء بنفسه. و حتى يومنا هذا، لا يوجد علاج فعّال لمرض باركنسون، كما أشارت الدراسات الأولية، على الرغم من وجود الأدوية والجرعات التي تساعد على التخفيف من حدة الاعراض.
تُظهر دراسة حديثة – أجريت من قبل منظمة باركنسون البريطانية و جامعة باث Bath في المملكة المتحدة – كيف يمكن لببتيد، قاموا بتصنيعه، أن يساعد على ابطاء تطور مرض باركنسون. في هذه الدراسة، وجد الباحثون بأن ببتيدهم هذا بإمكانه أن يلتصق بالبروتين الفا سينوكلين α- synuclein المُشوّه ويوقفه عن التكدُّس على شكل ألياف تقتل خلايا الدوبامين في الدماغ.
يتصل هذا الببتيد بالمنطقة المشوهة من الالفا سينوكلين
بحث الفريق لصنع ببتيدهم (المؤلف من 10 أحماض أمينية) في مكتبة من الببتيدات عن المرشحين ليكونوا قادرين على الإتصال بالمنطقة المشوهة من البروتين الفا سينوكلين، بسبب طفرة تحدث عن مرضى باركنسون في المراحل المبكرة. و شرح البروفيسور جودي ماسن Jody Mason، رئيس البحث من قسم البيولوجيا والكيمياء الحيوية في جامعة باث the Department of Biology & Biochemistry at Bath، آلية عمل هذا الببتيد: “إذا شبّهنا بروتينات الفا سينوكلين المُشوَّهة بطوب الليغو التي تتكدّس فوق بعضها لتشكّل برج، فإن هذا الببتيد يلعب دور الطوب السلس الذي يحافظ على البروتين إلفا سينوكلين α- synuclein ويوقف البرج عن النمو أكثر”.
من جهة أخرى، يؤمن الباحثون بأن دراستهم هذه هي الأولى التي تهتم الى هذا الحد بالبروتين إلفا سينوكلين α- synuclein، و تضعه كهدف اساسي في سبيل معالجة مرض باركنسون.
يقول البروفيسور “ماسن” بأن عملهم هذا لا يزال في مراحله الأولى، لكن نتائجهم التي حققوها تشجعهم على الاستمرارأكثر في أبحاثهم . ويأملون بأن تكون هذه الدراسة نذيراً لنهج جديد في معالجة مرض باركنسون. الجدير بالذكر أن ماسن وزملائه يقومون الآن بالتخطيط لاختبار الببتيد في خلايا الدماغ عند الثديات ومن ثم سيبدؤون عملية تطويره كدواء يمكن استخدامه للإنسان.
كتب الباحثون في ورقتهم البحثية بأن هذه التقنية من الممكن أن تُطبَّق على أمراض الإضطرابات العصبية الأخرى كمرض الزهايمر، التي تنشأ كنتيجة لتثاقل البروتينات المُشوَّهة مع بعضها في الدماغ.
[divider]
[author ]ترجمة : مصطفى بجود | تدقيق لغوي: سامح عبيد [/author]
[divider]