اليونسكو، اختصارًا لـ «منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة»، وكالة متخصصة تابعة للأمم المتحدة، تحددت وفقًا للدستور الموقع في 16 نوفمبر 1945. دعا هذا الدستور، الذي دخل حيز التنفيذ سنة 1946، إلى تعزيز التعاون الدولي في مجالات التعليم والعلوم والثقافة. ويوجد المقر الدائم للوكالة في باريس، فرنسا.
كان التركيز الأولي لليونسكو على إعادة بناء المدارس والمكتبات والمتاحف التي دُمرت في أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية. ومنذ ذلك الحين، كانت أنشطتها تيسيرية أساسًا، تهدف إلى مساعدة الجهود الوطنية للدول الأعضاء ودعمها واستكمالها، للقضاء على الأمية وتوسيع نطاق التعليم المجاني. سعت اليونسكو أيضًا لتشجيع التبادل الحر للأفكار والمعارف بتنظيم المؤتمرات وتوفير خدمات تبادل المعلومات.
ومع انضمام العديد من البلدان الأقل نموًا إلى الأمم المتحدة منذ الخمسينيات، بدأت اليونسكو بتكريس المزيد من الموارد لمشكلاتها، التي شملت الفقر وارتفاع معدلات الأمية والتخلف الاقتصادي.
خلال الثمانينيات، وجهت الولايات المتحدة وبلدان أخرى انتقادات لليونسكو بسبب انتهاجها لمسار معاد للغرب -حسب زعمهم- إزاء القضايا الثقافية، وبسبب التوسع المستمر في ميزانيتها. دفعت هذه القضايا الولايات المتحدة إلى الانسحاب من المنظمة سنة 1984، لتتبعها المملكة المتحدة وسنغافورة.
بعد فوز حزب العمال في انتخابات عام 1997، انضمت المملكة المتحدة من جديد إلى اليونسكو، وحذت الولايات المتحدة وسنغافورة حذوها عامي 2003 و2007 تواليًا.
سنة 2011 وافقت اليونسكو على العضوية الكاملة لفلسطين. عقب ذلك أعلنت الولايات المتحدة الامتناع عن دفع مستحقات المنظمة، بسبب تشريعات الكونغرس التي تحظر تمويل أي وكالة تابعة للأمم المتحدة تقبل العضوية الكاملة لفلسطين. وبسبب المستحقات غير المدفوعة، فقدت الولايات المتحدة حق التصويت في اليونسكو سنة 2013.
سنة 2017، أعلن مسؤولون أمريكيون، مستشهدين بـ «التحيز ضد إسرائيل» وقدر المدفوعات المتأخرة، أنها -أي الولايات المتحدة- ستنسحب من اليونسكو مرةً أخرى في نهاية عام 2018. وانسحبت إسرائيل من المنظمة في الوقت ذاته.
إضافةً إلى دعم اليونسكو للبرامج التعليمية والعلمية، فإنها تشارك أيضًا في الجهود الرامية إلى حماية البيئة الطبيعية والتراث الثقافي الإنساني. مثلًا، ساهمت اليونسكو في الستينيات في جهود إنقاذ الآثار المصرية من مياه السد العالي بأسوان، ورعت سنة 1972 اتفاقًا دوليًا لإنشاء قائمة التراث العالمي، للمواقع الثقافية والمناطق الطبيعية التي تتمتع بالرعاية الحكومية. وفي الثمانينيات، اقترحت دراسة مثيرة للجدل أجرتها اللجنة الدولية لدراسة مشكلات الاتصال التابعة لليونسكو، برئاسة رجل الدولة الأيرلندي الحائز على جائزة نوبل للسلام شون ماكبرايد، نظامًا عالميًا جديدًا للمعلومات والاتصالات لعلاج مشكلات الاتصال وحرية المعلومات بوصفهما من الحقوق الأساسية للإنسان، والسعي للقضاء على الفجوة في إمكانيات الاتصال بين البلدان النامية والمتقدمة.
لكل دولة من الدول الأعضاء صوت واحد في المؤتمر العام لليونسكو، الذي يجتمع كل سنتين لتحديد ميزانية الوكالة وبرنامج أنشطتها وجدول المساهمات التي تقدمها الدول الأعضاء إلى الوكالة. ويجتمع المجلس التنفيذي المؤلف من 58 عضوًا، الذي ينتخبه المؤتمر العام، مرتين سنويًا لتقديم المشورة والتوجيه لعمل الوكالة.
الأمانة العامة هي العمود الفقري للوكالة ويرأسها مدير عام يعينه المؤتمر العام مدة ست سنوات. وتعمل نحو 200 لجنة وطنية، تتألف من خبراء محليين، بوصفها هيئات استشارية حكومية في الدول المعنية. ويُنجَز معظم العمل في اللجان الخاصة التي تُعقَد بمشاركة خبراء.
من الأمثلة البارزة على ذلك اللجنة الأوقيانوغرافية الحكومية الدولية (1961- )، واللجنة العالمية للثقافة والتنمية (1992-1999)، واللجنة العالمية لأخلاقيات المعرفة العلمية والتكنولوجيا (1998- ). وتنشر اليونسكو بانتظام نتائج هذه اللجان.
اقرأ أيضا:
لمحة تاريخية عن مدينة روما الإيطالية
ترجمة: مها الديماسي
تدقيق: أكرم محيي الدين